سُميت بالألفية.. ما هي قصص المساجد العتيقة؟ | صور 

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تقول أسماء العزبى الباحثة فى مجال الآثار الإسلاميّة، إن المساجد العتيقة سميت بالألفية، مضيفة أنه أطلق على جامع عمرو بن العاص بالفسطاط لقب الجامع العتيق واعتبرت هذه التسمية تشريفاً له؛  لأنها تعتبر شهادة له بالأصالة وامتداد العمر فى خدمة الإسلام لذلك قيل أن المساجد التى أُقيمت فى عصور الإسلام الأولى مساجد عتيقة وأصيلة.

 وأضافت أنها تمتد هذه العصور إلى قرب نهاية القرن الثالث الهجرى والتى تشمل الجامع الأزهر والذى يعتبر عميد هذه المساجد بالرغم من أنه آخرهم فى الإنشاء. 

وأشارت إلى أن الألفية، سميت بذلك لأن كلاً منها تجاوز ألف سنة، بل أن بعضها مثل جامع عمرو بن العاص كاد يبلغ ثلاثة عشر قرناً ونصفاً وهو بذلك أقدم مساجد الإسلام الباقية حتى الآن ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى والجامع الأموى فى دمشق وجامع عقبة فى القيروان عمرت إلى الآن ثلاثة عشر قرناً وممكن أن تزيد أعواماً  أو تنقص أعواماً ومن ضمن المساجد القريبة فى العمر مسجد سوسة وأقيم مسجد قرطبة الجامع فى النصف الثانى من القرن الهجرى الثانى، حيث أن عمره إثنا عشر قرناً و قريب منه فى ذلك مسجد القرويين فى فاس ويوجد أيضاً جامع أحمد بن طولون فى الفسطاط ثم الجامع الأزهر وهو أحدثها جميعاً وإن كان أبعدها فى تاريخ الجماعة الإسلامية أثراً ويوجد جوامع كثيرة ذات أهمية كبيرة ولكنها ليست بمثل تلك المكانة التى تم ذكرها. 


وأوضحت: "لم تشترك تلك المساجد فقط فى الأصالة والقدم بل أنها كانت مراكزاً للعلم والنور ومن المعروف أن شيوخ تلك المساجد ألفوا الكثير من الكتب التى تم ترجمتها إلى العديد من اللّغات وتم تدريسها فى الكثير من الجامعات وامتلأت تلك المساجد بالهدى وأفاضت على أهلها بالعلم والنور وكان ذلك سبباً فى الإسراع إلى تهدمها لأنها كانت تستعمل لأكثر من وظيفة، حيث أنها تستعمل لدور العلم والصلاة وبعضاً منها كان يستخدم فى الجانب المالى حيث أنها كانت بيت المال مثل جامع الفسطاط و لولا عناية الناس و القيام بترميمها لما كان لها وجود". 

وأضافت: "ومن ضمن تلك المساجد التى كان لها دور كبير فى نشر العلم والإسلام:-

١- مسجد قرطبة 

الجامع الذى كان يحضر إليه أناس من شتى البلاد الأوروبية وخاصة روما وذلك للدراسة فيه وقد وصل واحد منهم لكرسى البابوية. 

يُعد مسجد قرطبة من المساجد التي اشتهرت ببنائها الجميل والتراثي والذي يُمثل العهد الإسلامي في الأندلس، وتم بناء المسجد في عام 169 هجري (785 ميلادي) على يد الأمويّين بأمر من الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط بعد أن اشترى قسم الكنيسة من الروم وأمر بتحويلها وإعادة بنائها من جديد.

وتحول المسجد إلى "كاتدرائية تناول العذراء" عام 1236 مباشرة بعد سقوط قرطبة فى يد فرديناند الثالث من قشتالة.

ويقع مسجد قرطبة على قبة صخرية في الجنوب الغربي من مدينة قرطبة الواقعة جنوب إسبانيا، وتبلغ مساحته في الوقت الحالي بما يزيد عن أربعة وعشرين ألف متر مربع يَتّصف المسجد باحتوائه على عشرة من صفوف الأقواس وكل صف يحتوي على اثني عشر قوس مركّز على أعمدة رخامية رائعة المظهر، ويتواجد بالمسجد الصّحن المسمّى بباحة البرتقال أو فناء النازنج على الجهة الشمالية لأحد أبواب المسجد.

أمّا المظهر الخارجي للمسجد فيوحي علي أنّه قلعة كبيرة محاطة بالأسوار، فهو سميك الجدران ومليء بالأعمدة المصنوعة من المرمر 2 والرخام وحجر السمّاقي، أمّا أرضية الحرم فزينت بالفضة.

والأسماء التي أطلقت على مسجد قرطبة عبر التّاريخ:

1- جامع الحضرة؛ والذي يعني جامع الخليفة وقد أطلق هذا الاسم على المسجد أول ما تم بناؤه

2- جامع قرطبة
3- مسجد «الكاتدرائية » وهو الاسم الحالي الذي أطلقه عليه الإسبان بعد تحويله إلى كاتدرائية مسيحية.

٢- مسجد عمرو بن العاص

 الذى كان له دور فى الحركة العلمية العربية فى مصر و شيوخه الذين شاركوا شيوخ دار الهجرة فى نشر العلم و الإسلام فى المغرب و إفريقيا و الأندلس. 

يقع جامع عمرو بن العاص بمدينة الفسطاط بميدان عمرو بن العاص في حي مصر القديمة، ويعد أول جامع بني بمصر بعد أن فتحها عمرو بن العاص عام 20 هجري، أي عام 641 ميلادي.

الجامع عاصر أكثر من 13 قرناً من التغيرات، إذ نشأ متواضعاً ثم ازدهر وذاع سيطته في العالم، ولا يصل إلى مصر عالم أثري أو زائر غريب حتى يبادر إلى زيارة هذا الجامع العتيق.

أما عن تاريخ الجامع: كان الجامع حينها مشرفاً على نهر النيل، وقد عُرف بعدة أسماء ومنها "الجامع العتيق" و"تاج الجوامع"، حتى استقر على أسمه الحالي «جامع عمرو بن العاص» .

وعند إنشائه، كان الجامع بمثابة مركزاً للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي بمصر، ومن ثم بنيت حوله مدينة الفسطاط، وهي أولى عواصم مصر الإسلامية، وكان الموقع الذي اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا الجامع يطل على النيل في ذلك الوقت كما كان يشرف على حصن بابليون الذي يقع بجواره.

ويتكون الجامع : من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات أسقف خشبية بسيطة، وأكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة، وفقاً لما ذكره المصور.

ويتواجد في صدر رواق القبلة محرابان مجوفان يجاور كل منهما منبر خشبي، كما تُوجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر المماليك.

كما يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة ضريحية يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص. أما صحن الجامع فتتوسطه قبة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل، وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، أما عقود الجامع فى رواق القبلة، فإنها ترتكز على أعمدة رخامية ذات تيجان مختلفة استجلبت من عمائر قديمة.

٣ - مسجد القيروان :
 كان على مر العصور المختلفة منارة العلم فى المغرب و الذى أخرج الكثير من الشيوخ يفخر بهم العلم العربى الإسلامى، و ساعد شيوخ جامع القيروان مسجد القرويين بأن يكون جامعة كبرى، وهم الذين أعطوه إسمه فإن القرويين هم القيروانيون.

ويعد جامع القيروان من أشهر الجوامع التي تمّ بناؤها في العهد الإسلامي، جامع القيروان كانت القيروان رابع الحضارات التي أسّسها المسلمون في البلاد المفتوحة، بعد البصرة والكوفة في العراق والفسطاط في مصر، ويعتبر موقعها اختياراً ذكياً من فاتحها عقبة بن نافع؛ حيث تأسست بعيداً عن شاطىء البحر المتوسط باتجاه الصحراء وذلك لتكون بعيدةً عن الهجمات البحرية للجيش البيزنطي.

وقام الفاتح العظيم ببناء الجامع فيها ليكون أول جامعٍ يُبنى في المغرب العربي، وكان ذلك في ٦٧٠م، وقد كان الجامع يعتبر معقلاً لانطلاق المجاهدين لفتح البلاد، ونشْر الأمن والاستقرار في بلاد المغرب بشكلٍ عامٍ، وكان هذا هو دأب المسلمين في الأمصار الجديدة، وقد استغرق بناء المسجد خمسة أعوام بسبب انشغالهم بالفتوحات والجهاد.

 كان بناء المسجد الأول عبارةٌ عن ظِلة مسقوفة بالعريش، والأعمدة عبارة عن جذوع النخيل، وكان الهدف من ذلك هو الاقتداء بشكل المسجد النبوي. ولكن في عهد الحكام التاليين لجؤوا إلى تطوير شكل المسجد وإضافة إضافاتٍ عليه مع احتفاظه بالشكل الأولي له، فقام هشام بن عبد الملك ببناء مئذنةٍ جميلة جداً في وسط الحائط الشمالي للمسجد. 

قام الحاكم العباسي يزيد بن حاتم بهدم البناء كاملاً باستثناء المئذنة والمحراب عام 348م، وأعاد بناءه مرةً أخرى على الهيئة التي هو عليها الآن، ثمّ أحدث زيادة الله بن الأغلب بعض التغييرات عليه، وقد حاول في البداية هدْم المخراب لأنّه منحرف قليلٌ عن القبلة إلاّ أن فقهاء المالكية أثنوه عن رأيه، فقام بتغطية المِحراب من أمام المصلين بجدارٍ مبنيٍّ بحيث لا يراه من يصلي، وبنى محراباً جديداً بالاتجاه الصحيح للقبلة من الرخام الأبيض المخرم، كما رَفَع سقف الجامع وبنى قبّةً مزخرفة بلوحاتٍ رخامية على أسطوانة المحراب.

أبرز المعالم الجمالية في جامع القيروان

1- القبة التي تمّت إقامتها أمام المحراب في البلاطة الوسطى، ثم تقابلها قبة أخرى عند انتهاء البلاطة الوسطى. 
2- المئذنة عبارةٌ عن برج ضخم في نهاية الصحن الموجود في الجدار المواجه لجدار القبة. 
3- المحراب  يعد من أقدم المحاريب في جوامع بلاد المغرب العربي، كما أنّه يمتاز بتزيينه بأسلوبٍ كرني، مرسوم على خلفيةٍ ذات لونٍ أسود.
 

اقرأ أيضا| «عام الوعي وعمارة المساجد» خطة طموحة بالأوقاف لعام ٢٠٢١