حلول مبتكرة لأزمات الكهرباء

هذه الصورة تعبر عن مشكلات الطاقة وصنعت بالذكاء الاصطناعى
هذه الصورة تعبر عن مشكلات الطاقة وصنعت بالذكاء الاصطناعى

قبل سنوات قليلة وصف الباحث الأمريكى الأشهر فى مجال الذكاء الاصطناعى ومؤسس منصة كورسيرا أندرو نج بأن الذكاء الاصطناعى هو «كهرباء جديدة» ستضيف الكثير للعالم. ربما لم يكن نج يعنى الكلمة حرفيًا فيما يخص أنه مصدر جديد لإنتاج الطاقة ولكن مما لاشك فيه أن الذكاء الاصطناعى يمتلك الكثير من الحلول السحرية لمشكلات الطاقة والكهرباء لذا يتزايد الاستثمار فى هذا المجال بوتيرة متسارعة فى ظل تهافت دول العالم على توفير وتأمين الطاقة التى تحتاجها. وإن كان الكثير من الدول يعانى من مشكلات تتعلق بعدم انتظام التيار الكهربائى كما هو الحال فى مصر، فقد أوجد الذكاء الاصطناعى بدائل أخرى يمكننا الاستفادة منها.

خلايا الوقود
خلية الوقود هى جهاز كيميائى يحول الطاقة الكيميائية للوقود (الهيدروجين) عن طريق الأكسدة (الأكسجين) إلى كهرباء. وتم استخدام خلية الوقود فى برامج الفضاء التابعة لوكالة ناسا منذ منتصف الستينيات لتوليد الطاقة للأقمار الصناعية وكبسولات الفضاء. منذ ذلك الحين، استخدمت خلايا الوقود فى العديد من التطبيقات، بما فى ذلك توفير الطاقة الأساسية والاحتياطية للمبانى التجارية والصناعية والسكنية، وفى المناطق النائية.

اقرأ أيضًا  | هكذا يفكر وظائف المستقبل

لذا تعتبر خلايا الوقود واحدة من أهم مصادر إنتاج الكهرباء والطاقة النظيفة وتعتمد عليها العديد من الدول فى إنتاج الكهرباء ومنها الصين التى تنتج أكبر كمية من الهيدروجين من بين جميع الدول، خاصة ما يعرف يالهيدروجين الأخضر (الخالى من الانبعاثات) باستخدام الطاقة المتجددة.

وتعتبر الصين رائدة فى تطوير مركبات الوقود الخلوى والحافلات والشاحنات التى تعمل بخلايا الوقود وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادى العالمى الصادر عام 2022. كما تستثمر أمريكا فى إنتاج خلايا الوقود وتهدف إلى إحلال 200 ألف سيارة بهذه الخلايا بحلول العام القادم حفاظًا على البيئة.

كذلك تعد تشيلى والمغرب ونامبيا من أهم الدول المصدرة للهيدرجين الأخضر، كما تعتمد على خلايا الوقود كل من الهند واليابان وكوريا الجنوبية. وأصدر الاتحاد الأوروبى استراتيجية الهيدروجين الوطنية فى عام 2020، حيث يعتمد الاتحاد بشكل كبير على الهيدروجين الأخضر، ويهدف لإنتاج 40 جيجا واط بحلول عام 2030 وذلك فى إطار الالتزام بالاتفاق الأخضر الأوروبى والتوجه العالمى نحو مصادر الطاقة النظيفة.

ويلعب الذكاء الاصطناعى دورًا مهمًا فى تحسين كفاءة خلايا الوقود مثل ما تفعله شركة IBM التى تطور نموذجًا باستخدام الذكاء الاصطناعى من بيانات خلايا الوقود لإنشاء نسخة رقمية من الخلايا ويجرى تجارب متعددة لتحسين أدائها وإنتاجيتها. كما يساعد الذكاء الاصطناعى فى اكتشاف المواد الجديدة التى يمكن أن توفر الطاقة لخلايا الوقود غير الهيدروجين.

الطاقة النووية
تعد الطاقة النووية واحدة من أهم المصادر التى تعتمد عليها الدول الكبرى فى إنتاج الكهرباء، عبر عملية تسمى «الانشطار النووى» الذى يحدث عندما يصطدم شىء أصغر حجمًا - نيوترون - بذرة ذرية، مما يؤدى إلى تقسيمها ويحدث تفاعل متسلسل حيث يتم إطلاق المزيد من النيوترونات هذه العملية تولد كمية كبيرة من الحرارة ويتم تحويل هذه الحرارة إلى كهرباء.

وتعتمد العديد من الدول على المحطات النووية فى إنتاج الكهرباء، من بين هذه الدول: الولايات المتحدة التى تعد أكبر منتج للطاقة النووية فى العالم. وفرنسا التى تمتلك أكبر حصة من الكهرباء المولدة من الطاقة النووية، بنحو 70% من إجمالى إنتاجها. كذلك الصين وروسيا. وأعلنت وزارة الطاقة الأمريكية عن مجموعة من الإجراءات للاستعانة بالذكاء الاصطناعى لدعم اقتصاد الطاقة النظيفة فى أمريكا ووقعت العديد من شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وجوجل اتفاقيات مع شركات مولدة للطاقة الكهربائية من المحطات النووية.

توزيع وترشيد الاستهلاك
يلعب الذكاء الاصطناعى دورًا مهمًا فى إدارة الشبكات الذكية لإمداد الكهرباء التى تستخدم تكنولوجيا الاتصالات الرقمية لاكتشاف التغيرات المحلية فى الاستخدام والاستجابة لها.

كما تتنبأ خوارزميات الذكاء الاصطناعى بأنماط الاستهلاك مما يساعد المرافق على تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة. كما يتم التنبؤ من خلال العرض والطلب والتوزيع العادل للكهرباء ومنع إهدار الطاقة وتعزيز السلامة والكفاءة ومراقبة المحطات خاصة النووية. كما تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعى فى تصليح الخلل واستقرار الخدمة وعدم تعطلها.

الطاقة المتجددة
ليس من الغريب أن يتخذ قطاع الطاقة خطوات مبكرة لتسخير قوة الذكاء الاصطناعى لتعزيز الكفاءة وتسريع الابتكار. خاصة فى إنتاج الطاقة النظيفة من الرياح والهواء والشمس للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى. وتشير إحصائيات حديثة إلى أن الذكاء الاصطناعى يخدم بالفعل أكثر من 50 استخدامًا مختلفًا فى نظام الطاقة، وأن سوق هذه التكنولوجيا فى هذا القطاع قد تصل قيمته إلى 13 مليار دولار أمريكى. ويساعد الذكاء الاصطناعى فى التنبؤ بالرياح والظواهر الطبيعية باستخدام نماذج الطقس فيتحكم فى تدفق الرياح إلى مستويات إنتاج أعلى.

ومن التطبيقات الرئيسية الأخرى للذكاء الاصطناعى ما يسمى بالصيانة التنبؤية، حيث تتم مراقبة أداء أصول الطاقة وتحليلها باستمرار لتحديد الأعطال المحتملة فى وقت مبكر. ويستطيع الذكاء الاصطناعى مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعافها. ويساعد فى تحسين محطات الطاقة الشمسية وفى تعزيز قدرات تخزين الطاقة، وتحسين دمج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، مثل: طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فى الشبكة الكهربائية. التنبؤ بتوليد الطاقة المتجددة بدقة، وتنسيقها مع الطلب على الطاقة.

كهرباء الذكاء الاصطناعى
بينما نناقش مشكلات عدم انتظام التيار الكهربائى تشغل أمريكا والدول العظمى قضية أخرى تتعلق بتوفير الكهرباء بعد زيادة الاستهلاك لإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعى التى قدرت فى بعض الدراسات بأنها تشبه توليد كهرباء لدولة كاملة.

وقد خرج بيل جيتس فى مقابلة قبل يومين ليطمئن الجميع بالقول إن الاستهلاك الهائل للطاقة اللازم لأنظمة الذكاء الاصطناعى لا يدعو للقلق لأن الذكاء الاصطناعى سيحدد فى نهاية المطاف طرقاً للمساعدة فى خفض استهلاك الطاقة ودفع عجلة التحول إلى الطاقة المستدامة.