محمود الخطيب.. متفرد كفنان .. متميز كإنسان

محمود الخطيب
محمود الخطيب

شوقى حامد

مشــوارى فى بـــلاط صاحبـــــة الجـــــلالـــة زاخر بالمواقف حاشد بالأحـــــــداث ملــــــيء بالعلاقات مع الكثير من الشخصيات.. لأنه طـــال لأكــثر مــن أربع حقـب زمنيــة.. فقــد اســـــتحق التســــــجيل واســـــتوجب التدوين.. وعــلى صفحــــات «آخر ساعة» أروى بعضا مـــن مشاهده.

إذا كنا قد عشقنا الخطــــــيب كـــــلاعـــب موهوب فنان.. فإن من أسعدته أقداره بالاقتراب من الخطيب أو التعامل معه لابد أن يكون أكثر عشقا وأشد حبا له كرجل وإنسان.. فعلى قدر ما كان الخطيب يتحلى بالمهارة الفذة والملكات العالية والقدرات الخارقة على السيطرة والتحكم وإخضاع الكرة لإرادته وملامستها ومداعبتها وتوجيهها حيثما شاء وكيفما أراد.. فإن الخطيب الإنسان يتميز بالوقار والجلال والرزانة والحصافة ويتمتع بالهيبة والاحترام والنزوع إلى الخير ويحمل بين جوانحه قلبا حنونا شفوقا رحيما.. ويترجم كل هذه الصفات الحسنة والتى يندر أن تتوافر فى كائن من كان إلى أعمال وأفعال يوجهها إلى المحيطين به والمتعاملين معه فهو من أبر الناس وأكثرهم إحساسا بالآخرين، ولطالما كان عونا بكل ما استطاع من قدرة وقوة إلى أقرانه وزملائه السابقين، فضلا عن كونه أكثر التصاقا وحنانا على آل بيته وعائلته وأعضاء أسرته.
تعرفت على الكابتن محمود الخطيب رئيس مجلس إدارة الأهلى فى حقبة السبعينيات من القرن الماضي.. اقتربت منه كثيرا.. وابتعدت عنه قليلا.. اتفقت معه غالبا.. واختلفت معه أحيانا.. لكننى وفى كل أحوالى معه كنت أحتفظ له بمكانة مرموقة فى قلبى حتى وإن خلا هذا الحب من هوس العاشقين له المتيمين به.. فالخطيب أحد «المليارديرات» الغنية الذى يملك ثروة هائلة من المريدين الذين يهفون لسماع أخباره ورؤية صوره والإنصات لأقواله.. ورغم أن الخطيب عازف عن الأضواء غير مقبل على الوقوف أمام وخلف الكاميرات غير أنه محور ومركز وقبلة للإعلاميين ينشدون دائما لقاءه ويرغبون فى استضافته ويطمحون فى أن يكون لهم السبق فيما يعرفه من خبايا وأسرار.. كان لقائى الأول معه يوم أن كان لاعبا بمنتخب مصر تحت قيادة المدير الفنى الكابتن عبده صالح الوحش.. وذهبت لمعسكر المنتخب فى أحد الفنادق بالدقى لمقابلة مدير المنتخب اللواء زامر عزت وكان صديقي.. استقبلنى الخطيب فى بهو الفندق صدفة وعندما سألته عن الكابتن زامر.. أخطرنى أنه ذهب لمقابلة عاجلة للكابتن الوحش بالاتحاد وكلفه بالاعتذار عن التأخير وأصر على استضافتى لحين عودته.. وبعد وصول زامر أبلغنى أن الخطيب قام بكل هذا بدون تكليف منه حتى لا يضع مدير الكرة فى موقف محرج مع ضيفه ومن يومها وأنا تربطنى بساحر الكرة وفاكهتها جسور متينة لا تنقطع أو تنهدم مهما صادفها من صدمات.. كنت أحيانا لا ألتقى الخطيب لفترة ليست بالقصيرة ومع ذلك كان يهاتفنى مؤكدا أننى زرته فى المنام لأكثر من مرة ويشتاق لرؤيتى فلا يسعنى إلا أن أسعى إليه أينما كان لألقاه.. ومرة أخرى أخطرنى زميلى صلاح دندش وكان على اتصال دائم به من خلال موقعه فى جمعية رعاية اللاعبين القدامى أن الكابتن الخطيب يرغب فى الحصول على رقم هاتفك فبادرت أنا بالاتصال به، وثالثا عندما طلب منى شيخ النقاد الرياضيين أن أرتب لعقد مؤتمر صحفى للكابتن الخطيب وأن أحدد موعده ومكانه ومن أرى حضورهم وأتممت كل هذا فى وقت قياسى، وقمنا جميعا بتغطيته فى الصحف التى نعمل بها على اختلاف نوعياتها قومية كانت أم متخصصة.. آخر لقاءاتى مع الكابتن الخطيب كانت عندما احتفل الأهلى بمناسبة ذكرى معركة أكتوبر المجيدة وتمت دعوتى للحضور وقام بتسليم الحاضرين درع النادى ويومها حظيت بعناق أخوى وأحسست بمشاعره الجياشة.. وناشدنى أن أحرص على مهاتفته لأنه يواجه مشاغل عديدة تجعله غير قادر على الاتصال.. أبهر الكابتن الخطيب الجميع بتعاقده مع موسيمانى الجنوب أفريقى ليتولى تدريب الأهلى وكان هذا التعاقد هو الأول من نوعه حيث لم يسبق لنادٍ مصرى التعاقد مع أفريقى لتدريبه.. ورغم أن البعض انتقده متحفظا على المدرب الجديد، غير أن العروض والنتائج التى قدمها وحققها الفريق فى صالحه.. وأشهد أنه صاحب عين خبيرة فى هذا المجال خاصة وقد خابرته عندما رافقته فى رحلة إلى كوريا لمشاهدة جانب من مباريات كأس العالم.. هناك حيث أيقظنى فى السابعة صباحا وكنا نقيم فى غرفتين متجاورتين بالفندق وأبدى معارضته على قرار المايسترو صالح سليم.. رئيس الأهلى حينذاك.. بإنهاء مهمة مانويل جوزيه البرتغالي.. وتأكدت بعد ذلك من عمق رؤيته عندما استفاد الأهلى من خدمات جوزيه وحقق معه أرقاما قياسية فى البطولات لم يحققها غيره.. الكابتن الخطيب هذه الشخصية الثرية خلقا الزاخرة بالخير الغنية بالفضل لا تملك إلا أن تحبها وتدعو لها بالشفاء والرخاء والنعماء.