حوار| «مدير فتاوى الهاتف»: شكاوى النساء «عدم اهتمام» والرجال من «تقصير الزوجة»

مدير إدارة فتاوى الهاتف مع محررة بوابة أخبار اليوم
مدير إدارة فتاوى الهاتف مع محررة بوابة أخبار اليوم

تسعى دار الإفتاء المصرية، للوصول إلى الناس من خلال جميع الوسائل، بهدف التيسير وإيضاح كل ما يريده الشخص دون عناء أو مشقة، وربما من ضمن أبرز هذه الوسائل «فتاوى الهاتف».


فمن خلال خدمة هاتف الإفتاء يستطيع السائل إلقاء سؤاله والحصول على الإجابة عن طريق الهاتف بطرق مختلفة، عندما يكون السؤال لا يستدعي حضور صاحبه الشخصي.


وخلال حوار خاص مع مدير إدارة الهاتف بدار الإفتاء المصرية الشيخ محمود شلبي، تم تسليط الضوء على بعض الأمور منها أبرز الشكاوى وأغرب وأطرف الاتصالات.


وإليكم نص الحوار..


- في البداية.. كم عدد الأسئلة التي ترد إليكم بشكل يومي؟


لدينا طريقتان، الأولى هي خدمة مسجلة السائل عبرها يسجل سؤاله وخلال ساعتين تقريبا يتلقى الإجابة وتصل الاستفسارات إلى 500 سؤال يوميا، والثانية هي خدمة الاتصال المباشر فتصل إلى حوالي 1000 سؤال.

 

- ما هي أغرب الاتصالات التي وردت إلى دار الإفتاء؟


تردنا الكثير من الأسئلة الغريبة، والتي يكون من الصعب تصديقها بسبب صعوبة المواقف، وربما من بينها اتصال ورد من شخص يعمل في الإمارات، يحكي لنا قصته فيقول: «أعمل في إحدى الشركات، ويوميا آخذ ابني - والذي كان في عامه الثاني - معي وأتركه في السيارة أمام شركتي، أقوم بالتوقيع ثم أعود إليه سريعا لإيصاله إلى الحضانة، وبعد الانتهاء من العمل يكون وقت خروجه فأذهب لإحضاره، وفي يوم ذهبت للتوقيع ونسيت ابني في السيارة وعند خروجي من العمل تذكرت فإذا به جثة في السيارة إثر الاختناق»، وكان الأب في حالة انهيار شديد، متسائلا عن الحكم الخاص بهذا الموقف ومسئوليته.


وجاء اتصال آخر من شخص متعلق بالحيوانات كثيرا، وعندما مات حيوان كان يربيه تساءل إن كان يجوز عمل خاتمة له، أو القيام بحج أو عمرة له كصدقة جارية تنفعه بعد الموت.


- ما هي الاتصالات الكوميدية التي وردت إلى فتاوى الهاتف؟


يقوم المتصل بدار الإفتاء بأربع خطوات تقريبًا حتى يصل إلى خطوة التحدث إلى الشيخ المسئول، وخلالها يتعرف على أنه اتصل بالإفتاء، والوصول إلى الشيخ هي الخطوة الأخيرة، فنجد متصل يقول أنه يريد التحدث إلى شخص بإحدى الشركات، أو شخص نستفسر عن سؤاله فيخبرنا أنه طلب طلبية ويريدنا توصيلها إليه على أننا شركة التوصيل وهكذا. 
أما ما يخص الأسئلة الطريفة التي وردتنا، فطرافتها بالنسبة لنا أنه كان لا ينبغي عدم السؤال فيها، لأن إجابتها لا تحتاج إلى سؤال.


- هل الأكثر إقبالا على الخدمة والاستفسار الرجال أم النساء؟


قبل الإجابة عن هذا السؤال أوضح لكم أنه في البداية كان الاتصال بدار الإفتاء المصرية عن طريق الهاتف الأرضي، ويجيب أحد أمناء الفتوى بالدار، والمتصل أحيانا يتمكن من الوصول للشيخ أو يجد الخط مشغول فيغلق الخط، وخلال عام 2006، قام الدكتور علي جمعة مفتي الديار السابق، بتحويل الخدمة من الاتصال بشخص واحد إلى خدمة مسجلة، بحيث يتم استقبال أسئلة المتصلين بطريقة أيسر.
فكان المتصل يترك أسئلته ويجيب عنها أمناء الفتوى المسئولين عن الإجابة، وحينها كانت الخدمة عن طريق الهاتف الأرضي بشرط الاشتراك في خدمة 0900، أما المحمول فكان غير مربوط بخدمة تسجيل الاستفسار، وفي هذه الفترة كانت معظم الأسئلة تردنا من النساء بنسبة حوالي 80 إلى 85 %.


ومنذ بداية 2018 تم إتاحة الخدمة للهاتف المحمول أيضًا، ومن خارج مصر، ومن الأرضي حتى بدون الاشتراك في 0900، فزادت الاتصالات والتساؤلات ولكن أصبح الرجال بنسبة 55% والنساء 45%، لأن الأسئلة أكثرها عن الطلاق ولابد فيها من التحدث مع الزوج.


- عم يتساءل الرجال والنساء خلال خدمة فتاوى الهاتف؟


تكون أغلب أسئلة الرجال عن مسائل البنوك مثل الإيداع والاقتراض والمعاملات المالية مثل البيع والشراء والشفعة والهبة، أما المرأة فغالبًا ما تكون أسئلتها متعلقة بمسائل الطلاق والنفقات.


- مم تشكو النساء من الرجال عبر الهاتف؟


شكوى الزوجة يكون بقدر كبير من عدم اهتمام الزوج بالبيت، فيكون يومه مقسم ما بين العمل ثم الخروج مع أصدقائه والذهاب إلى والدته، وغالبا ما تكون أم الزوج مصدر خلافات كثيرة، وتغيب الزوج فترة طويلة يثير الكثير من المشاكل.


وتكثر الشكوى من النفقات وقلتها، وعدم رعاية الأب بالشكل الكاف للأبناء، وننصح المرأة في هذه الحالات بالصبر وأن تتحدث مع زوجها مرة أخرى وإن لم يحدث نخبرها بأن تحضره أو أن يتحدث إلينا.


- ومم يشكو الرجال من زوجاتهم؟
شكوى الرجال يكون من أمور يكون فيه التجاوز من الزوج، حيث أن مشكلته أن زوجته لا تنفق مرتبها في البيت وهي غير مكلفة، والأمر الثاني من تقصير الزوجة معه في العلاقة الزوجية بسبب اهتمامها بالأبناء والمنزل أو أهلها وأحيانًا بسبب السوشيال ميديا ومواقع التواصل التي أصبحت تحتل مساحة كبيرة من حياة الناس في المجتمع.


- هل الاتصالات من المسلمين فقط؟
بالطبع لا، فنحن نتلقى مكالمات من المسلمين وغيرهم، ومن عدد كبير معظمها في الميراث حيث يحتكموا فيه إلى الشريعة الإسلامية، كذلك يسألون في مسائل الزواج لأن المسلم متاح له الزواج من امرأة من أهل الكتاب، كذلك في معاملات الجيرة ومسائل الشفعة والبيع والشراء.
وأحيانًا تكون الإجابة لصالح الطرف غير المسلم، لأننا نجيب وفقًا للشريعة الإسلامية.


- هل تجد استقبال فتاوى الهاتف اليومية معبرة عن ثقة المواطن في المؤسسة الدينية؟
دائما خلال شهر رمضان بالأخص كنا نعاني من حدوث حالة من الشد والجذب مع المتصلين، فنخبرهم أن مسألة ما إجابتها أمر معين، فيرفضون إجابتنا لأن آخر أفتاهم بأمر مختلف، فعندما نخبره بأن شيء يفطر كان يتساءل مهاجمًا «كيف وفلان أخبرني بأنه لا يفطر؟»، أما رمضان الماضي فلم نتعرض لهذا الأمر بل كان هناك حالة من الثقة.
وكان الجدال يزيد كثيرًا مع الاتصالات التي ترد خلال المناسبات مثل المولد النبوي الشريف، وشهر رمضان، واحتفالات غير المسلمين بأعيادهم.
خلال رمضان الماضي لم نسجل حالة واحدة فيها اختلاف بين الإفتاء والمتصل، وهذا يدل على حالة الاستقرار، خصوصًا مع زيادة الإقبال على الاستفسار عن المسائل المختلفة، ففي إحصائية عن عدد المتصلين على تليفون الدار للاستفسار عن سؤال وجدنا حوالي 545 ألف استفسار خلال رمضان الماضي.
وتواجد من يفت الناس على غير المنهج الأزهري خارج المؤسسات الدينية، نرى أثره في تعامل الناس سواء في حدتهم عبر الهاتف أو من يحضر منهم لمسألة معينة، بسبب اللجوء لغير المتخصصين، إلا أننا نتمكن من استعادة الثقة بشرح تفاصيل الأمور والرد على كل الاستفسارات، وفي النهاية نترك حرية التنفيذ للسائل.


- ما هي الفتوى التي عرضتك للهجوم؟
لم أتعرض لأي هجوم على أي فتوى طوال فترة عملي سواء على الفضائيات أو في دار الإفتاء المصرية، إلا مسألة واحدة عبر فضائية قناة «الناس»، أخبرت فيها برأي المذاهب بخصوصها ورد الإفتاء، ولكن أثارها أحد الصحفيين بشكل هجومي وفي النهاية وضعناها في جانب الدراسة مرة أخرى.


أما عن هجوم المتصلين، فإحدى الزوجات سألت في مسألة خاصة بالطلاق فطلبنا زوجها، ونجد صراعا كبيرا من الزوجة وقتها لأنها تريد الفتوى، ولا يمكن أن نخبر بفتوى إلا بعد الاستماع إلى الزوج، فتحاول أن تصل إلى إجابة بسرد تفاصل أخرى ونؤكد لها أنه لابد من مناقشة الزوج، فنجد هجومًا منها.


المسائل التي كان يروج لها على أننا نسير فيها خلف الدولة مثل أمور البنوك والإيداع تحديدًا، فعندما قلنا أن الإيداع حلال وجدنا هجومًا وتم اتهامنا بإخراج فتاوى وفقًا للدولة وما تريده، وحينها نناقش الطرف المهاجم ونفهمه.

 

- وماذا عن أسئلة المرأة حول الأمور التجميلية والوسائل الحديثة؟
أسئلة الهاتف تمتاز بأنها تجمع ما بين أسئلة الموقع الفتوى الإلكترونية والفتوى الشفوية، فنحن فتوى شفوية لأننا نحاور الناس لكن الوقت في الهاتف محدود، والغرض ليس حل المشاكل وإنما الإجابة والتيسير على الناس، فتردنا أسئلة عن الأمور التجميلية بالفعل وبكثرة، نلتزم فيها بمقررات الدار وأكثرها من النساء.


- لماذا تطلب مسائل الطلاق حضور الزوجين إلى دار الإفتاء؟
قضية الطلاق من الأمور الخطيرة التي يترتب عليها استمرار أسرة أو هدمها، وبالتالي نحتاط فيها قدر المستطاع، فنستقبل أسئلة في الخدمة المباشرة فقط، وفي بعض الأسئلة نكتفي فيها بكلام الزوج في التليفون والتي يكون فيها المسألة بسيطة مثل الطلاق المعلق أو المرتبط بيمين الطلاق وحينها نجيب.


لكن عندما نجد المسألة لها أبعاد أخرى تصل إلى إنهاء العلاقة الزوجية بين الطرفين أو ستصل إلى مشاكل كبيرة أبعد من وقوع الطلاق من عدمه فنحيل هذه الأمور للدار للتحدث مع الطرفين للجلوس مع أمين الفتوى أو لجنة على حسب الحالة، فهذا يعطي الأمر أهمية ولا تخلو الفتوى من نصيحة وموعظة ونساهم في إيضاح كل الجوانب حتى نعمل على حلها.
وفي فتاوى الهاتف دورنا الإجابة عن التساؤلات وإن كان هناك ما هو متعلق بإحدى الإدارات نحيل السائل إلى الإدارة المسئولة، فلدينا مثلا الخاصة بفض النزاعات، أو إدارة التدريب والتي فيها تدريب المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثًا وغيرها.

- ما الأسئلة الأخرى التي استدعت حضور السائل؟
لا يمكن حصرها، ولكن الكثير منها يتعلق بالتسويق الشبكي، فلا نفت فيه إلا في حالة واحدة هي شركة «كيو نت» وأُفتي فيها بالحرمة، غير ذلك نطلب حضور السائل ومناقشته في المسألة وكذلك أي مسألة في خلاف مالي بين طرفين أو أكثر، وخصوصًا التي فيها مضاربة شرعية وهي التي يعطي فيها شخص مال لآخر ليستثمرها ويتفق معه على نسبة من الربح، فيدعي الطرف الذي أخذ المال أنه خسر ويحدث نزاع مع صاحب المال، إلا حالات تحدث فيها الخسارة نتيجة إهمال لذا لابد من التحدث مع الطرفين والوصول إلى فتوى حسب الحالة.


وكذلك كل مسائل الرضاعة التي يتم فيها تحريم الزوجة على زوجها، وكل المشاكل التي تحتاج إلى النصح والإرشاد نحولها إلى الدار، ونجيب فقط عن الأسئلة البسيطة التي ليس بها أي مشاكل.


- ما هي آليات الرد على أسئلة الشبهات والمتعلقة بالإلحاد والشذوذ الجنسي؟
في مسألة الإلحاد إذا كانت المسألة بسيطة فنقوم بالإجابة عنها، أما إذا كانت حالته متقدمة نحيله لدار الإفتاء للرد على أسئلته من خلال لجنة ترد على الملحدين والشبهات وإرجاعه إلى الطريق الصحيح، أما الأسئلة الخاصة بالشذوذ الجنسي وغيرها نتعامل مع الناس في بعض الحالات أقرب ما يكون إلى الأطباء النفسيين، فنسمع قدر المستطاع لأن وقت الهاتف محدود فلا نتمكن من التحدث بشكل مطول، ونوازن ما بين الإجابة والمحافظة على الآخرين لاستقبال أكبر عدد ممكن من الاستفسارات.
وخلال الاتصال ننصح ونعظ وإن وصلنا إلى البغية فالحمد لله، أما إذا وجدنا الشخص يحتاج إلى حوار مطول أو جلسات فننصحه بالمجيء إلى الدار وإن لم تجد الدار حلولا للشخص نحيله إلى أطباء.