الشفرة

سيدنا آدم «المغامر»

وليد الشربيني
وليد الشربيني

أمضى أوقات فراغى كثيرا بين قنوات موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب، ورغم كونى أجوب العالم افتراضيا لأستكشف افتراضيا ما يصعب عليّ الوصول إليه فى الواقع، إلا إننى أركز دائما على ما يخص مصر؛ فأرى مئات بل آلاف الرحالة الغربيين من أوروبا وأمريكا والشرقيين من آسيا، وهم يرصدون رحلتهم فى مصر واستمتاعهم وتقييمهم وانطباعاتهم ورأيهم فى الطعام المصرى والأماكن والعادات ومدى تقبلهم لاختلاف الثقافة، بالطبع يلفت نظرى دائما أن مثل هذه المقاطع مفيدة للسياحة فى مصر، بينما هناك نظرة عكسية دائما أضعها للأمور.. هل شبابنا يخوضون نفس التجارب ؟

أتذكر أننى فى الصف الثانى الثانوي، خضت فى معمل تجربة كيميائية ما بإشراف المدرس، الذى أجبرنى على طريقة معينة لصب السائل الذى لا أتذكر اسمه، ووبخنى لأننى أفعل بالطريقة التى أراها وليس وفق ما يراه.. ربما لو تركنى أخوض التجربة لتذكرت اسم السائل الكيمائى المستخدم وقتها.. وهنا باب القصيد إعطاؤك حق التجربة للشباب يجعلهم يُحصّلون الخبرة أكثر من الجلوس أمام الكتاب أو رسم طريق ثابت يمشى عليه الجميع.

وفى اعتقادى شباب الغرب الذين يجوبون العالم بات لديهم من الخبرة ما يجعلهم مؤهلين للقيادة عبر عدة نوافذ فتحوها بأيديهم على العالم، وبات لديهم ثقافة تقبل الآخر ومراعاة الاختلاف.

لا يمكن تعليم الأفراد بطريقة أفضل من المحاولة والخطأ، فشغف تحقيق النجاح والوصول للأفضل هو الدافع الرئيسى للأمم الناجحة وصناعة الحضارات، كما أن هذا الشغف يمكن من خلاله تعليم الشخص بطريقة تعتمد عليه بشكل أساسى وليس على المؤثرات الخارجية ومجرد تلقى معلومات فى محاضرات روتينية.

التجربة حق إنساني، ولد مع أب الإنسانية سيدنا آدم عليه السلام، ولا يجب أن يسلبه أحد من أى طفل أو شاب فقط علينا تنظيمه ومراقبته والعمل على تنميته فى النفوس.

حق التجربة أصل كل العلوم والخبرات، بل نحن مدينون برحلتنا على كوكب الأرض لهذا الحق، لذا أوجه رسالتى للمعلمين وأساتذة الجامعات وأولياء الأمور.. لا تسلبوا أبناءنا حق التجربة، لا تجعلوهم يسيرون فى درب ثابت بدعوى نجاح زائف عبر درجات الامتحان، أو بدعوى الحفاظ عليهم من مغبة التهور وعدم الخبرة.. اجعلوهم يخوضون رحلة حياة ممتعة تليق بإنسانيتهم.