ليس سيد الأدلة دائمًا.. الاعتراف أمام القاضي «مرفوض» في هذه الحالات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تمر على أسماعنا الجملة القضائية الشهيرة «الاعتراف سيد الأدلة» في أفلام كثيرة نشاهدها، فبمجرد قولها تنتهي القضية والقصة التي نتابعها، إلا أن الواقع ليس سهلا وليس كل اعتراف يكون سيد الأدلة في قضيته.

 

الاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمة المنسوبة إليه، فيعتبر سيد الأدلة وأولها والأقوى تأثيرًا في نفس القاضي، ويشمل إقرار المتهم بارتكابه الفعل المجرم وذكر الوقائع المنسوبة إليه وظروفها، وينظر القاضي لمطابقتها مع الواقعة أم على خلافها، فالقاضي لا يأخذ باعتراف المتهم في كل الحالات.

شروط الاعتراف

يقول المستشار مصطفى القباني الخبير القانوني والمحامي بالاستئناف العالي، إن استناد هيئة المحكمة على الاعتراف كدليل في الاتهام، يتوقف اقتناعها في المقام الأول، فيمكنها ألا تأخذ بها، كما يمكنها أن تحكم على المتهم دون الحاجة إلى أدلة أخرى، في كافة الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام، ولذلك فإن هناك عدة شروط للأخذ باعتراف المتهم طبقا لأحكام محكمة النقض.

ويتوجب ألا يكون هناك تضارب بين اعتراف المتهم وباقي الأدلة، كما أن على المحكمة البحث في صحة ما يدعيه المتهم فقد يكون الاعتراف وليد الإكراه، كما لا يمكن أن يحتمل الاعتراف التأويل ويجب أن يكون صريحا وواضحا، كما يجب أن يكون المتهم أدلى به وهو في كامل وعيه وإرادته.

 

هل يحق للمحكمة عدم الاخذ به ؟

«القباني» ذكر أن الاعتراف دائمًا هو سيد الأدلة وأولها ولكن هناك حالات لايكون كذلك، وهذا في حالة تناقض الدليل القولي «الاعتراف» مع الدليل الفني «المعمل الجنائي، الأدلة الجنائية، الطب الشرعي»، وكذلك توافر إجماع من شهود الواقعة جاءت مغايرة لأقوال المتهم المعترف، فالمحكمة في المقام الأول تبحث أدلة البراءة قبل أن تبحث أدلة الادانة، عندها إما أن يأخذ به أو يلقيه جانباَ، استناداَ إلى القناعة الوجدانية للقاضي الجنائي، وله أن يجزأ اعتراف المتهم، على خلاف عدم جواز ذلك بالنسبة للإقرار المدني.

ويضيف: «يجوز له أيضا أن يأخذ منه ما يطمأن له، ويعتبره صحيحًا، ويلقي ما يراه منها غير صحيح، والاعتراف من المسائل الموضوعية، التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها، وقيمتها التدليلية على المعترف».

 

اعتراف الأم

وتابع الخبير القانوني: أن هناك حالات من الاعتراف يكون الهدف منها حماية شخص وثيق الصلة بالمتهم، ويحاول تحمل العقوبة بدلا منه بهدف «افتداء الغير»، مثل اعتراف الأم ارتكاب جريمة معينة، لبعد نظر المحكمة عن ابنها المتهم الحقيقي، وفي هذه الحالة يحق للمحكمة إلقاء القبض على الابن وتوجيه الاتهام له، وتبرئة الأم متى تيقن لدى هيئة المحكمة ذلك.

 

حالات لا تأخذ المحكمة فيها باعتراف المتهم؟

وهناك عدة حالات متعارف عليها لا يمكن الأخذ بالاعتراف فيها وهي:

·        الاعتراف بالجريمة لقاء منفعة مادية.. لتبرئة المجرم الحقيقي وتحمل عواقب الجريمة بدلا عنه مقابل المال

·        اعتراف اليائس.. ويقصد به اعتراف مجرم محكوم عليه بالإعدام بحكم بات بجريمة أو عدد من الجرائم لم يرتكبها من أجل انقاذ متهمين آخرين لم يحاكموا بعد.

·        الاعتراف لبساطة الجريمة.. إذ يعترف مرتكبو جرائم الخطأ غالبا كمن يدهس شخصا بسيارته

·        الاعتراف انتقاما أو نكاية بأخرين.. فقد يعترف المتهم بارتكاب جريمة ما من أجل الإضرار بأشخاص آخرين حينما يدعي تحريضهم له أو اشتراكهم معه فيه.

·        الاعتراف بطريق الخطأ.. فقد يعتقد المتهم بأنه ارتكب الجريمة فيعترف بها، رغم أن غيره ارتكبها، كالسائق الذي يدهس في الظلام إنسانا ويجده تحت سيارته، ولكن يثبت لاحقا بأن المدهوس كان قد توفي بالسم قبل دهسه وألقيت الجثة بالطريق العام.

·        الاعتراف بناء على خديعة.. كأن يعترف المتهم بانه قتل المجني عليه حينما استيقظ فوجد نفسه قرب جثته وبيده مسدس، رغم أنه لا يذكر سوى تعاطيه المسكر مع آخرين.

·        الاعتراف بجريمة لإخفاء حقيقة ما.. كالعاشق الذي يعترف بالشروع في السرقة حينما ضبط في دار عشيقته، حفاظا على سر علاقتهما ولكي لا يسئ إلى سمعتها وشرفها.

·        الاعتراف فرارا من جريمة أكبر.. كأن يعترف بأنه كان يواعد زوجة المشتكي ، أو ابنته، أو أنه يحاول التحرش بأحدهما، حينما ضبط في داره، في حين أنه كان  ينوي أو يحاول سرقته .

 

اقرأ أيضًا: «السوشيال ميديا» تهز عرش الناقـد الأدبي