خبراء بمؤتمر «صراعات القرن الأفريقي»: مبادرة اقليمية لحل النزاعات«المُركبة» 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

لا ينبغي أن يقتصر بحث الصراع في القرن الأفريقي على دوله الأربع الصومال وجيبوتي وإثيوبيا واريتريا أو حتى بإضافة الدول المجاورة له فقط بل يجب أن يتضمن قوى اقليمية ودولية لها نفوذ مباشر أو غير مباشر على منطقة القرن الأفريقي والأمن البحري في المنطقة.. هكذا استهل الدكتور محمد مجاهد الزيات عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حديثه خلال مؤتمر صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الاقليمي والمصري.

كان المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية نظم الاسبوع الماضي مؤتمرا عالميا امتد ليوم كامل في ثلاث جلسات متتابعة تناول فيه نحو ٢٠ خبيرا مصريا ودوليا قضايا منطقة القرن الأفريقي وأثرها على الأمن القومي المصري بحضور وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج سها جندي و٣٦ ممثلا للسفارات الأجنبية في القاهرة وعدد كبير من الأكاديميين المتخصصين والسياسيين والمراسلين الأجانب.

طبيعة الصراع
وصف الزيات صراعات القرن الأفريقي بـ"الصراعات المركبة" التي يتشابك فيها الوضع الداخلي مع دول الجوار إضافة إلى الشأن الإقليمي والدولي.
وأوضح أن طبيعية الصراع الدولي في هذه المنطقة اقتصادي بالأساس فالأمن الملاحي في المنطقة يمثل أهمية كبيرة للجانب الأمريكي كما يعد الممر المائي الرئيس لطريق الحرير الجديد الذي تعمل الصين على تدشينه.
ورأت الدكتورة دلال محمود، مدير برنامج الأمن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن تحديات القرن الأفريقي تمتد إلى السودان واليمن كما تفرض الصراعات هناك المزيد من التحديات على الأمن البحري، مما يزيد من تعقيد الصراع في هذه المنطقة.
وتابعت أن القرصنة التهديد الرئيس للأمن البحري في منطقة القرن الأفريقي بما يرفع تكلفة التجارة العالمية، خاصة وأن البحر الأحمر يمر به 12% من التجارة العالمية، مما يزيد من صعوبات تحقيق السلام, وفقا للدكتورة دلال.

القوى العظمى
وفيما يتعلق بمصالح القوى العظمى في المنطقة, قال الدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربية وعضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن منطقة القرن الأفريقي تعد أحد الساحات التي يتجسد فيها التنافس الدولي بين القوى الكبرى الثلاث الولايات المتحدة وروسيا والصين.

وتابع أن الولايات المتحدة لها مصالح استراتيجية في منطقة القرن الأفريقي، وعلى رأسها تأمين حركة التجارة العالمية، كما تنظر الولايات المتحدة للقرن الأفريقي على أنه امتداد لمنطقة الاندوباسيفيك التي تحتل أهمية كبرى لدى الولايات المتحدة باعتبارها منطقة اقتصادية واعدة تولي لها الصين أولوية بالغة، وتستخدم الولايات المتحدة عدد من الأدوات في منطقة القرن الأفريقي منها التواجد العسكري ممثلا في الأفريكوم، والتمثيل الدبلوماسي الرفيع بوجود ممثل خاص للولايات المتحدة في القرن الأفريقي. 
وحول دور الصين في منطقة القرن الأفريقي، أوضح كمال أن دورها يتزايد بالمنطقة وهو مرتبط بمصالحها الضخمة في أفريقيا والقرن الأفريقي.
وهناك أيضا اهتمام دبلوماسي صيني بمنطقة القرن الأفريقي بوجود مبعوث صيني لهذه المنطقة.

ولفت كمال إلى توافق بين الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالاتفاق الذي عقد بين إثيوبيا وصوماليلاند للحصول على منفذ على البحر الأحمر, فكلاهما يرفضان الاتفاق لما يمثله من انتهاك لسيادة الصومال.
أما الجانب الروسي فهناك اهتمام بإفريقيا يبرز في التواجد العسكري بقاعدة عسكرية في إريتيريا. 
ويرى كمال أنه بينما يوجد تنافس بين القوى الثلات الكبرى في القرن الأفريقي, هناك أيضا مساحة كبيرة للتعاون نظرا لأهمية الاستقرار في هذه المنطقة بالنسبة للدول الثلاث وكذلك استقرار حركة التجارة العالمية.

مبادرة للحل
ودعا كمال إلى تدشين مبادرة اقليمية لإقامة نظام أمني لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي يكون قائما على التعاون البحري تحظى بدعم وتعاون القوى الكبرى، وتقوم على احترام سيادة الدول الأعضاء والالتزام بالحل السلمي للنزاعات وأن يشمل النظام جميع دول المنطقة.

وحذر عزت إبراهيم عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية من تزايد التدهور في القرن الأفريقي إذا لم تُصنع رؤية إقليمية تركز على استعادة الاستقرار واحترام سياده الدول والإنتقال إلى التعاون الاقتصادي بديلا عن الصراع.. وأشار إلى أن إسهامات مراكز التفكير تقدم قراءة عميقة لما يجري، مما يدفع صانع القرار لإحداث بعض التغييرات في هذا الاطار.