يومًا بعد يوم تتعقد الأوضاع الأمنية فى جنوب وشمال سوريا نتيجة استغلال الاحتلال الإسرائيلى انشغال السوريين بالمرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد، وسعى تركيا إلى توسيع وجودها فى الشمال السورى
وتكشف التطورات الأخيرة توغلاً جديداً للقوات الإسرائيلية الثلاثاء الماضى خلال الريف الغربى لمحافظة درعا طال عدة قرى وبلدات فيما يعرف بـ«حوض اليرموك» الاستراتيجى جنوب غرب سوريا.
فمنذ السابع من ديسمبر توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلى فى مناطق عديدة جنوب سوريا متجاوزة خط وقف إطلاق النار الذى تم الاتفاق عام 1974، لتحتل المنطقة العازلة وما تبقى من مرتفعات الجولان الإستراتيجية، بالإضافة لجبل الشيخ وكذلك بلدات عديدة فى القنيطرة، حتى وصلت لعمق «حوض اليرموك» وسيطرت عليه، باتجاه الحدود الأردنية السورية جنوبا.
وتعد منطقة حوض اليرموك، الواقعة غرب درعا ذات أهمية استراتيجية كبيرة لكل من سوريا والأردن. وتشكل المنطقة نقطة حيوية للأمن المائى فى البلدين، حيث يغذى نهر اليرموك الأراضى الزراعية ويوفر مياه الشرب لملايين السكان فى درعا والسويداء وشمال الأردن وتسيطر «إسرائيل» على أجزاء منه.
تهدف العمليات الإسرائيلية الأخيرة لتوسيع حدودها الشمالية واحتلال المناطق الاستراتيجية إضافة لممارسة مزيد من الضغط على الإدارة السورية الجديدة، التى تواجه تحديات تتعلق بإعادة السيطرة على المناطق الحدودية وتأمين مصادر المياه الحيوية.
يأتى ذلك فى نفس الوقت الذى تعمل فيه تركيا أيضا أن يكون لها نفوذ كبير فى سوريا بعد أن أطاحت المعارضة المسلحة التى تدعمها بنظام الأسد ومن المتوقع الآن أن تلعب دورًا مهمًا فى تشكيل سوريا.. وتشترك تركيا فى أطول حدود برية مع سوريا بطول أكثر من 900 كيلومتر. وبالتالى فإن سوريا ليست مجرد قضية تتعلق بالسياسة الخارجية بالنسبة لتركيا، بل هى أيضًا قضية داخلية. ولذا يعتبر العديد من المراقبين، أن تركيا الآن هى القوة الإقليمية الأكثر نفوذًا على الفصائل المسلحة فى سوريا وهو ما يتيح لها تحقيق أهدافها، مثل شن مزيد من الهجمات ضد الأكراد السوريين، وإعادة اللاجئين إلى سوريا. ويرون أنها ستواصل التربع على عرش التطورات السورية رغم التحديات التى تواجهها داخليا وخارجيا.