خريطة سياسية في المغرب.. وتوقعات بتراجع «التنمية والعدالة»

الملك محمد السادس فى أحد اللقاءات مع رئيس الحكومة سعد الدين العثمانى
الملك محمد السادس فى أحد اللقاءات مع رئيس الحكومة سعد الدين العثمانى

الأربعاء المقبل، تصل الانتخابات النيابية المغربية إلى محطتها الأخيرة ليكون المغاربة على موعد مع خريطة سياسية جديدة وفقا لنتائج الانتخابات الثالثة خلال العشر سنوات الماضية، حيث يتنافس 31 حزبا على 395 مقعدا بالبرلمان على مستوى 12 ولاية مغربية، حيث يتسم النظام السياسي في المغرب بالتعددية السياسية والتنوع الذي يلبي احتياجات مجموعة واسعة من اللاعبين السياسيين. وقد قادت أحزاب سياسية مختلفة الحكومات منذ استقلال المغرب.

 

مع ذلك، مهدت الإصلاحات الدستورية عام2011، صعود حزب العدالة والتنمية ذات مرجعية إسلامية. ثم إعادة انتخابه في عام 2016، حيث حصل على 125 مقعدا من أصل 395 مقعدا في مجلس النواب، وعين الملك محمد السادس رئيس الوزراء الحالي سعد الدين العثماني رئيسا للوزراء.

 

وهو يقود الحكومة المغربية منذ انتخابات 2011. ولا يقود الحكومة حزب واحد إذ يشارك فيها ما بين 4 إلى 6 أحزاب، وذلك لضمان أغلبية في البرلمان وثقته.

 

وعلى ضوء النتائج النهائية للانتخابات يتم تشكيل الحكومة الجديدة، وبحسب الدستور المغربي، فإن العاهل المغربي يُعين رئيس الحكومة الجديد من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويشرع رئيس الحكومة المعين مع قيادات حزبه بإجراء مُشاورات مع الأحزاب القريبة منه لتشكيل ائتلاف وتوزيع الحقائب الوزارية، ثم عرضها على الملك للمصادقة عليها، وتعيين أعضاء الحكومة فى أعقاب ذلك. وبحسب بيانات وزارة الداخلية المغربية، فإن عدد المغاربة المُسجلين الذين يحق لهم التصويت يصل حوالى 18 مليون ناخب.

 

يبدو أن الانتخابات القادمة ستشهد تغييراً وزخماً كبيرين، يؤدى لإعادة خلط الأوراق وخلق خريطة سياسية جديدة بالبلاد، خاصة بعد التعديلات الأخيرة لقانون الانتخابات ومنها: اجراء الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية فى نفس اليوم، على عكس سابقتها حيث كانت تجرى فى أيام مختلفة، إلغاء اشتراطات القائمة التى تضمن 30 مقعدًا فى البرلمان للشباب وزيادة تمثيل المرأة فى البرلمان.. لكن التعديل الوحيد الذي أثار الجدل هو تغيير «الحاصل» الانتخابى -وهى طريقة حساب جديدة فريدة من نوعها تكاد لا تطبقها أي دولة في العالم. ففي السنوات الماضية، كان يتم توزيع عدد المقاعد النيابية على أساس الأصوات التى حصل عليها كل حزب مقسومًا على إجمالى عدد الأصوات الصحيحة، وبالتالي حصل حزب العدالة والتنمية على 125 مقعدًا في عام 2016، من خلال حشد ما يقرب من 1.6 مليون ناخب-بشكل أساسى فى المدن الكبرى - من إجمالى 5.8 مليون مغربى صوتوا فى ذلك العام.

 

لكن التعديل الجديد ينص على أن عدد المقاعد المخصصة سيعتمد على العدد الإجمالى للذين يحق لهم التصويت المسجلين فى القوائم الانتخابية، وليس عدد البطاقات الصحيحة. وبالتالى يصبح القاسم أكبر بكثير، مما سيقلل من عدد المقاعد التى يمكن للأحزاب الحصول عليها فى أى مدينة..

 

يؤكد محللون، انه من المرجح أن يحدث تغييرا جوهريا فى نتائج الانتخابات القادمة. وبالتالى، نظريا، سيكون من المستحيل لأى حزب أن يحصل على أكثر من مقعد واحد لكل دائرة انتخابية. فمن خلال تعديل قواعد الحساب، ستتساوى نسبة المقاعد -رياضيا- بين الأحزاب المشاركة سواء كانت احزابا قويا او صغيرة الى حد كبير. وبالقياس على نتائج انتخابات 2016 قد يفقد حزب العدالة والتنمية نحو ثلث مقاعده الحالية وهى 125 مقعدا.

 

حيث لن يتمكن أى حزب سياسى من تجاوز 100 مقعد (أقل من 25٪ من إجمالى المقاعد) فى البرلمان، الأمر الذى يجعل من الصعب جدًا الحصول على فائز واضح.. وقد أدى هذا التعديل الى استنكاره من قبل حزب العدالة والتنمية، بعد فشله فى منع التصويت عليها بالبرلمان، مقابل مساندتها من قبل أهم القوى السياسية من الأغلبية والمعارضة بالبلاد. حيث يدعى «العدالة والتنمية» أن الأسلوب الجديد غير دستورى لأنه يؤثر على حق المواطنين الرئيسيين فى أن يكون لهم برلمان يمثل إرادتهم الحقيقية

 

على الجانب الآخر، ترى الأحزاب السياسية الاخرى والمعارضة التى صوتت لهذا التغيير، ان الطريقة الجديدة أكثر «شمولية».. مما لا شك فيه، ستسمح هذه الطريقة لجميع الأحزاب السياسية ومن بينهم الأحزاب الصغيرة و«التاريخية» بالحصول على مقاعد فى البرلمان، وبالتالى فرصة كبيرة للتعبير عن آرائهم حول مختلف القضايا ذات الاهتمام العام.

 

وبالتالى إنهاء القطبية الثنائية التى نشأت فى عام 2011 بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، واللذين حصلا على نسبة 57.5٪ من مقاعد البرلمان لعام 2016.. وقبل أسابيع، بدأت الأحزاب السياسية، حملاتها الانتخابية. فى ظل تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الذى يقود الحكومة لولايتين منذ عام 2011، وذلك لإخفاقاته فى مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه المجتمع المغربى.