لقاء

أبو زيد بيومي
أبو زيد بيومي

تقدم نحو بابها، فى فرحة غامرة. أخيرا سيلتقى بها، بعد سنوات من الفراق. أكد لنفسه أنها تنتظره فى شوق. ولذا طرق الباب وهو على ثقة أنها ستفتح له.

سمعت طرقاته، لكنها تصنَّعت بعض الدلال، الذى كان اعتاد عليه من قبل. إنه دلال المحبين الذى يزيد من اشتعال الشوق. لم يكن اشتياقه إليها هذه المرة بحاجة إلى كل هذا التدلل، فلقد أرهقته تلك السنوات التى أمضاها بدونها، منذ أن تركت البيت. 



ناداها باستعطاف طالبًا منها أن تفتح. ترددت قليلًا، لكنها وبخطوات لا إرادية، تقدمت نحو الباب.

ماذا تريد منى، يا قاسى القلب؟!
أريد اللقاء؟
عن أى لقاء تتحدث، بعد هذه السنوات؟!
لم يكن بيدى يا حبيبتي. كما أنكِ أنت من تركتِنى وحدي.
لم يكن بيدى يا حبيبي.
إذن، لماذا كل هذا اللوم.
لأنك تأخرت عليَّ كثيرًا.
ألم يخبرك قلبُكِ، أنى كنت كثيرًا ما أقف أمام بابكِ؟
وما الذى منعك من الدخول.
منعتنى الأقدار. كلما هممت بفتح الباب الذى بينى وبينكِ، كانت يدها تشدني.
لكنك استسلمتَ للأمر.
لم أستسلم، لكنهم أوثقونى بحبال الصبر. كنت كمن يسير فى الصحراء، بينما ينادينى صوت من بعيد، أن أواصل، حتى أصل. وها أنا ذا وصلت.
لاح على وجهها السرور، بعد أن لان قلبُها، أمام كلماته.  لقد تأكَّدت أنه ما يزال يحبها، ويشتاق إليها. مدت يدها، وبينما الباب ينفتح، كانت دقات قلبه تتسارع، و أنفاسه تتلاحق. لم يصدق أن أوان اللقاء بها قد حان أخيرا.
أشار إلى مودعيه، الذين حضروا ليشهدوا تلك اللحظات. لقد بذلوا جهدَهم ليعينوه على القدوم إليها. حملوه إلى الداخل، ووسدوه التراب بجانبها. أغلقوا الباب خلفهم، ثم انصرفوا. 
بعد انصراف الجميع، كان التراب تحتهما، قد تحول إلى قارب جميل مُزيَّن، حملهما سويا على ظهره، ثم انطلق بهما فى لقاء أبدي.