من كسر العزلة إلى فرض الإرادة

نجاح الثورة نقطة انطلاق السياسة الخارجية لاستعادة الدور الريادي

استعادة الدور الريادى للسياسة الخارجية المصرية
استعادة الدور الريادى للسياسة الخارجية المصرية

كان انتصار الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو على قوى الظلام بداية لسلسلة من الانتصارات داخليًا وخارجيًا، حيث كان التحدى كبيرًا على الصعيد الدولى لكسر العزلة التى حاولت بعض الدول فرضها على مصر، سواء بتوضيح الصورة بأن ما جرى فى مصر ثورة شعب ساندها الجيش، لمن أراد التوضيح، ومن كان يضمر السوء لمصر فقد أجبره سريان عجلة الحياة والتنمية ولغة المصالح المتبادلة على إعادة النظر فى طريقة التعامل مع البلد الأكبر فى الشرق الأوسط.

 كسب ثقة واحترام العالم وتحقيق المصالح المشتركة 

 تنويع البدائل.. وصداقات جديدة.. وتعميق العلاقات مع القوى الصاعدة 

نجاح الثورة كان نقطة انطلاق للسياسة الخارجية المصرية لاستعادة الدور الريادى على الصعيدين الإقليمى والدولي، بفضل تحركات دبلوماسية في عدد من القضايا والملفات في ظل متغيرات كبيرة يشهدها الشرق الأوسط والعالم أجمع.. اﻻستراتيجية الدولية لمصر ما بعد 30 يونيو عبر عنها وزير الخارجية فى حكومة الثورة نبيل فهمى فى أول مؤتمر صحفى عقده بعد توليه الوزارة، حين أعلن 3 أولويات للسياسة الخارجية المصرية وهي: حماية ودعم الثورة ونقل صورتها الحقيقية للعالم الخارجي، والعمل على استعادة مصر لموقعها العربى الإفريقى والمتوسطي، والتعامل مع القضايا العاجلة المرتبطة بالأمن القومى المصري، ووضع الأرضية الشاملة والأسس الصحيحة للسياسة الخارجية المصرية على المدى الطويل. 

واستمرت التحركات الدبلوماسية المصرية مرتكزة على عدة محددات أبرزها: التوازن في إقامة علاقات مع كافة القوى الدولية، فى إطار يقوم على الندية وتحقيق المصالح المشتركة، فضلا عن الالتزام بالاحترام المُتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وتطبيق مبادئ السياسة الخارجية المصرية القائمة على دعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولي، إلى جانب تعزيز العمل الدولى فى محاربة الإرهاب والفكر المتطرف في الشرق الأوسط والعالم. 

الوضع المضطرب فى الإقليم الذى صاحب مطلع العقد الماضى ونجت منه مصر بفضل ثورة 30 يونيو، دفع القاهرة لتبنى الدعوة إلى الحفاظ على الدولة الوطنية، وخرج الرئيس عبد الفتاح السيسي في غير مرة ليدعو شعوب المنطقة للحفاظ على بلادها والبعد عن أفكار الهدم والتدمير. 

استعادت القاهرة مقعدها فى الاتحاد الإفريقي وحرص الرئيس على المشاركة فى قمم الاتحاد وإعادة التواصل مع القوى الإفريقية الرئيسية، مما أثمر عن انتخاب مصر مندوبًا في مجلس الأمن الدولي لتمثيل إفريقيا، ورئاسة مجلس السلم والأمن الإفريقي. 

كما عملت الدبلوماسية المصرية على إعادة التوازن للسياسة الخارجية، من خلال تنويع البدائل، وإيجاد أصدقاء جدد، وتعميق العلاقات مع القوى الصاعدة عالميًا كروسيا، والهند، والصين، وجنت مصر نتيجة ذلك بدعوتها للانضمام إلى تجمع البريكس. 

ونجحت مصر فى استعادة العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فعلى الرغم من موقف إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما المناهض لثورة 30 يونيو، فقد حرصت مصر على استمرار الاتصال مع أجهزة ومؤسسات صنع القرار الأمريكي، فلم تتوقف زيارات وفود من الكونجرس الأمريكي والمسئولين العسكريين والسياسيين، مما أكد استمرار أهمية مصر في السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط أمنيًا وعسكريًا. 

ووسعت الدولة المصرية دائرة تحالفاتها، حيث شكلت التعاون الثلاثي مع قبرص واليونان، مما عزز التقارب بين القاهرة والاتحاد الأوروبي، كما كان منتدى شرق المتوسط منصة للتعاون فى مجال الطاقة بمبادرة مصرية واستطاعت جمع مختلف الأطراف المعنية بملف الغاز الطبيعى. 

وعلى الرغم من التحديات التى واجهت السياسة الخارجية المصرية من فوضى في اﻹقليم سعت القاهرة بدور الوسيط لنزع فتيل الأزمات ووقف نزيف الدم العربي، حيث حرصت التحركات الدبلوماسية المصرية على إرساء حل سياسى يتوافق عليه الليبيون سعيًا ﻹنهاء المرحلة الانتقالية وعودة الاستقرار إلى الجار الغربى لمصر، كما ﻻ تزال تساهم في تقريب وجهات النظر بين اﻷطراف السودانية ﻹنهاء المأساة الإنسانية التى يعيشها الشعب السودانى.