رحيق السطور | الغناء والطرب فى أدب «محفوظ»

الغناء والطرب فى أدب «محفوظ»
الغناء والطرب فى أدب «محفوظ»

نسكن الأماكن فيسكننا إيقاعها، وكل مبدع ينطق بصوت يسكنه من طفولة استقبلت موسيقى العالم، فى تلك النشأة البعيدة التى ألقت فى الحواس الصافية مرجعية الوجود، ومن يدخل بيت نجيب محفوظ سيستمع إلى صوت القاهرة، العاصمة اليقظة الصاخبة التى لا تهدأ، فيقيم فى حاراتها ومقاهيها وتتلمس حواسه جدرانها القديمة وروائح عطارة ألف صنف، وروح المؤذن تحلق فى مقامات تصل الأرض بالسماء.

وقد سعى المؤلف على قطب فى كتابه «الغناء والطرب فى أدب نجيب محفوظ»، الصادر مؤخرًا عن بيت الحكمة للصناعات الثقافية، إلى رصد دور الغناء فى أعمال محفوظ ووضع فى حسبانه توظيف الشعر فى القصص والروايات، لما يمنحه الشعر فى كيان النص السردى المنطلق.

اقرأ أيضًا| جلسة تصوير جديدة لـ حلا شيحة في اول ايام عيد الاضحى

كما يسير الطريق بالقافلة التى تضم الأحبة والغرباء فى الذهاب والإياب، ويتضمن الكتاب معجمًا ودراسة نقدية، تنطلق الدراسة من خلال مجموعة من المحاور التى تتطلبها دراسة الغناء والشعر فى الأعمال الإبداعية الكاملة لمحفوظ منذ الثلاثية الفرعونية «عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة»، إلى أصداء السيرة الذاتية وأحلام فترة النقاهة، فى المحور الأول، معالجة موضوعية لظاهرة الغناء فى السرديات المحفوظية يعرض ما خصصه نجيب محفوظ من مساحات فى إبداعه للحديث عن الفن الغنائى وتطوره وطرائفه، ويتأمل المحور الثانى العناء داخل البنية الدرامية للعمل القصصى أو الروائى.

أما المحور الثالث فيتخذ طابع النظر اللغوى عند محفوظ الذى يكتب كل حرف بوعى تتضافر فيه الحسية والذهنية والحدسية.. وعن ذلك يقول المؤلف فى تقديمه: «ربما كانت رحلة قراءة نجيب محفوظ هى المتعة الحقيقية التى مرت بها هذه القراءة، تمامًا كما كانت متعة بطل نجيب محفوظ الذى مضى يبحث عن شخصية إخناتون فى رواية « العائش فى الحقيقة»، فعاد ليخبر أباه بنتائج رحلته لكنه أخفى عنه حبه للفن والجمال، الفن فى ترنيمة إخناتون والجمال فى سحر نفرتيتى المصرية، ومالم يقله البطل فى الرواية لأبيه قاله نجيب محفوظ فى كل أعماله تاركًا للقراء متعة الرحلة فى اكتشاف الهوية السردية والروحية لذاك الصوت الذى يمكن أن نقول عنه إنه إخناتون السرد المصرى، وأن ما كتبه فى أعماله الإبداعية يوازى ما أنشده إخناتون من أناشيد تتردد فى وجدان الإنسانية.