«النووي من أجل السلطة».. خطار أبودياب يزيح الستار عن الحقائق الغامضة في إيران 

البرنامج النووي الإيراني
البرنامج النووي الإيراني

تزامنت الترتيبات النهائية لإجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية 28 يونيو الجاري، مع تعالي الأصوات في دوائر صناعة القرار الإيرانية، عن الحاجة المُلحة لتسريع خطوات الوصول إلى "العتبة النووية"، باعتباره الحصانة التي تحمي الدولة من مؤمرات الانزلاق إلى الفوضى.


مراقبون اعتبروا أن هذه الأصوات، انعكاس واقعي لحالة "التهديد الوجودي" التي عاشتها طهران ما بين اختفاء طائرة الرئيس، والإعلان الرسمي عن وفاة الرئيس الإيراني السابق وكبار رجالات نظامه. وهو ما أيده أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور خطار أبو دياب، في تصريحات خاصة " اتضح خلال المدة ما بين حادث طائرة الرئيس الإيراني وإعلان الوفاة، إن هذا البلد الذي يقوم بالحروب ويحرك الميليشيات، أن مسيراته في مهمة، وقالوا وقتها إنها في المحيط الهندي، على الأرجح لدعم جماعة الحوثيين".


وتابع أبو دياب" اكتشفنا أيضاً أن هذه المسيرات، لم يكن بها إمكانيات رؤية ليلية، ما دفعهم للاستنجاد بمسيرة تركيا، دلتهم في نهاية المطاف على مكان تحطم طائرة الرئيس المختفي، وهذا يدل على خلل بنيوي في التركيبة الإيرانية".

 


ماذا تعني عتبة نووية؟

إقرأ ايضا | تداعيات وفاة الرئيس الإيراني على مستقبل السياسة في إيران


مصطلح "دولة عتبة نووية"، يُستخدم للإشارة إلى الدول التي تمتلك القدرة التقنية، والمعرفة اللازمة لإنتاج أسلحة نووية، لكنها لم تتخذ بعد قرارًا سياسيًا بصنعها، أو لم تُعلن عن امتلاكها لتلك الأسلحة بشكل رسمي. هذه الدول عادة ما تكون لديها برامج نووية مدنية متقدمة، وتستطيع تحويل استخدامها من المدني إلى العسكري في وقت قصير إذا قررت ذلك.


وتشمل القدرات التي قد تمتلكها دولة عتبة نووية، التكنولوجيا المتقدمة لتخصيب اليورانيوم، بمعنى وجود أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية تكفي لصنع قنبلة نووية، والقدرة على إنتاج البلوتونيوم، من خلال مفاعلات نووية، أو إعادة معالجة الوقود المستهلك، ووجود العلماء والمهندسين المدربين والقادرين على تصميم وبناء أسلحة نووية، بالإضافة لامتلاك المعرفة النظرية، والتجريبية المتعلقة بتصميم وبناء واختبار الأسلحة النووية.


سلاح ردع أم وسيلة للمناورة ؟

إقرأ أيضا| آخر ما وصل إليه الملف النووي الإيراني بالوكالة الدولية للطاقة الذرية


الدول التي تطمح لامتلاك أسلحة نووية، تستهدف من وراء ذلك هدفين، إما الردع أو المناورة. يجيب أبو دياب" بالتأكيد تسعى للمناورة لاستمرار النظام. طهران تريد أن تتحول دفة القوى الغربية من المطالبة بتغيير النظام إلى (تغيير سلوك النظام) كما فعلت مع أنظمة أخرى في الشرق الأوسط، وحول العالم".


واستطرد"لا يوجد صدام حقيقي بين إيران والولايات المتحدة، على النقيض من ذلك أميركا سهلت مهمة طهران في احتلال بغداد عام 2003، وفتحت الأبواب أمام المحور الإيراني. ومن الملاحظ أيضاً أن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، كان يفكر بالشراكة مع إيران، خلال مفاوضات النووي.


وتابع" عناصر قوة إيران متنوعة، وهي بلد كبير وحضارته قديمة، وبالفعل النووي يمثل الغطاء من أجل تكريس هذا الوضع، وبرأيي ما دامت الولايات المتحدة تتعامل بهذه الصورة المتأرجحة مع طهران، فمن الوارد جدا أن يكون هناك نووي إيراني".


الهاجس الأكبر لإيران وفقاً للمتخصص في العلاقات الدولية، يتمثل في توقيع الاتفاق السعودي- الأمريكي، لأنه سيسمح بتطوير قوة نووية سلمية سعودية، وهذا ما تخشاه طهران.


سيناريوهات ما بعد وفاة رئيسي


يتوقف المسار المستقبلي للملف النووي الإيراني على عدة عوامل معقدة، تشمل القرارات السياسية الداخلية والخارجية، والعلاقات الدولية، والتطورات التقنية في البرنامج النووي. ومن المرجح أن تتطور الأمور بعد وفاة رئيسي في انجاهات عدة، تتمثل في لعب القيادة الجديدة دورًا حاسمًا، فالقيادة الجديدة قد تقرر استئناف المفاوضات مع الدول الكبرى بشكل جدي، أو قد تتخذ موقفًا أكثر تشددًا. أضف إلى ذلك ردود فعل دول الجوار مثل إسرائيل، والدول الخليجية، إذ يمكن لهذه الدول أن تعدل استراتيجياتها بناءً على التغيرات في القيادة الإيرانية.


نستخلص من ذلك ضرورة العروج على شكل النظام الجديد في إيران، إذ يرى أبو دياب "على ما يبدو إلزام نائب الرئيس الإيراني، محمد مخبر بعدم ترشيح نفسه يوحي بأن الانتخابات ستكون مفتوحة حتى إشعار آخر.


سعيد جليلي الأوفر حظاً

 

إقرأ أيضا| أحمدي نجاد يعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران


حول فرص المرشحين المحتملين، اعتبر أبو دياب أهم مرشحين أصوليين هما سعيد جليلي، المقرب من المرشد، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وذلك بعد استبعاد وزير الخارجية الأسبق، علي لاريجاني، المحسوب على التيار المعتدل، وفيما يتعلق بالتيار الإصلاحي هناك السفير الأيراني الأسبق بالصين، عبد الناصر همتي، وعناصر أخرى، مثل نائب رئيس روحاني سابقا، إسحاق جهانكي، لكن وفق موازين القوى الراهنة، يمكن أن يُشكل سعيد جليلي امتداداً لرئيسي.


وأشار أبو دياب إلى أنه حتى اللحظة لا يمكن الجزم بذلك، لكن هناك تصريح لخامنئي في ذكرى وفاة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية سابقا، روح الله الخميني، قال فيه إنه يريد رئيساً قوياً يتمتع بثقة الشعب، ويملك القدرة على مواجهة الوضع الدولي المعقد. معتقداً ان علاقة جليلي ببيت المرشد تجعله الأوفر حظاً، سيما وأن الانتخابات الإيرانية ليست ديمقراطية بالمعنى الحقيقي، ولكنها " ديمقراطية تحت الرقابة والسيطرة والإشراف"- وفقاً لأبودياب.