فواصل

الجامعة العربية.. كلمة حق

أسامة عجاج 
أسامة عجاج 

نعم هذه الرؤية ، وذلك الرصد ، سباحة ضد التيار ، تغريد خارج السرب ، فمع كل أزمة عربية تتعالي الأصوات من الكل، حتي من بعض النخب الثقافية والسياسية، مع هتاف موحد (أين الجامعة العربية )؟ وما الذي يمنع الأمين العام من التحرك ؟وهل يكتفي ببيانات الإدانة والشجب ؟ وبعض تلك الأصوات يتحدث بدون ادراك حقيقي للمهمة التي تم تحديدها في ميثاق الجامعة لأمينها العام وبعضها الآخر من قبيل (جلد الذات)،  وأنا اتحدث هنا عن المعلقين العرب، الذين لا يتناولون في نفس الوقت فشل مجلس الأمن ومن قبله  الأمم المتحدة ،وغيرها من المنظمات الإقليمية، تجاه العديد من الأزمات، وبعضها بند دائم علي اجندة الاجتماعات منذ حقب طويلة . 

ولعل الإنصاف يقتضي منا ،ان نرصد التحرك النشط، والاستثمار المتميز، للهامش المتاح للامين العام للجامعة احمد أبو الغيط ، ومساعده الأبرز السفير حسام زكي ،وهو احد النجوم اللامعة، خريج مؤسسة الدبلوماسية المصرية العريقة، المنضم منذ سنوات لخدمة تعزيز العمل العربي المشترك، من خلال موقعه كأمين مساعد  خلال الأسابيع الماضية، تجاه أزمتين، واجهت المنطقة العربية، وتحديدًا الأزمة في السودان، بعد قرارات ٢٥ اكتوبر الماضي، وحالة الاحتقان التي سادت بين دوائر صنع القرار في السودان، والأزمة الثانية الخلاف الشديد بين لبنان وعدد من دول الخليج، بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي ، والتي استتبعها سحب السفراء بين لبنان وكلا من السعودية والبحرين والكويت والإمارات، واجراءات تتعلق بوقف التأشيرات ، وقبل الحديث عند دور الجامعة والتحرك السريع تجاه الأزمتين، علينا ان نتوقف عند بعض الملاحظات، وأولها طبيعة الأزمة، فهي خلاف بين مكونات سياسية في كلا البلدين، أضيف لها في الحالة اللبنانية، توابعها وتأثيراتها مع دول آخري ،وقد يكون هناك حساسية من تدخل الجامعة العربية تحديدًا في مثل هذه الأزمات، علي قاعدة انها أمور داخلية، ولا يحق للمنظمة العربية التدخل في هكذا أمور،  علي عكس السماح والترحيب بدور الأمم المتحدة، باعتبارها دول ذات سيادة وأعضاء في المنظومة العربية ، الملاحظة الثانية، الترحيب من كل المكونات السياسية في البلدين بهذا الدور ، وكان يمكن لها ان تتحفظ، باعتبارها ان الطلب غير معتاد علي صعيد تاريخ الجامعة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شكلت اجندة لقاءات الأمين العام المساعد السفير حسام زكي في السودان، لقاء كافة المسئولين،  وفي مقدمتهم رئيس المجلس السيادي ، وكان لافتا للنظر، ان السفير حرص علي لقاء. رئيس الوزراء عبدالله حمدوك اثناء احتجازه في منزله، حيث دار حوار مطول حول التحديات التي واجهت الفترة الانتقالية، والجهود المبذولة لدعم الحوار بين المكونات المختلفة، بما يساعد علي نجاح تلك المسيرة.

 و فيما يخص لبنان، فقد اقتصرت زيارته علي المسئولين في الدولة، الرئاسات الثلاثة، الجمهورية والبرلمان ورئيس الوزراء، وكذلك وزير  الخارجية، ومن الملاحظات الجديرة بالتوقف عندها، تلك الوضوح في طرح المشاكل، والصراحة في الكشف عن الحل،  وفي لبنان كانت الأمانة العامة  وقد تكون المرة الأولي، التي نرصد فيها مطالبة مسئول بهذا المستوي في الأمانة العامة للجامعة،  باستقالة وزير في دولة عربية، كمفتاح لحل الأزمة، يمكن البناء عليه لوقف التدهور والتصعيد بين طرفيها ، خاصة في ضوء حرص الرئاسات الثلاثة علي الإبقاء علي علاقات طيبة مع السعودية ودول الخليج الأخرى.

وبالطبع من التعسف الحديث هنا عن جدوى وثمار التدخل، من الأمانة العامة للجامعة ، علينا هنا ان نذكر حقائق منها ان الجامعة كانت جزء من تحرك من منظمات دولية واقليمية، ومن عواصم اتخاذ القرار الدولي، وقد اثمر الأمر بالاتفاق الذي تم توقيعه بين البرهان وحمدوك ،ووضع الأزمة علي طريق الحل، مع الإشارة بان تصريحات الوزير اللبناني (عرض لمرض)، علاجه معروف ، ولكن الطبقة السياسية عاجزة عن السير فيه، نتيجة الدور المتعاظم لحزب الله اللبناني،  وارتهان البلد لصالح اجندة إقليمية، دون أي اهتمام بمصالح العليا للبنان ، والمهم في نظري سرعة تحرك الجامعة، والذي لم يتوقف عند هذين الملفين فقط، بل تعداه الي الأزمة الليبية ،وكان للأمانة العامة مشاركة فعالة في مؤتمري طرابلس وباريس، لتعزيز الاستقرار  والتأكيد علي الانتخابات الرئاسية والنيابية، كما كانت طرفًا داعما لقرارات ٢٥ يوليو التي اصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد كانعكاس لمواقف عربية عديدة.