قضية ورأى

إسرائيل وخيار فرض الترتيبات الأمنية من جانب واحد

د.طارق فهمي
د.طارق فهمي

بقلم: طارق فهمي

لن يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو مستبقا كل الخيارات المتاحة وغير المتاحة

مع استمرار العمليات العسكرية فى الوسط وفى غرب ووسط القطاع وصولا إلى رفح جنبا الى جنب دراسة المقترح الامريكى الذى بات هو المطروح فى الواجهة السياسية باعتباره مشروعا قابلا للتعامل، ويتم دعمه مصريا وقطريا بل ودولي، فان السؤال هل تتجاوب إسرائيل مع هذا الطرح، أم تنتظر نتائج العمليات العسكرية فى محيط مناطق رفح ومواصى وجنوب وغرب غزة.

يمكن التأكيد على أن العمل العسكرى يستبق  التعامل مع العمل السياسى خاصة فى الوقت الراهن ، وفى ظل حسابات مهمة  تقدم عليها اسرائيل حكومة وشخص رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو،  وهو ما برز فى الآونة الأخيرة خاصة أن هناك توقعات بأن نتنياهو سيعتمد على نقل رسائل مهمة فى الوقت الراهن  للقوى المناوئة سواء فى المعارضة  ، أو من شريحة العسكريين الذين خرجوا من مجلس الحرب وباتت حكومته متماسكة برغم مخاوف تفككها  ،وفى ظل سعيه لتربيطات حزبية جديدة ما يؤكد على أن نتنياهو يحتاج مزيدا من الوقت لفرض تماسك الحكومة، واستمرارها دون أية صعوبات ، ومع تمدد عمليات الفرقة 162 ، والفرقة 99 فى عمق القطاع للبحث عن باقى المحتجزين ما يؤكد على أن العمل العسكرى مستمر  ،ولن يتراجع فى الوقت الراهن كسبا لعنصر الوقت للوصول إلى مجموعة أخرى وتحريرها مما ينهى اى مفاوضات فى الوقت الراهن ويظهر قوة وتماسك موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ، ويؤكد على أن  مصداقية موقفه وانه لم يقدم على أية تنازلات  ،وهو ما برز فى مواقف حقيقية ،  وتمسك برأيه وهو ما برز بقوة فى الفترة الأخيرة ويساعده فى ذلك تزايد شعبيته وفقا لآخر استطلاعات للجمهور الإسرائيلى.

فى ظل ما يجرى فإن  موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو سيكون حاكما لما هو جار ومحتمل فى الفترة المقبلة  خاصة أنه سيعمل على تطويع أجهزة المعلومات خاصة جهاز الأمن الداخلى شاباك ، والذى لديه تحفظات حقيقية معلنة بشأن التعامل مع تطورات المشهد الأمنى فى رفح وفى العمليات التى يقوم بها الجيش الإسرائيلي،  ومن جانب آخر سيعمل على نقل رسالة للجيش ،  وقياداته بأنه ماض فى التعامل ولن يكون هناك خيارات وسط منتقدا وضع الجيش على الهواء مباشرة ومؤكدا أن اسرائيل لها جيش يدافع عن وجودها ، وليس جيشا له دولة فى إشارة إلى أنه لن يرضخ بما هو مقترح من تخفيض مستوى النيران،  ووقف العمليات العسكرية تكتيكيا والتجاوب مع الطرح الأمريكى ، ولهذا كان قراره بحل مجلس الحرب للانفراد باتخاذ الإجراءات المطلوبة بالرجوع إلى بعض القادة مع تشكيل مجموعة عمل غير واضحة المعالم من بعض العسكريين الذين يتوافقون معه فى الرؤية والفكر.

فى ظل ما يجرى من تطورات عسكرية وسياسية لن يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو مستبقا كل الخيارات المتاحة وغير المتاحة،  فإما أن يستمر فى العمل العسكرى وهو الأرجح والمطروح ، واما أن يتجاوب تكتيكيا مع الطرح الأمريكى والدعوة لوقف إطلاق النار ، ولو مرحليا والعمل على الترتيبات الأمنية فى عمق القطاع كما جرى فى الفترة الماضية بعد أن تم تقسيم القطاع فعليا ، وتم انشاء ممر نتساريم ،  وشطر شارع الرشيد ،  وتقسيم الطرق وشق ممرات فى عمق القطاع وفرض الإجراءات الأمنية عند المداخل الرئيسية وهو ما يؤكد على أن شطر القطاع الراهن ، وتجزئته هو المطروح عمليا ، ومن ثم فأنه سيقدم على المضى فى مخططه لفرض الإجراءات والتدابير المطلوبة وصولا إلى رفح مع الاعتماد على الأساليب الاستخباراتية ، والدفع  بعناصر المستعربين لتحقيق ما يتم  من أهداف تم اقتراحها من قبل الجيش الإسرائيلى .

وبرغم ما يجرى هناك مخاوف معلنة واتهامات متبادلة بين  تكتل ليكود الحاكم من أن الجيش الإسرائيلى ما زال غير قادر على تفكيك كتائب القسام فى رفح،  وأنه يتحسب للكثير من الأمور التى تتطلب الحسم والانتقال الى استراتيجية أخرى قد يدفع نتنياهو قيادات الجيش للدخول فى عمق  رفح وحسم الأمر،  ودفع تكلفة الاقتحام بدلا من التردد الأمر الذى سيوفر للحكومة الإسرائيلية فرض الترتيبات الأمنية بصورة كاملة من جانب واحد بعد تأمين الوجود الإسرائيلى ، وتجزئة مناطق الدخول  خاصة أن الاستمرار فى المواجهات والانتقال من جنوبى وغربى رفح دوريا له تكلفته .

يمكن التأكيد إذا على أن رئيس الوزراء الإسرائيلى  نتنياهو سيعمل  وفقا لقاعدة محكمة ، وهى الانتقال من  المرحلة الراهنة إلى مرحلة أخرى متعلقة بالعمل بصورة منفردة وتطويع مواقف قادة الجيش ، والذين يريدون البحث عن البديل الذى يمكن العمل معه فى المدى المنظور، وهو ما يؤكد على أن استراتيجية المواجهة المقبلة ستنتقل من التجاوب الحذر مع الطرح الأمريكى  للتهدئة  إلى التسريع بمعدل المواجهات الراهنة ، والدخول إلى عمق رفح ، وسيتم ذلك خلال عدة أسابيع مع تكثيف التعامل مع الموقف الراهن ، وتطويع مواقف الأطراف المعارضة بالتأكيد أن الدولة بأكملها تعيش لحظة فارقة ولا يمكن أن تقدم أية تنازلات .