عاجل جدا

معركة «درامية».. بسبب سفاح التجمع!!

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

فأكثر ما أخشاه أن يأتى مسلسل «سفاح التجمع» ، على غرار مسلسل «سفاح الجيزة» الذى صدمنا بتواضعه فنيا وفكريا

«خناقة حامية «، تدور الآن بين اثنين من كبار المنتجين، للفوز بأسبقية تحويل قصة سفاح التجمع لعمل درامى.


ولا أعرف حتى الآن ما هو الهدف الحقيقى لهذا العمل ، وهل سيحمل فكرة وهدفا ورؤية فنية عميقة، أم أن القائمين عليه يضعون أعينهم على «خلطة» العنف والدم والجنس التى تحملها القصة، والتى تضمن عملا جماهيريا ناجحا، حتى لو كان من نوعية الفن الردئ، ولا عزاء للأسر التى تقتحم هذه المسلسلات بيوتها .


لست بالطبع ضد اقتباس قصص الجرائم والمجرمين الشهيرة وتحويلها لأ عمال فنية ، ولكن لابد من وجود رؤية وفكرة يحملها العمل، وتعيش فى ذهن المشاهد، ولدينا قدوة فى العديد من الاعمال الدرامية العالمية الشهيرة المقتبسة من جرائم حقيقية..


فمثلا المسلسل الأمريكى الشهير criminal minds ، ركز على المحللين الذين يعملون بوحدة تحليل السلوك بمكتب التحقيقات الفيدرالى ، واهتم بدراسة الانماط السلوكية والجوانب النفسية للضحايا والمجرمين، واستمر عرضه ١٥ موسما بنجاح كبير.


ومسلسل bones ، الذى استمر ١٢ موسما ، وكان يستعرض جرائم مختلفة من خلال فريق الطب الشرعى ومحاولة اكتشاف الحقيقة من خلال أسرار الجثث ، وقدم معلومات وتوعية حول دور الطب الشرعى وجهود الاطباء الشرعيين، وهو نفس ما حدث فى المسلسل المصرى المتميز «زينهم» الذى اقتحم لأول مرة تفاصيل عالم الطب الشرعى من خلال مجموعة من الجرائم المثيرة.
وأيضا المسلسل الأمريكى CSI الذى استعرض الجريمة من خلال تركيزه على تفاصيل عمل وجهود رجال الشرطة ، فى البحث والتحريات ووضع الخطط والمتابعة
أقول هذا الكلام قبل التسرع فى تحويل قصة سفاح التجمع ، لعمل درامى، لمجرد «ركوب التريند»، ودون وجود رؤية واضحة فى ذهن القائمين على العمل .
فأكثر ما أخشاه أن يأتى مسلسل «سفاح التجمع» ، على غرار مسلسل «سفاح الجيزة» الذى صدمنا بتواضعه فنيا وفكريا،والذى لم يبق فى أذهاننا منه سوى مشاهد الذبح والدم والتعذيب ، مسلسل لم يكن به أى ترابط فى الأحداث ولا فى الخيوط الدرامية ، حتى الدوافع النفسية والصراعات الداخلية وراء شذوذ سفاح الجيزة لم نفهمها ، ولم يهتم السيناريو بالتركيز عليها ومعالجتها فنيا، باختصار، كان المسلسل بلا هدف ولا عمق ، من بدايته ، وحتى نهايته الغامضة، وهو ما جعل تأثيره سلبيا على المشاهد ، واثار استياء النقاد ، بل ودفع أحدهم لوصف المسلسل بأنه «إهانة لمهنة الكتابة والإخراج والتمثيل» .


لا يمكن أن ننكر أن دراما الجريمة، دراما ناجحة ومشوقة ، وجاذبة للمشاهدين بكل فئاتهم وأعمارهم ، ولكن إلى جانب التشويق والإثارة، لابد من وجود رؤية عميقة ، تحثك على التفكير، وتثير عقلك، وخيالك، وفضولك ، ووعيك ، وتكشف لك أبعادا انسانية جديدة ، تساعدك على الحذر ، والتروى فى الحكم على الأمور والأشخاص، وهذه النوعية من الدراما تحتاج كاتبا متميزا ، ومخرجا مبدعا ، وقبلهما.. منتجا واعيا .