الحقيقة أن ما كُتب وصُور للأميرة ديانا أميرة ويلز كان أكبر بكثير من أي شخصية في القرن العشرين، إذ أنها كانت الأميرة ذات النصيب الأكبر من الإهتمام في كافة وسائل الإعلام، وكذلك كانت هي الأميرة الأشهر عالميًا حتى يومنا هذا، وذلك بسبب الجدل الكثير الذي أثارته عبر سنوات حياتها البالغة 36 عامًا تقريبًا.
فحياتها كانت حافلة بحالٍ يجعلنا نقف مبهورين من كم الأحداث التي مرت عليها، كأميرة وكمطلقة وسيدة مجتمع لها العديد من النشاطات الخيرية عبر ربوع الأرض، فنجدها قد قامت خلال مسيرتها بإنشاء ودعم العديد من المؤسسات الخيرية لمكافحة أمراض الجذام والإيدز والسرطان، كما قامت بأعمال إجتماعية تُحسب لها مثل مكافحة ظواهر التشرد، وكذلك دعم عمل إزالة الألغام الأرضية في مختلف أنحاء العالم.
كما جاءت قصة زواجها ومعاناتها ثم إنفصالها وإرتباطها بعلاقات عاطفية، ثم موتها في حادثٍ آليم قد صنع منها الأسطورة المعشوقة لقلوب الناس حتى يومنا هذا.
وربما كانت شخصيتها المركبة ما بين القهر أمام التقاليد الملكية البريطانية العريقة، وحبها الجامح للحرية والخروج عن التقاليد قد أفعمت الوجدان الجمعي لعموم الناس في بريطانيا على وجه الخصوص بمشاعر الحرية والخروج عن التقاليد الكلاسيكية، إذ كانت هي المطلقة الثائرة ضد بعد زوجها عنها.
ولهذا خرجت لنا أكثر من مادة فيلمية تحكي عن سيرتها الذاتية، وكيفية تناولها، وربما آخر تلك الأعمال هو فيلم Spencer للمخرج التشيلي بابلو لاريان، الذي صور تلك الفترة العصيبة من حياة أميرة القلوب، وكيف أن مشاكلها مع الأسرة المالكة قد وصلت بها لمنطقة اللاعودة، وكيف أنها قد وجدت في نفسها آن بولين زوجة هنري الثامن وضحية نزواته.
وكيف أنه قد قدم لنا الجانب العاطفي المتخبط للأميرة المتمردة، والزوجة المخدوعة، والأم البسيطة، في نُسق هاديء إعتمد على فلسفة المكان وتفاعله بها، فتجدها سجينة وسط المخمل والرياش، الأمر الذي تمكنت من تجسيدة الممثلة الأمريكية الشابة كريستين ستيوارت بمصاحبة الممثل الإنجليزي المُخضرم تيموثي سبول، والذي قدم لها البتلر البريطاني المتزمت في تقاليد الأسرة الملكية، ليصنع بوجهه العجوز المجعد الوجه القبيح للتقاليد الأرستقراطية القديمة، وبالطبع الفنان جاك فارثينج الذي قام بدور الأمير تشارلز.
ولقد اعتمد الفيلم على مونولوج الوحدة والقهر، والذي ظهر في أكثر من مشهد على أكثر من صعيد .. سواء أكان على الصعيد البصري أو السمعي.
ولا ننسى فكرة التباين في استغلال المناظر ما بين مساحات مفتوحة مبهجة تعكس لحظات الحنين داخل نفسية الأميرة الحزينة، وما بين المساحات الضيقة المتمثل في الحصار النفسي الذي باتت لا تنفك تعايشه حتى وقت انفصالها.
هذا ولا يمكننا أن نتناسى تتابع الأحداث داخليًا (باطنيًا) من خلال متابعاتها مع كبير الطهاة، وخارجيًا مع خادمتها الخاصة، بحالٍ نخرج ما بين رأيين متضاربين وهما..
هل كانت ديانا أميرة تعاني من سوء الحظ وقهر من حولها؟
أم كانت مجرد إمرأة عابثة تعاني من مشاكل نفسية واضطرابات عاطفية؟
ولا يمكننا حصر الإجابة في داخل المقال..
فلقد عاشت أميرة الخلود كأسطورة حية..
ورحلت عنا تاركة عشرات التساؤلات..
تلك التي صنعت أسطورتها..
أسطورة ديانا أميرة القلوب