رجال صنعوا النصر| سيد زكريا قصه بطل اكتشفت بعد 22 عام

الشهيد البطل سيد زكريا
الشهيد البطل سيد زكريا

فى كل شبرٍ قصّة بطل غار على وطنه حين رآه يئنُّ بين يد المغتصبين، ولعلّ قصة الجندى الصعيدى سيد زكريا خليل، من أشد تلك القصص عجبًا، بين مئات القصص التى أبرزت شجاعة المقاتل المصرى، وهى القصة التى ظلّت فى طى الكتمان 22سنة، حتى كشفها جندى إسرائيلى، فى حفل دبلوماسى حضره السفير الإسرائيلى.
فى عام 1995 وبعد مرور 22 عاماً على حرب أكتوبر المجيدة, تسلمت السفارة المصريه فى مدينة برلين بألمانيا متعلقات جندى مصرى أستشهد فى حرب أكتوبر 1973 مفجراً المفاجأة، وهى أن هذا الجندى تمكن من إبادة سرية كاملة من القوات الخاصة الاسرائيلية, وسلم المتعلقات إلى دبلوماسى اسرائيلى والذى كان جندياً فى تلك الحرب وشاهداً على بطولة وشجاعة الجندى المصرى.

وتصدر الخبر وكالات الأنباء العالمية , وجريدة «يديعوت أحرنوت» الاسرائيلية وسطع إسم الجندى سيد زكريا خليل فى الأفق بعد إستشهاده بربع قرن من الزمان.
الشهيد البطل سيد زكريا خليل هو أحد أبناء صعيد مصر, من قرية البياضية بضواحى مدينة الأقصر، مواليد عام 1949، واكب وهو شاب صغير نكسة 1967 وحزن حزناً شديدا لما حدث بها.
وبركن خاص بالقاعة المخصصة لسلاح الصاعقة بالدور الثانى بالمتحف الحربى بالقلعة علقت لوحة نحاسية نقش عليها وجه البطل, وأسفلها طاولة عرض زجاجية بها متعلقات البطل التى سلمها الدبلوماسى الأسرائيلى وهى عبارة عن "بطاقة عسكرية لتحقيق الشخصية, وورقة فئة الجنيه, و3 ورقات فئة العشرة قروش, وقطعة معدنية فئة العشرة مليمات, وحوالة بريدية مرسلة لأهله بمبلغ 18 جنيهاً وخمسين مليماً, وتلغرافاً به عنوان المرسل إليه الحوالة وكذلك خطابان أحدهما من أخيه محمود الذى يكبره سناً وكان مجنداً بالقوات المسلحة فى تلك الفترة, يخبره فيه أنه قد سبقه بتاريخ التجنيد ويخبره بموعد أجازته الميدانية وتمنياته بأن يوفق بين أجازة أخيه لكى يتقابلا". 
أما الخطاب الثاني، فقد كتبه زكريا ليرسله إلى أخيه محمود يوصيه فيه باخوته البنات, ويطلب من أسرته ألا تحزن إن أصابه مكروه, خلال الحرب الوشيكة ولكن للأسف تأخر وصول هذا الخطاب لمدة 22 عاماً كاملة حيث حالت ظروف الحرب دون إرساله وظل داخل حافظته مع الجندى الاسرائيلى حتى سلمها للسفارة المصرية فى برلين عام 1995 وعرض بالمتحف الحربى عقب ذلك.
بالاضافة إلى ما سبق أحتوت الحافظة على تصريح أجازة بأسمه، و تلغراف من وحدته تطالبه بقطع أجازته وتسليم نفسه، وذلك لظروف بدء مناورة الخريف التى تمت العمليات الحربية تحت أسمها سراً، كل هذه المحتويات كانت داخل حافظة جلدية سوداء مقلمة بخطوط بيضاء. 

كانت للصفات التى يتمتع بها أبناء الصعيد من جلد وصبر وقوة تحمل وخشونة الطبيعة وصعوبة الحياة أثرها فى إختيار سيد زكريا ضمن صفوف الصاعقة التى أثبت فى تدريباتها مهارة فائقة دفعت به ضمن أقوى تشكيلاتها ضمن أفراد الكتيبة التى كان يقود رجالها «العميد برادة».
وفى ثانى أيام معركة التحرير كلف زكريا مع مجموعة من أبطال الصاعقة بالتوجه إلى عمق سيناء على الجانب الآخر من منطقة الممرات لمنع قوات العدو الاحتياطية من إجتياز أحد هذه الممرات, ووقف تقدمها على الأقل لمدة 24 ساعة حتى يكتمل عبور قواتنا المدرعة لقناة السويس. 
وقبل أن يأخذ الرجال أماكنهم فى الهليوكوبتر المعدة لنقلهم إلى مكان العملية, تم تزويدهم بالأسلاحة والذخائر, والأطعمة والمشروبات لكي تكفيهم لمدة 24 ساعة على الأقل. 

أقرا أيضا: رجال صنعوا النصر| اللواء فيليب زخاري: الدفاع الجوي عين القوات المسلحة الساهرة 

وأقلعت الهليوكوبتر فى الجو حتى وصلو الى النقطة المتفق عليها وبسرعة الفهود انتشر الابطال فى مسرح العملية يهيئون الأرض تجهيزاً مناسباً, ومستخدمين الثنيات الطبيعية فى ألاختباء وتشوين الذخائر فى الخلف بين صخور المنطقة, مستخدمين أعشاب واشجار المنطقة غطاء لخوذاتهم وملابسهم لتمويه وظلوا من صباح هذا اليوم فى حالة تامة من السكون, والحذر والترقب حتى عصر اليوم نفسه حينما ترامى إلى مسامعهم أصوات جنازير دبابات قادمة من جهة الشرق تعلوها طائرة هليوكوبتر تتقدمهم لتأمين الطريق ومع إقتراب مدرعات العدو وطائرته إستمروا فى سيرهم الطبيعى فى إتجاه الأبطال دون أن يبدو عليهم أنهم قد إكتشفوا الكمين الذى ينتظرهم وذلك لحسن إنتشار رجال الصاعقة المصرية, وحسن تخفيهم عن الأنظار.
وما هى إلا لحظات وكانت مدرعات العدو القادمة فى غرور نحو الممر الجبلى فى متناول أسلحة  أبطال الصاعقة المصرية وكانت لحظة البداية عندما إنفجر أحد الألغام المضادة للمدرعات التى زرعتها القوات المسلحة المصرية فى إحدى دبابات العدو وشلت حركتها, ولم يعطى رجال الصاعقة الفرصة لباقى دبابات العدو للتفكير فيما أصاب دبابتهم المندفعة أمامهم, وإنهالت القذائف عليهم فما كان منهم سوى الانسحاب للخلف فى سرعة عالية إذا ما أصطدموا بمقاومة شديدة مخلفين ورائهم عدداً من الدبابات المدمرة , والتى بدأ أفراد أطقمها فى محاولة الخروج منها, ولكن طلقات اسلحة الجنود المصرية كانت تحصد أرواحهم، وبكل السرعة المطلوبة قامت مجموعة الصاعقة المصرية بتعديل أوضاعها, واستعواض الذخائر وكما توقعوا عاد العدو فاتحاً تشكيله ممطراً المنطقة بوابل من أسلحة، مما تسبب عنه هذه المرة خسائر كبيرة بين رجال الصاعقة, ولكنهم تشبثوا بالأرض بكل القوة ودارت معركة متلاحمة بين الصاعقة المصرية بصدورهم العارية ودروع الفولاذ، وقام سيد زكريا مع رفاقه من حاملى «الآر- بى- جيه» بالتسلل بين دبابات العدو يخللوا صفوفها, ويلتفون خلفها لتجنب رشاشاتها ويصوبون قذائفهم نحوها فزادت خسائر العدو بين مدرعاته بصورة لم يكن يتوقعها فما كان منه إلا الانسحاب للمرة الثانية بعد أن فشل فى إجتياز الممر الجبلى والوصول لدعم قواته التى لم تستسلم بالحصون, ومنع تقدم القوات المصرية الزاحفة بثبات داخل سيناء.

أقرأ أيضا: رجال صنعوا النصر| 7 أكتوبر.. ملحمة «متلا» أرعبت العدو الإسرائيلي 


 جمع أبطال الصاعقة أشلاء شهدائهم, وحملوا جرحاهم للخلف للأحتماء بالمنطقة الصخرية التى يخترقها الممر, وقد اوشكت مهمتهم على الانتهاء بعد أن أوشكت الشمس على المغيب فى سكون، كان من بقى على قيد الحياة, من قوات الصاعقة  الذين بحالة تسمح لهم بحمل السلاح والمناورة قليلون، وقد إستنفذ جهدهم ونفذت معظم ذخائرهم وكانوا ينتظرون غروب الشمس للعودة سيراً على أقدامهم إلى المواقع الأمامية على بعد عدة كيلو مترات لتعيدهم إلى قاعدته, بعد أن نجحوا فى منع مدرعات العدو من المرور وماهى إلا لحظات وشاهد سيد زكريا ورفاقه طائرتى هليوكوبتر للعدو قادمتان فى إتجاههما فاتحة نيران رشاشاتهم نحوهم وخلفهما مجنزرتين إسرائيليتين تحملان سرية من القوات الخاصة الأسرائيلية.
وبدأت الهليوكوبتر فى مناوشة أبطال الصاعقة لتتيح لقواتها الخاصة الخروج من مجنزريتها وتطويق رجال الصاعقة ورد أبطال الصاعقة على الهليوكوبتر بالمثل, وفى ثبات برز سيد زكريا من خلف أحد الصخور, واصاب إحدى الطائرتين بقاذفه الصاروخى فى مقتل.
وخرج جنود العدو من مجنزراتهما فى إتجاه المنطقة الصخرية تسبقهما طلقات الرشاشين الثقيلين فوق المجنزرتين , وأستعد من تبقى من أبطال مجموعة الصاعقة  بما تبقى من ذخيرة قليلة للدخول فى معركة أخيرة حتى  أن نفذت ذخيرتهم  ومازال هناك عدد من أفراد العدو بكامل تسليحهم وأستعد أفراد الصاعقة الذين بقوا على قيد الحياة لأستخدام السلاح الأبيض فى معركة، عدا سيد زكريا الذى كانت لا تزال لديه خزائن لبندقيته الآلية وما لبث أن سقط سقط الجنديين الاسرائيلين خلف الراشاشين الثقيلين من فوق المجنزرتين, وحاول العدو تمشيط المنطقة الصخرية, فحول سيد وضع إطلاق النار إلى الوضع الفردى لكى لا تنطلق أكثر من طلقة فى كل مرة وتمكن من إحداث خسائر عالية بين  قوات العدو ولم يمنعه الأمر من إستخدام سلاحه الأبيض فى التخلص ممن وجده قريباً منه, وما هى إلا فترة وجيزة, وهدأ المكان من أصوات الطلقات وانتظر سيد زكريا, وفى حذر خرج ببطء من مكمنه يستطلع ما حوله فلم يشاهد سوى جثث زملائه شهداء الصاعقة, وحولها تتناثر أشلاء جنود الأعداء، فتحرك سيد ببطئ وحذر بعد أن أدى دوره فى منع عبور العدو من هذا الممر الجبلى طيلة اليوم بعد معارك شرسة ولما تأكد له خلو المكان من اى اثر للحياه تقدم حاملا بندقيتة الاليه فى اتجاه الممر ليعود للقوات المصريه ولم يبقى ببندقيته سوى رصاصتين فقط، واثناء سيره على حفره يختبئ بها جندى اسرائيلى بادره بعدة طلقات ليسقط شهيداً

أقرأ أيضا: رجال صنعوا النصر| «معركة الجزيرة الخضراء».. مفتاح نصر أكتوبر