وول ستريت| 3 تريليونات دولار قيمتها السوقية

«انفيديا».. عملاق الذكاء الاصطناعي الأمريكي

انفيديا سلاح أمريكا فى معركة الذكاء الاصطناعى
انفيديا سلاح أمريكا فى معركة الذكاء الاصطناعى

في الحرب الاقتصادية العالمية الدائرة، دون ضجيج المدافع والقنابل، ما يؤججها.. وربما يعد الذكاء الاصطناعي أحدث وأشرس ساحات التنافس الحالي، لاسيما بين القطبين الاقتصاديين الولايات المتحدة والصين.

أما الجنود المحاربون فى البلدين، فهم الشركات. ومؤخرا سطع اسم شركة إنفيديا الأمريكية بوصفها عملاق الذكاء الاصطناعي في العالم، وهى التى تحظى برعاية سياسية قوية فى واشنطن بوصفها أحد أهم اللاعبين فى هذه الحرب.. فما قصة إنفيديا؟

تأسست شركة انفيديا منذ حوالى ثلاثة عقود، وكانت من بين أولى شركات أشباه الموصلات المتخصصة فى وحدات معالجة الرسومات للألعاب المتطورة، وفى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين توسعت الشركة لتشمل مجالات الذكاء الاصطناعى وأشباه الموصلات والحوسبة السحابية، مما يميزها عن الشركات الأخرى التى تقدم شرائح منافسة.

ووفقا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز جاء التحول الكبير فى أداء الشركة بسبب التوسع السريع فى صناعة الذكاء الاصطناعى حيث تسارع شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة إلى الحصول على الرقائق الالكترونية الخاصة بالشركة، والتى يمكنها معالجة كميات هائلة من البيانات المطلوبة لتدريب برامج الذكاء الاصطناعى المتقدمة. والشركة أيضا هى الوحيدة التى تصنع مثل هذه الرقائق.

الذكاء الاصطناعي

أما الشريحة التى عززت أداء شركة انفيديا وتقييمها فهى رقائق «اتش 100» التى أعادت بمفردها تشكيل صناعة الذكاء الاصطناعى وجعلت الشركة تتجاوز القيمة السوقية لشركات تسلا وفيسبوك وأبل لتبلغ 3,019 تريليون دولار مما يجعلها ثانى أكبر شركة من حيث القيمة فى الولايات المتحدة خلف شركة مايكروسوفت التى تبلغ قيمتها السوقية 3.15 تريليون دولار.

وتأخذ رقائق «اتش 100» اسمها من جريس هوبر، عالمة الكمبيوتر والرياضيات الأمريكى المعروفة بمساهماتها فى تطوير البرمجيات وبرمجة الكمبيوتر. وكانت فى الأساس تشترك تلك الرقائق فى بنية الألعاب المتطورة ولكن تمت إعادة تصميمها لإدارة المعالجة الشاملة وإجراء العمليات الحسابية السريعة بكفاءة. هذه القدرات تجعل تلك الرقائق متوافقة مع التدريب على نماذج الذكاء الاصطناعي. ولا يمكن للذكاء الاصطناعى التفاعل إلا مع المستخدمين، وإنشاء مقاطع فيديو أو صور، وتنفيذ مهام مختلفة إلا من خلال التدريب باستخدام مجموعات بيانات واسعة النطاق. كلما زاد حجم البيانات، زادت كفاءة نموذج الذكاء الاصطناعي. وتعتمد عملية التعلم لنماذج الذكاء الاصطناعى على التجربة والخطأ، حيث تؤدى مهمة بشكل متكرر حتى تحقق النتيجة المرجوة. ويتطلب مثل هذا الإجراء التكرارى قدرة حاسوبية هائلة.

أرباح قياسية

وقفزت إيرادات الشركة بنسبة 262٪ خلال الربع الأول من العام المالى الحالى مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتصل إلى 26 مليار دولار وكانت مبيعات الرقائق للشركة السبب الرئيسى القفزة القوية للشركة، حيث شهدت قفزة بنسبة 427٪ فى الإيرادات مقارنة بنفس الفترة فى العام الماضى وشكلت أكثر من 85٪ من إجمالى المبيعات.

وبلغ صافى الربح 14.9 مليار دولار فى الربع الماضي، متجاوزًا أرباح العام بأكمله للعام المالى 2023 بأكثر من 200 بالمائة وارتفعت الإيرادات بنسبة 126٪ إلى 60.9 مليار دولار خلال للعام المالى الماضى.

ونتيجة لهذا الأداء غير المسبوق فى الأرباح والايرادات ارتفع سعر سهم الشركة فى البورصة الأمريكية بنسبة 240٪ خلال العام الماضى كما ارتفع 130٪ إضافية منذ بداية العام الحالى ليصل سعر شركة إنفيديا حاليا الى 1200 دولار.

وتهيمن شركة انفيديا على حوالى 80٪ من سوق وحدات الرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعى وتعد شركات التكنولوجيا الكبرى، بما فى ذلك شركات جوجل، ومايكروسوفت، وأمازون، من بين عملائها.

ولكن كبار شركات التكنولوجيا تحاول اللحق بالركب من خلال إنتاج رقائق منافسة، وقامت شركة أبل منذ سنوات بتدشين مشروع لتصنيع رقائقها الخاصة لخفض التكاليف.

وتنتج شركات إنتل وإيه إم دى أيضًا رقائق وأشباه موصلات حيث أطلقت شركة إيه إم دى رقائق جديدة فى ديسمبر الماضى والتى قيل إنها تعالج البيانات أسرع 1.3 مرة من رقائق شركة انفيديا.

وفى الوقت نفسه، كشفت شركة إنتل أيضًا عن رقائق جديدة تسمى أرك الخاصة بها حيث تسعى الشركة جاهدة لمواكبة الطلب المتزايد على الرقائق المتطورة الخاصة بشركة انفيديا.

ولكن رغم ذلك يبدو أن شركة انفيديا لا تنوى التنازل عن أمجادها قريباً حيث إنها من المتوقع أن تطلق قريبا رقائق أكثر تطورا اتش 200 والتى تعد الأقوى فى العالم حيث تتميز بقدرة لا مثيل لها فى تسريع عمليات الذكاء الاصطناعى والحوسبة عالية الأداء ويستهدف هذا الحفاظ على مكانة الشركة باعتبارها الأولى فى الذكاء الاصطناعي.

الطلب المتزايد

وقال جونسون هوانغ الرئيس التنفيذى لشركة انفيديا إن الطلب على الرقائق الخاصة بالشركة المعروفة باسم وحدات معالجة الرسومات كان «لا يصدق». ويشير هوانغ إلى أن هذا الطلب يأتى إلى حد كبير من شركات الذكاء الاصطناعى الناشئة، والتى تقدر أنها ما بين 15 ألف إلى 20 ألف شركة التى تشترى رقائق الشركة.. ويضيف هوانغ أن هذا لا يأخذ فى الاعتبار الشركات التى تركز على السيارات ذاتية القيادة، وتصميم الشخصيات الرقمية، وشركات التكنولوجيا الحيوية، مما أدى إلى إصرار أكبر من العملاء على زيادة الطلب. قال هوانغ: «نحن نتسابق كل يوم». «يمارس العملاء ضغوطًا كبيرة علينا لتقديم الأنظمة والوقوف عليها فى أسرع وقت ممكن».