فى الأزمة الليبية لم تطلق مصر رصاصة واحدة تجاه الأشقاء الليبيين، وظلت يدها نظيفة ولم تتلوث بقطرة دماء ،رغم استفزازات الجماعات الإرهابية هناك، ولم تضطر للتدخل الحاسم إلا دفاعاً عن النفس، وأخذاً لثأر مواطنيها الذين قتلوا غدراً وخسة على سواحل مدينة سرت الليبية.
ووقفت مصر من القضية السورية موقف العدل والقوة والحفاظ على الدماء العربية والدفاع عن الهوية الوطنية ، وعدم المساس بوحدة سوريا، ورفضت أن تتورط فى الحرب الدائرة هناك، تحت مسميات براقة، مثل الفصل بين القوات لحفظ السلام، بينما لا يعرف أحد من يحارب من ولا كيف يتحقق السلام؟.
وظلت مصر فى ظهر الشعب السورى، مؤيدة لحقه فى الحياة والأمن والطمأنينة وعودة المهاجرين إلى بلدهم ورفع المعاناة عنهم، واستقبلتهم أشقاء أعزاء فى بلدهم الثانى مصر، متمتعين بنفس الحقوق كأخوتهم المصريين.
ولم تقترب مصر من الصراع الدائر فى اليمن، لإيمانها بأن دخول الحرب ليس سهلاً، تدعمها تجربتها فى حرب اليمن فى الستينيات التى ورطتها فى صراع دموى استمر سنوات طويلة، وكان سبباً رئيسياً فى إضعاف قواتها وتشتيت الجهد الوطنى بعيداً عن مقتضياته.
مصر لم تشارك فى تدمير العراق، وساهمت فقط فى إخراج القوات العراقية الغازية من أرض الكويت، ورفضت أن تطأ أقدام جنودها الأراضى العراقية، وعارضت بشدة إحلال قوات سلام عربية فى العراق بدلاً من القوات الأمريكية، حتى لا تجد نفسها فى مواجهة الشعب العراقى، الذى كثف عمليات المقاومة ضد القوات الأجنبية، ولا يحمل العراقيون للشعب المصرى إلا المحبة والاحترام، لأنها كانت دائماً مع وحدة الأراضى العراقية، والحفاظ على الدولة وعدم المساس بها .
هذه هى مصر التى نزهو بها.. تسالم من يسالمها وتعادى من يعاديها، تصادق ولا تغدر، تساند ولا تطلب، وتجدها فى أوقات الشدة سنداً للعروبة، وبيتاً للأشقاء الذين تضيق بهم أوطانهم، فيعيشون وسط أهلها كأنهم مصريون، ويحفظ العرب الطيبون لها الجميل، ويشيدون بها أينما وجدوا.
مصر تحوز الاحترام والتقدير، ويرفع لها الجميع التحية، لصمودها الرائع بعد 25 يناير، وإصرار شعبها على أن يسترد وطنه من بين أنياب عصابة الشر، ويعود بها بقوة وإصرار كدولة حافظت على جيشها ومؤسساتها، ووقفت على قدميها فى غضون سنوات قليلة، وإذا عادت مصر، عاد للمنطقة كلها الأمل، بعد أن تحطمت نصف الدول العربية، وتشرد ربع الشعوب العربية.. حفظ الله مصر ورعاها.