إطلالة نور

أمي لا تقتليني بكرمك !

محمد هنداوي
محمد هنداوي

نعم العنوان صادم ومحير بالتأكيد .. فهل يعقل أن يتصور أحد أن ُتقدم أم على قتل أبنائها تحت أى ظرف فما بالك إن كانت وسيلة القتل بسبب كرمها الزائد مع أبنائها.. فالقتل ليس شرطاً أن يكون بألة حادة أو سلاح نارى أو أى وسيلة أخرى متعارف عليها فى عالم الجريمة ، فهناك وسائل أخرى للقتل ومنها العادات الغذائية الخاطئة والسيئة.. نعم أشعر عزيزى القارئ إنك متعجب ومندهش من تلك الكلمات فكيف لأم أن تقتل ابنها بسبب كرمها فى إطعامه ، وهناك ملايين من البشر فى عالمنا العربى والأفريقى يموتون جوعاً بينهم ملايين يعانون من نقص الطعام وسوء التغذية.. وحتى لا أطيل عليك عزيزى القارئ أكثر من ذلك فأنا أتشرف أننى أحد أبناء قرى مركز الباجور بمحافظة المنوفية حيث عادات وتقاليد أهل الريف مع أبنائهم المغتربين داخلياً بسبب ظروف العمل ، ورغم ظروف عملى بالجريدة طول السنوات الماضية أحاول ألا أتأخر فى الاطمئنان على والدى ووالدتى وأفراد أسرتى بصورة أسبوعية ، ومن أخطر العادات التى تقوم بها أسر كثيرة وأعرف بعضها وأنا منهم وذلك من وجهة نظرى هى كرم الأم الزائد مع الأبناء فهى تشعر وكأن نجلها لا يأكل ولا يشرب أى شيء طوال فترة عمله بالقاهرة سواء كان عازباً أو حتى بعد زواجه واستقرار حياته الزوجية.. ففى كل مرة أزور فيها أسرتى يومى الخميس والجمعة وتحرص أمى على تجهيز أطيب الأطعمة والمشروبات بمختلف أنواعها وأشكالها والتى يمكن أن تتسبب بعضها بسبب إلحاح الأم على الأبناء بالأكل ثم الأكل ثم الأكل أن يصاب البعض بأمراض هذا الزمان سواء القلب أو النقرس أو ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية والضغط والسكر فى بعض الأحيان ، وهناك ملايين البشر الذين يموتون سنوياً بسبب التغذية الخاطئة وغير الصحية، ولسانى يريد أن يصرخ بأن الصحة تاج يا أمى على روؤس الأصحاء لا يراها إلا المرضى .. فأرجوكى يا أمى لا تقتلينى بكرمك !.

أخيراً .. أمى .. صاحبة مكانة لا يدانيها أحد.. التاج الذى يزين حياتنا.. إنكار ذات وتضحيات دون مقابل .. فيض من الحنان اللامحدود .. فاللهم أرزق أمى السعادة والصحة والعافية وطول العمر .. كل عام وأنتى يا أمى وكل الأمهات بخير بمناسبة الاحتفال بعيد الأم.