نحن والعالم

الكارت المحروق

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

دائما ما كان الغاز الروسى الذى يمثّل حوالى 43% من واردات أوروبا، «كعب خيل» القارة العجوز، خاصة مع خطط التحول للطاقة النظيفة.

ولأن الغاز الروسى أقل تكلفة وأيسر فى الإمداد فقد أعاق هذا خطط تنويع المصادر التى كانت أمريكا تحث أوروبا على اتباعها لرغبتها في فك هذا الارتباط الذى يمنح روسيا نفوذا سياسياً داخل أوروبا. لكن بروز هذا النفوذ فى الأزمة الأوكرانية الأخيرة مع عجز أوروبا عن اتخاذ قرار بقطع واردات الغاز الروسى وتلويح الأخيرة بهذا الكارت، دفع بخطط البحث عن بدائل لقمة الأولويات الأوروبية، وبدلاً من الأجندة طويلة الأجل تنويع موارد الطاقة بحلول منتصف القرن بدأ الأروبيون وضع الخطط لخفض الاعتماد على الغاز الروسى بأكثر من الثلثين خلال 9 أشهر. هذه الخطط تتضمن استيراد الغاز الطبيعى من مصادر غير روسية وزيادة الاعتماد على الغاز المسال، وتكثيف الاستثمار فى الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين والعودة للاعتماد على الطاقة النووية والنفط والفحم.

ورغم التكلفة البيئية لبعض هذه المصادر والتكلفة الاقتصادية لاستبدال الغاز الروسى والتى ستتراوح بين 60 إلى 100 مليار يورو، إلا ان أوروبا عازمة على تحويل الغاز الروسى لـ «كارت محروق».. الأمر يذكرنى بحظر الدول العربية لتصدير النفط خلال حرب 1973 والذى دفع أمريكا لتحقيق الاستقلال النفطى.

ورغم أنها ما زالت تستورد الا انها نجحت فى التحرر من قبضة الدول المصدرة للنفط بل وتكوين أكبر احتياطى محلى فى العالم. نفس الأمر سيتكرر مع روسيا، فحتى لوتجنبت الخسارة الاقتصادية ووفرت بديلا للمشترى الأوروبى، أوفشلت خطط «تصفير» صادراتها لأوروبا، ستظل خسارتها الكبرى هى النفوذ الذى كانت تملكه على خصمها التاريخى.