فنجان قهوة

أحلام الجنوب

يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى

 كان جزءاً أصيلاً من ذكرياتنا فى دراسة الجامعة رحلة كل سنة للأقصر وأسوان، لا يكتمل العام الدراسى إلا بها، رحلة شاقة طويلة بالقطار لكنها كانت تتجه بنا إلى حيث البهجة، اسبوع كامل بدون نوم، مرح وسعادة وغناء ومقالب لا تُنسى، وانصات إلى صوت مرشد الرحلة وهو يشرح لنا تاريخ أجدادنا العظماء ما بين معابد أسوان والأقصر، وكانت زيارة السد العالى مرة بعد مرة نرى فيه بناء مصرياً جديداً تحدى قوة الطبيعة واكتمل مع ما بناه المصريون القدماء..

مصر جميلة بكل مافيها، لكن يبقى للجنوب منها سحر خاص لا يقاوم، خلطة من أشياء لا يمكن تفسيرها تشعرك بالسعادة الكاملة ..

تذكرت رحلاتنا إلى هناك يوم الخميس بزيارة الرئيس إلى بيت عائلة بسيطة كريمة مبهجة من أسوان، زيارة سند جاءت فى وقتها بعد مافعلته السيول فى بيوتهم المعلقة على حافة النيل، كان الرئيس فى أسعد حالاته دون ادعاء، تخلى فيها حتى عن الحذر الواجب فى ظروف الكورونا، تفاعل مع العائلة الأصيلة بأكثر ما يتفاعل مع الملوك والرؤساء، قبل رأس كبيرها فى ود ومحبة، أهل أسوان أهل محبة خالصة، أتذكر كيف كانوا يمنحوننا فى رحلات الجامعة بأكثر من جنيهاتنا القليلة التوابل لكى نعود بها إلى بيوتنا هدايا عظيمة..

اللقاء بين الرئيس والعائلة كان صافيا مثل ماء النيل هناك مثل ضحكة كل طفل أسمر مثل قلوب نساء أسوان العظيمات مثل خطوط الزمن المنحوتة على وجوه الشيوخ الأجداد.. فرحت بهذا اللقاء الانسانى الذى تساوى مع عبقرية الاحتفال فى المساء على نهر النيل فى الأقصر باعادة إحياء طريق الكباش . .

ومرة أخرى، الرئيس فى أروع حالاته، مبتهجا من القلب بالتاريخ والحاضر والاحتفال والإنجاز والناس، يوما سعيدا فى حياة مصر، يوما استثنائيا فى حياة عبد الفتاح السيسى، كان كل مصرى هناك يدعم هذا الاحتفال بالدعاء، تحول الاحتفال إلى أمنية جميلة لكل مصرى أن يرانا العالم كما نستحق دائما، عظماء ونستطيع..

نجح الاحتفال لأن هناك ما صنعه لنا أجدادنا، واكتمل بجهود كل من شارك ولو بإضاءة شمعة على الممر، بذل خالد العنانى وزير الآثار والسياحة جهدا خارقا فى التفاصيل وصنع محمد السعدى ومن معه حدثا عالميا وصل إلى حيث محبى تاريخنا العظيم..

إننى أنتظر كل موسم حدثا بهذه الروعة فى كل مكان فى مصر، وأن تعود رحلاتنا الجميلة إلى الأقصر وأسوان بكل متعة زمان وبساطته .

عودة إلى ماضينا لكى نثق دائما أن بإمكاننا أن نصنع مستقبلا أجمل.