قصتان

طارق إمام
طارق إمام

الخدعة
لكى يثبت صدق خدعته، وقف الساحر أمام القطار. هنا، لن يُشكك أحدكم فى أدوات مساعدتى، لن يهمهم متفرج أننى تسربت من الصندوق قبل أن يسقط المنشار، لن يؤكد آخر أن حفرة تحت خشبة المسرح تنفتح لأنجو فيها..

الأرنب طرأ من نفسه تحت القبعة الخالية، الحمامة انطلقت فعلا من البالون الخاوى لحظة ثقبه، قطعة العملة ضخها تجويف الأذن، ورقة الكوتشينة ذابت فى عرق الكف، والناس الذين طاروا تحت الكشافات العالية، فردوا الأجنحة التى ولدوا بها وظلت تنمو للداخل كل هذا حدث، ليست فى المعجزات خدعة، الخداع الوحيد هو الواقع.. وقف الساحر أمام القطار، لم ينحن عند اقترابه، لم ينبطح بين العجلات ولم يتبخر فى مكانه، لم تنشق الأرض وتبلعه، لم تحمله سحابة مصنوعة ولم يقفز من شباك سرى فى عربة السائق.
ظل فاتحا ذراعيه ليعانقه.

فعلها الساحر، اختلط صراخ المكابح اليائسة بصرخته فى سائق لا يراه: لا تحاول إيقاف قطارك. دع راكبيك يعرفون.

نجا الساحر، أمام الجميع، دون خدعة، لكن الوقت لم يتح لمتفرجيه؛ كى يصدقوه.

كيف تربى المدينة كلابها

لا أحد يعرف كيف تربى المدينة كلابها، كيف تجعلها تقف عند الأبواب الزجاجية للفنادق، أمام واجهات محال الملابس ومطاعم الوجبات السريعة، تتأمل

البشر، فقط تتأمل، بما يليق بكلاب تربت فى المدينة.

لا تنبح فى وجه السادة، لا تطلب الطعام، لا تلاحق بالنباح عشيقين فى شارع مظلم.

فى المدن الصغيرة تموت الكلاب فى الطرق وتلتهمها القطط. فى المدن الصغيرة لا تفوت الكلاب فرصة للانتقام، تجرى وراء الناس.

لكن فى المدينة الكبيرة، الكلاب تعرف ماذا عليها أن تفعل ليجرى الناس خلفها، وينبحوا.