«ما تسبناش».. حين بكى الخطيب وجمهور الأهلي

 الاعب محمود الخطيب - صورة أرشيفية
الاعب محمود الخطيب - صورة أرشيفية

«ما تسبناش يا خطيب».. كان هذا نداء الجماهير عقب مباراة الأهلي والهلال، حيث بكى محمود الخطيب بشدة، ولكن فرعون الكرة المصرية اتخذ قراره النهائي، وبكى الجمهور أيضًا عندما طاف حول الملعب ليعلن اعتزاله ويحول فرحة الجمهور إلى حزن عميق.

 

بحضور آلاف الجماهير أقام محمود الخطيب مباراة اعتزاله الشهيرة في 1 ديسمبر 1988 فهي أشهر مباراة اعتزال في الكرة المصرية، بعد مشوار حافل من البطولات والأرقام، حيث كان مصابا لمدة شهرين تقريبا، وأصبح سنه 34 عاما، والعودة من الإصابة في هذا العمر أمر صعب.

 

مجلة آخر ساعة ألقت سنة 1988 الضوء على بعض التساؤلات عليه بعد مباراة الاعتزال الشهيرة: 

 

- الخطيب بعد الاعتزال ماذا سيكون موقعه بالملعب؟.. بمعنى هل من الممكن أن يكون مدربا علما بأن الكثيرين يقولون إن تركيبة شخصية الخطيب تكون أكثر نجاحا في الإدارة؟

 

استغرق الخطيب في لحظة تفكير ثم قال: أولا قبل كل شيء أود أن أشكر من أعماق قلبي كل إنسان من جماهير الكرة المصرية والعربية على السواء على الحب والاعتزاز اللذين رأيتهما من هذا الجمهور العريض.

 

الآن علي أنا كلاعب كرة أحب هذا الجمهور الغفير أن أحمد الله على هذا الحب الكثير الذي يمثل أعظم رصيد وأكبر منحة من الله سبحانه وتعالى.

 

أما بالنسبة لموقعي بعد الاعتزال.. فأقول بصراحة إنني لم أجزم حتى الآن ما هو الطريق الذي سأتجه إليه سواء كان في التدريب أو الإدارة أو غيرهما فهذا يتعلق بأمور وظروف عديدة خاصة بي، ولكن كل ما أستطيع أن أقوله هو إن النادي لو ناداني في أي لحظة لن أتخلف عن ندائه لأن حب النادي الأهلي يجري في عروقي وسأعمل جاهدا لخدمة هذا النادي في أي مجال كان بكل ما أوتيت من قوة اعترافا بالجميل.

 

- لو قسمنا حياة الخطيب إلى ثلاث مراحل (طفولة - شباب النجومية - ثم مرحلة النضج والتألق).. فهل عاش الخطيب كل مرحلة بحلاوتها؟

 

لو حاولت أن أقسم مراحل حياتي إلى ثلاث كما ذكرتها.. فأقول إن العامل المشترك فيها جميعا هو حبي الجارف لكرة القدم.

 

ففي مرحلة الطفولة كان مطلبي الوحيد من والدي هو كرة لألعب بها فقط، وقد كانت كرة القدم هي هوايتي الأولى التي وجدت متنفسي فيها في المدرسة جيث كنت كابتن الفريق.

 

أما مرحلة الشهرة فقد بدأت مبكرا وأنا دون السادسة عشرة، ووافق نادي النصر الذي كنت ألعب له في ذلك الوقت على انتقالي إلى النادي الأهلي بعدما كنت قريب من التوقيع للإسماعيلي، وعندما انتقلت للأهلي كانت بداية شهرتي الفعلية عندما لعب منتخب الأهلي والترسانة ضد فريق أوديسا الروسي، ووفقني الله كثيرا وأحرزت هدفين من ثلاثة.

 

وأما مرحلة النضج فربما تكون من أصعب المراحل التي يمر بها أي لاعب فهي مرحلة المسئولية الكاملة والقلق والتوتر اللذان يسبقان كل مباراة، ثم محاسبة النفس والتشدد معها.

 

اقرأ أيضا||محمود الخطيب.. متفرد كفنان .. متميز كإنسان

 

وإن حاولت أن أعمم فأنني أقول إن لكل مرحلة صعوبتها وحلاوتها ومقابل الإصابات والألم والقلق الذي لا ينتهي، فقد أعطتني الكرة الكثير جدا من حب الناس الذي لا يعلو عليه إلا حب الله سبحانه وتعالى لعباده.

- في حياة الخطيب العامة والخاصة مواقف صعبة عاشها بمفردة في الوقت الذي كنت تبدو أمام الناس متألقا؟

أعاد هذا السؤال إلى ذاكرته بالفعل ذكرى حزينة جدا وتحشرج صوته وقال ربما تكون أصعب موقف تعرضت له خلال فترة لعبي للكرة هو الفترة التي سبقت وتلت وفاة والدتي رحمها الله، فقد كنت متعلقا بها لأقصى درجة فكانت لها دور كبير معي كابن وكلاعب، فكانت تشجعني على تنمية موهبتي.

 

كان قد قرر لها الأطباء إجراء عملية إزالة الحصوة من الكلى ثم سكت قليلا وقال بصوت سيطرت عليه الدموع ولكن إرادة الله نفذت وتوفيت في يوم الأحد، وكان على أن أستعد لمباراة هامة في الدوري يوم الثلاثاء أي بعد وفاة والدتي ب 48 ساعة.. ويعلم الله يومها كم عانيت وتألمت حتى لا تنساب دموعي ساخنة خلال المباراة، ولكن ما كادت المباراة تنتهي حتى وجدت نفسي انخرط في بكاء مر وبصوت عال لأنها أول مباراة بعد وفاتها.

 

- كثيرا ما ضحى الخطيب بصحته وعرض نفسه للأمراض عن طريق تعاطي حقن الكورتيزون للاشتراك في المباراة، فهل تشعر بالندم على هذه الفترة، وما نصيحتك للاعب الذي يتعجل اللعب عن طريق الكورتيزون؟

 

ضحك بسخرية وقال الخطيب: إنني لم أتعاط حقن الكورتيزون فقط بل لعبت كثيرا بحقن مخدرة في مواضع الإصابات المختلفة مما زادها تفاقما وتأخر كثيرا علاجها وتمام ألتئامها.

 

وربما أذكر الحقن المخدرة التي أخذتها في فقرات الرقبة خلال دورة لوس أنجلوس بأمريكا، في بداية الأمر رفض الأطباء وجهاز الكرة بالمنتجب إعطائي هذه الحقنة إلا إنني صممت وكتبت إقرار على نفسي، ولكني لم أندم قط على شيء فعلته فكله مقدر عند الله، ومع ذلك فإني انصح كل لاعب ألا يلجأ مطلقا إلى حقن الكورتيزون فبقدر ما تعجل بعودة اللاعب إلى الملعب إلا أنها تعمل على هدم خلايا وانسجة الجسم وخاصة العظام.

- شعبية الخطيب الجارفة على مختلف ميولها هل لها تفسير لدي الخطيب، خاصة أن هذا الحب لم ينله أي نجم آخر من قبل؟

أحمد الله وأشكره على هذا الفيض الوفير من الحب الذي اعتبره هبة من عند الله يهبها لمن يشاء، وإن كنت أفسر ذلك بأنني أحببت الكرة كثيرا وأخلصت لها وأعطيتها خلاصة شبابي وصحتي ووقتي، كما أني أحببت ذلك الجمهور الذي يشجع اللعب المخلص ويدفع به إلى القمة، وإن كنت وصلت لها بفضل الله وبفضل هذا الجمهور العظيم وزملائي في الملعب.


جدير بالذكر إن يوم 1 ديسمبر يوم لن ينساه محمود الخطيب، ففي هذا اليوم من عام 1988 تم اعتزاله وفي 1 ديسمبر 2017 توج رئيسا للقلعة الحمراء.


المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

 

اقرأ أيضا ||مأساة «شنب» الشاويش مع «شنب» مولانا