العالم يستعد للوباء «إكس»| قلق إيجابي أم مخاوف تُحركها «فوبيا كورونا»؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

لم يكد محمد منتصر، صاحب الستين عاما، يفيق من تداعيات ما يعرف بـ «كوفيد طويل الأمد»، حتى أصيب بالرعب مجددا من تصريحات أطلقها مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، دعا فيها العالم للاستعداد لـ»الوباء إكس».

واعتقد منتصر، الذى كان يعانى لسنوات من صعوبة فى التركيز تم تشخيصها بأنها أحد أعراض ما يعرف بـ»كوفيد طويل الأمد»، أن «الوباء إكس» هو متحور جديد من متحورات كورونا تتوقع المنظمة انتشاره عالميا، غير أنه وبعد أن بدأ فى التحرى والبحث، اكتشف أنه تحذير من «مرض مجهول» قد يحدث، ليزيده ذلك رعبا فوق رعبه، وهى الحالة التى يرفضها خبراء فى تصريحات خاصة مع «الأخبار».

ويقول أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات فى معهد «إدوارد جينز» بجامعة أوكسفورد: « ليس الهدف من الحديث عن الوباء إكس هو الخوف المرضى الذى يعطل كل شيء، ولكن المقصود أن يكون ذلك دافعا لنوع من (القلق الصحي)، الذى يدفعنا لاستيعاب درس جائحة كورونا».

ومصطلح «الوباء إكس»، تم اعتماده فى 2018، كإشارة إلى مسببات الأمراض الوبائية التى لم يتم تشخيصها بعد، والغرض منه هو تشجيع التفكير الاستباقى بشأن مسببات الأمراض التى يمكن أن تسبب وباءً، فهو يمثل طريقة لدفع تفكير الناس إلى الأمام حتى لا يلتصقوا بقوائم مسببات الأمراض الوبائية السابقة، مثل الأنفلونزا أو كوفيد 19. 

والعديد من مسببات الأمراض التى لديها القدرة على التسبب فى جائحة قد لا تكون موجودة بعد فى البشر، وغالبا ما تنحدر من عائلات فيروسية ذات خصائص معينة تجعلهم يتحولون إلى مسببات أمراض وبائية، ويسمح مفهوم المرض (إكس)  للأشخاص بالعمل بشكل استباقى فى تلك العائلات الفيروسية، والبدء فى التفكير فى كيفية انتقالها، وكيفية تأثيرها على جسم الإنسان، وما هى أنواع الاستجابات المناعية المهمة، و كل هذا يمكن أن يبدأ فى وقت مبكر، مما يزيد من قدرتنا على الصمود.

ويقول سالمان: «مما لا شك فيه أن أخطاء الاستجابة المتأخرة لفيروس كورونا، والتى كانت سببا فى تحوله إلى وباء عالمي، دفعت إلى التذكير بمفهوم (الوباء إكس)، حتى يكون العالم مستعدا لما هو قادم، فالتاريخ يقول أن العالم يكون على موعد مع مرض جديد كل ثلاث أو أربع عقود، بعضه يمكن السيطرة عليه، والآخر يتحول إلى جائحة عالمية مثلما حدث مع كورونا».

◄ اقرأ أيضًا | إعلام: الجيش الأمريكي شن حملة لتشويه سمعة اللقاح الصيني ضد «كوفيد-19»

وخلال العقد الماضي، شهد العالم عدة أمراض مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) وإنفلونزا الطيور والخنازير وإيبولا وزيكا وكورونا المستجد (كوفيد 19)، ولم يتحول منها إلى وباء سوى «كوفيد 19».

والدرس المستفاد من كوفيد 19، ونحن ننتظر حدوث الوباء إكس، هو أنه «من المحتمل أن ينتشر عن طريق التنفس، لأن ذلك أكثر كفاءة بالنسبة لمسببات الأمراض، حيث يتحدث الناس، ويضحكون، ويسعلون، ويعطسون، وكل هذا يصعب جدا على الصحة العامة التدخل فيه، كما رأينا مع كوفيد-19، ومن المحتمل أن يكون فيروسا، وليس بكتيريا أو فطريات، لأن الفيروسات تكون أسرع فى الانتشار، ومن المحتمل أن يكون شيئا يمكن أن ينتقل من نوع حيوانى إلى إنسان، أو يمكن أن يكون أحد مسببات الأمراض البشرية التى تطور خصائص جديدة أو تغير جيناتها بطريقة تجعلها أكثر ملاءمة للتسبب فى جائحة»، وذلك كما يقول تامر سالم، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا.

وحتى يتم تأخير ظهور «المرض إكس»، ينصح سالم بثلاثة أشياء، هي:

أولا: إعادة التفكير فى العلاقات الإنسانية مع الحيوانات، حيث لعبت الحيوانات دورا رئيسيا فى كل تفشى مرض كبير تقريبا منذ عام 1970، ففى ذلك الوقت القصير، ظهر حوالى 500 مرض حيوانى المنشأ أو منقول بالحيوان، بما فى ذلك ميرس، وأنفلونزا الطيور، والإيبولا، وماربورج، ولاسا، ونيباه، وزيكا، وكوفيد -19 .

ثانيا: السيطرة على انبعاثات الدفيئة، حيث تزيد ظاهرة الاحتباس الحرارى من خطر ظهور الأمراض، ويتغير مكان وزمان ظهورها وانتشارها، فعندما ترتفع درجات الحرارة، تكون الأمطار أكثر غزارة أو يستمر الجفاف وموجات الحرارة لفترة أطول، ثم تتغير ظروف الحياة ، ومن المرجح أن تتكاثر الحشرات والخفافيش والقراد وغيرها من الحيوانات البرية التى تحمل فى الغالب مسببات الأمراض.

ثالثا: السيطرة على التجارب المعملية، فرغم أنه لا يوجد إجماع على أصل كوفيد-19، لكن خطر ظهور جائحة فى المختبر حقيقي، ويتزايد كل عام، وتستخدم الأبحاث الطبية والعسكرية أخطر البكتيريا والفيروسات ومسببات الأمراض فى العالم، ويتم إجراؤها الآن فى آلاف المختبرات الحكومية والشركات حول العالم.