قال فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر -في حديثه اليومي، - على الفضائية المصرية : إن العصمة عند أهل السنة قاصرة على الأنبياء فقط، ولا تتعداهم إلى أي فرد من الأفراد.
 
وأوضح أن العصمة عند الشيعة ليست قاصرة على الأنبياء بل هي ثابتة أيضا عندهم لأئمة الشيعة، كما أن أهل السنة يقولون بعصمة الأمة بمعنى أنها إذا اجتمعت على أمر أو حكم ما، فإن هذا الأمر غير قابل للطعن فيه، ويجب قبوله، ويكون حجة على المسلمين إلى أن تقوم الساعة، ومن هنا عُدَّ الإجماع المصدر الثالث من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، وذلك انطلاقًا من نصوص شرعية صحيحة تثبت أن الأمة إذا اجتمعت على شيء فهو حق؛ لأنها لا تجتمع على ضلال، ويستحيل شرعا على الأمة أن تختار الباطل أو تجتمع عليه.
وأضاف أن العدالة ليست عصمة إلهية، ولذا قد تضعف العدالة عند الصحابي وتتغلب عليه نوازع النفس ويقع في الإثم وسرعان ما يتوب إلى الله، لكنها حالات محدودة، فمِن الصحابة مَن اقترف بعض الآثام، وكان يعترف بإثمه، ويذهب للنبي – صلى الله عليه وسلم- يطلب منه أن يطهره بإقامة الحَدِّ، والتاريخ يقص علينا أن بعض الصحابة قد دخلوا فيما يسمى بالفتنة الكبرى؛ وهو الاقتتال الذي حدث بمقتل سيدنا عثمان وفي عهد سيدنا عليٍّ -رضي الله عنهما- مع أنهم ما دخلوا فيه إلا مجتهدين ومتأولين، فكلٌّ كان يعتقد أنه يقاتل في سبيل الحق ومن أجل مصلحة المسلمين، ومعلوم.
 
 
وأضاف أن المجتهد إذا أصاب له أجران: أجر الاجتهاد وأجر إصابة الحق، وأن المجتهد المخطئ له أجر واحد؛ وهو أجر الاجتهاد، وبالتالي فإن المسألة هنا لا تجرم الصحابي الذي ذهب وانضم للجيش المطالب بثأر عثمان- رضي الله عنه، ولا تجرم الصحابي الذي انضم لجيش علي- رضي الله عنه.
 
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن الصحابة في كلا الفريقين تقاتلا من أجل الحقِّ الذي يعتقده، والمقاتل المتأوِّل – كما قلنا - له أجرٌ واحدٌ إن أخطأ، وله أجرانِ إن أصابَ، وهذا لا يعني أن تَتأوَّل مجموعة ما وتقاتل المجتمع المستقر؛ لأن التأوُّلَ لا يكون إلا في الأمور المشتبهة، التي لا يُرَى فيها الحق حقا والباطل باطلا، أما عندما يكون المجتمع آمنا مستقرًا، فلا يجوز التأوُّل؛ لأن الشرع يُحَرِّمُ الخروج المسلح على المجتمع الآمن المستقر، إذ الخروج المسلح على المجتمع معصية، وهناك نصوص كثيرة في هذا الباب، ولا اجتهادَ ولا تأويلَ مع النَّصِّ،
لافتًا إلى أن الأمور المشتبهة التي تعرض لها المجتمع المسلم في زمن الفتنة الكبرى -هي هل يُثْأر من قتلة عثمان أوَّلاً ثم ينتخب الخليفة، أم يُنتَخَب الخليفة أوَّلا ثم يُثأَرُ من قتلة عثمان؟، فالسيدة عائشة -رضي الله عنها- كانت ترى الرأي الأوَّل، والفريق الآخر قالوا: إن سيدنا عليًّا أَوْلَى بالخلافة، نقيم له خلافة ونسلِّم له، ثم بعد ذلك نبحث عن قتلة عثمان، وكلا الفريقين تمسك برأيه، ومن هنا نشأ الخلاف، وحدث الالتباس، وتعرض المجتمع لأمور مشتبهة، ومن هنا يقال فيها: إن الذي أخطأ له أجر، والذي أصاب له أجران، لكن لا يقال هذا: فيمن اجتهد
مثلا في تحليل الخمر، لأنه لا اجتهاد ولا تأويل مع النصوص الواضحة.