فوق الشوك

حقوق الإنسان وفوضى سوق العقارات

شريف رياض
شريف رياض

حقوق الإنسان لا يمكن أن تقتصر على ما يحاول العالم الغربى أن يفرضه علينا ويطالبنا به من حريات وممارسات قد تتعارض مع قيمنا وتقاليدنا ولكنها بالتأكيد تتسع لتشمل - كما أكدت مصر - كل مناحى الحياة.

وبمناسبة إطلاق استراتيجية حقوق الإنسان فى مصر لا أتصور أن تخلو هذه الحقوق من حق الإنسان فى أن يأمن على أمواله واستثماراته إذا ما تعاقد مع أى شركة من شركات الاستثمار العقارى التى تضرب عرض الحائط بكل ما تضمنته تعاقداتها مع العملاء من التزامات تبدأ بمواعيد التسليم مروراً بتقديم الخدمات المناسبة وأعمال الصيانة بالمستوى اللائق وانتهاء بتقديم الميزانيات وحسابات المصروفات التى يتم على أساسها تقدير مصاريف الصيانة السنوية التى تطالب بها الملاك والمستأجرين.

أقول هذا لأنه آن الآوان لوضع حد للفوضى فى سوق العقارات بعد ما أصبح «الفيس بوك» يضج بجروبات المتضررين من المشروعات المختلفة.. ولعل توجيه الرئيس السيسى بعدم الإعلان عن أى مشروع عقارى قبل تنفيذ ٣٠٪ منه - حتى لا يقع المواطنون ضحية لمشروعات وهمية - يكون البداية لضبط الأداء فى هذا السوق.. وأتمنى أن تتحرك الحكومة ومجلس النواب سريعاً لاتخاذ الخطوة الثانية وهى إصدار تعديل تشريعى يلزم شركات الاستثمار العقارى بالإفصاح عن ميزانياتها ومصروفاتها التى تقررت على أساسها رسوم الصيانة السنوية تطبيقا لما تنص عليه عقود البيع، لأن أغلب الشركات لا تلتزم بهذا النص بما يفتح الباب لخلافات لا حد لها بين الشركات المالكة والعملاء.

تحت يدى ثلاثة ڤيديوهات لوقفات احتجاجية خلال هذا الصيف لملاك ثلاثة مشروعات مختلفة تابعة لشركة واحدة ودعوى قضائية من ملاك أحد هذه المشروعات كشفت عندما وصلت إلى مرحلة العرض على الخبير أن الشركة المالكة لم تودع ودائع الصيانة التى سددها الملاك على مدى ٦ أو ٧ سنوات فى أى بنك وإنما استخدمتها لإقامة مشروعات جديدة أو مراحل جديدة فى نفس المشروع ولكن بعد رفع الدعوى العام الماضى سارعت الشركة بإيداع جزء محدود من هذه الودائع فى بنك مختلف عن البنك الرئيسى الذى تتعامل معه الشركة وتم الإيداع باسم شركة الإدارة وليس باسم الشركة الأم وليس هناك ما يفيد من قريب أو بعيد أن هذا المبلغ يمثل جزءاً من ودائع الصيانة التى سددها الملاك.

والغريب أن الشركة المالكة لم تحرك ساكنا حتى الآن نحو الاستجابة لشكاوى الملاك إلا فيما ندر .. استجابات محدودة لطلبات بسيطة لمحاولة تحسين الصورة فقط دون التحرك جدياً نحو حل المشاكل الرئيسية وأهمها تسيب الأمن والسماح بدخول الغرباء والمغالاة فى رسوم الصيانة بلا سند قانونى .

منذ حوالى ٦ أشهر أثرت هذه القضية فى مقال بعنوان «من يراقب ويحاسب شركات الاستثمار العقارى؟» ولم أكن وحدى فقد نشرت مقالات عديدة وتحقيقات صحفية مختلفة حول نفس القضية ولم يحدث أى تقدم أو تحرك إيجابى حتى جاء توجيه الرئيس السيسى الخاص بنسبة التنفيذ المسبق «٣٠٪» قبل الإعلان عن أى مشروع جديد.

حتى الآن.. كل العقود بين شركات الاستثمار العقارى وعملائها عقود إذعان صيغت بدقة شديدة بحيث تعطى كل الحقوق للشركات وما على العملاء إلا السمع والطاعة!
 لهذا أتمنى أن يجد مشروع قانون «اتحاد المطورين العقاريين» الذى انتهت لجنة الإسكان بمجلس النواب من دراسته فى الدورة البرلمانية الماضية وأصبح جاهزاً للعرض على المجلس حلولاً لمشاكل الملاك مع شركات الاستثمار العقارى بما يضمن تنظيم العلاقة بينهما دون المساس بحقوق الطرفين، لأنه من غير المقبول أن يبقى التقاضى هو الطريق الوحيد لحل هذه المشاكل والنزاعات ونحن نعرف أن «سكة التقاضى طويلة».