في الوقت الذي تتسابق فيه دولنا العربية لدفع المليارات في صفقات الأسلحة لضمان أمنها ومواكبة ما تشهده منطقتنا من حروب وصراعات وإرهاب، يتجه العالم لتوظيف هذه المليارات وغيرها لدعم نوع آخر من الأمن.. هو الأمن «السيبرانى» أو الأمن الالكتروني.
والمقصود به تحصين كل المواقع الالكترونية التابعة للدولة بما تحمله من قاعدة بيانات ضخمة وثروة معلوماتية هائلة ضد القرصنة الالكترونية، وذلك لما يحمله اختراق مثل هذه المواقع التي تضم معلومات تخص الأمن القومي، من خطورة كبيرة.
ووفقاً لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة «سكيور وورلد»، فإن وزراء الدفاع حول العالم يرون الاختراقات والهجمات الالكترونية أحد أكبر تهديدات الأمن القومي. فبجهاز كمبيوتر واحد يمكن لأي هاكر اختراق أضخم وأعتى الأنظمة الأمنية في العالم، وتعطيل أجهزة ومعدات بل وأنظمة دفاعية، محققاً ما لا تستطيع جيوش كاملة تحقيقه. وإدراكا منها للأهمية المتزايدة لهذا القطاع بدأ اهتمام العالم يزيد بمجال «الأمن السيبرانى».
وطبقاً لتقديرات «فوربس» فإن الهجمات الإلكترونية للهاكرز، ناهيك عن تهديدها للأمن القومي، تكلف العالم من الناحية الاقتصادية حوالي 400 مليار دولار سنوياً، وتشمل هذه التكلفة الأضرار المباشرة بالإضافة إلى تأثير ما بعد الهجوم على السير العادي للأعمال. وهناك بعض تقديرات لوسائل الإعلام يرتفع فيها هذا الرقم ليصل إلى أكثر من 500 مليار دولار.
وأشار تقرير صدر من مؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز» المتعددة الجنسيات، إلى أن هناك 42.8 مليون حادثة أمن معلومات على مستوى العالم تم رصدها عام 2014، بزيادة 48٪ عن الأعوام السابقة. إلا أنه، وفقا لتقرير المخاطر العالمية الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) 2015، فإن هذا العدد غير دقيق، لأن معظم جرائم الإنترنت لا يتم الإبلاغ عنها، فعدد قليل من الشركات يتقدم بمعلومات عن خسائره في هذا المجال خوفاً من تأثيره السلبي على سمعتها.
وقال مركز أبحاث أمريكي إن تكلفة خروقات البيانات ستصل إلى 2.1 تريليون دولار عالميا بحلول عام 2019، وذلك بزيادة إلى ما يقرب من أربعة أضعاف التكلفة التقديرية لانتهاكات في عام 2015. فيما تقدّر دراسة حديثة نشرها مركز الأبحاث الأمريكي «مجلس الأطلسي» ومجموعة «زيورخ للتأمين» السويسرية أن الهجمات السيبرانية يمكن أن تكلّف العالم ما يصل إلى 90 تريليون دولار بحلول عام 2030 إذا فشل الأمن الإلكتروني في التقدم والتحديث بوتيرة سريعة.
في مواجهة هذا التحدي بدأت دول العالم رصد ميزانيات ضخمة لمجال الأمن الإلكتروني، وبحسب تقديرات مؤسسة «فوربس» العالمية ارتفعت ميزانية قطاع الأمن ضد القرصنة فى جميع أنحاء العالم العام الماضي 2015 إلى 75،4 مليار دولار. وهو رقم مرشح للارتفاع إلى 101 مليار دولار في غضون عامين أي بحلول 2018، ثم إلى 170 مليار بحلول عام 2020، وذلك حسب تقديرات مركز “ماركتس اند ماركتس” الأمريكي لدراسات السوق.
ففي أمريكا، حيث صنفت الاستخبارات الجريمة الإلكترونية في المركز الأول في قائمة تهديدات الأمن القومي قبل الإرهاب والتجسس وأسلحة الدمار الشامل، تم تخصيص 14 مليار دولار لهذا المجال في ميزانية 2016. وكانت أمريكا قد أنفقت 100 مليار دولار، على مدى العشر سنوات الماضية، في مجال الأمن السيبرانى. ووفقا لتقرير منظمة «ماركت ريسرش ميديا» البحثية فإن الإنفاق السنوي الأمريكي في هذا المجال يتجاوز ضعفي ما تنفقه أي دولة أخرى.