الضربات لا تزال متتالية ضد "الإرهابية" فى أوروبا .. نواب البرلمان الألماني يتقدمون بـطلبات إحاطة حول تنامى الجماعات المتطرفة

البرلمان الألماني
البرلمان الألماني

أيمن‭ ‬فاروق

  ضربات قاصمة وقاسية تتوالى على الجماعة الإرهابية وأذرعها في ألمانيا؛ إذ تعيش لحظة صعبة، تزامنًا مع تراكم عدد من مشاريع القرارات ضدها في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني الذي حوّل ثلاثة مشاريع قرارات حول الإخوان والتنظيمات المتطرفة، خلال الفترة الماضية، إلى لجنة الشؤون الداخلية لمناقشتها وتقديم تقرير بشأنها، قبل عقد مناقشة عامة وإجراء تصويت.. التفاصيل في التقرير التالي.

وتتوالى الضربات الألمانية لتنظيم الإخوان، وخطوة جديدة تضاف إلى الرصيد السابق من المواجهات ضد تنظيم الإخوان وأذرعه المتعددة والمتنوعة داخل البلاد الذي طالما وصف بأحد أهم المعاقل التاريخية والتقليدية لتنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا جنبًا إلى جنب بريطانيا، لكن البلدين استيقظا من سبات عميق وأفاق كلاهما من غيبوبة عاشها البلدان ألمانيا وبريطانيا ليواجها تلك الجماعة وتنظيمها، بعد مناقشة البرلمان الألماني ملف مكافحة الإسلاموية أو الجماعات التي تنتسب للإسلام خاصة الإخوان، وتوجيه ضربة قاسية للتنظيم بتجفيف منابع تمويله وتحجيم نشاطه واستثماراته وممارسات الجماعة عبر مراكز دعوية تخضع لها هناك أعمال في الخفاء لنشر إرهابها وأنشطتها الخفية، ويتم ذلك من خلال الحكومة والبرلمان الألماني والاستخبارات، كما سبق أن قدمت الكتل السياسية المختلفة في «البوندستاج»، 12 طلب إحاطة حول ظاهرة الجماعات المتطرفة، وفي القلب منها الإخوان، فيما ردت الحكومة الألمانية بنحو 5 مذكرات رسمية توضح للنواب أنشطة وتحركات تنظيم الإخوان في الداخل، وما يدور في فلكها من تنظيمات أخرى تابعة لها.

كما قدم الاتحاد المسيحي المعارض مشروع قرار لتحجيم تنظيم الإخوان، بعدم إعطاء تأشيرات للأشخاص الذين يخضعون بشكل مباشر أو غير مباشر لدولة أجنبية، كما تضمن مشروع القرار «منع السياسيين الأجانب من القيام بأي حملة انتخابية أو أي نشاط سياسي آخر في الجمعيات الدينية في ألمانيا، ما لم يتم السماح بهذا النشاط صراحةً من قبل السلطة المختصة في ألمانيا».

عادت الحكومة الألمانية وأخذت تضرب وبقوة على هذا الملف من جديد مؤخرا، وذلك لمواجهة أذرع الإخوان الإرهابية في ألمانيا تلك اللحظة الصعبة، التي تأتي مع تراكم عدد من مشاريع القرارات ضدها في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني الذي حوّل 3 مشاريع قرارات حول الإخوان، خلال الأسبوعين الماضيين، إلى لجنة الشؤون الداخلية لمناقشتها وتقديم تقرير بشأنها، قبل عقد مناقشة عامة وإجراء تصويت، وجاء المشروع الأول الذي قدمه حزب البديل لأجل ألمانيا «شعبوي» في ١٤ مايو، بعد أسابيع من الجدل في ألمانيا حول أنشطة تلك المنظمات المرتبطة بحزب التحرير المنبثق عن الإخوان، إثر تنظيم المجموعة مظاهرة هتفت «الخلافة هي الحل» في هامبورج.

وتضمن مشروع القرار، مطالبة الحكومة الألمانية بـ»مواصلة مكافحة المنظمات «الإسلاموية» في ألمانيا باستمرار من خلال اتخاذ المزيد من الإجراءات والحظر»، كما جاء البند الثاني يقول بالمشروع إنه «لابد من التنفيذ الفوري لمزيد من الحظر على المنظمات المتطرفة، وكذلك فيما يتعلق بممثلي تلك الجماعات والمنظمات مع مراعاة نطاق الإجراءات الممكنة بموجب سيادة القانون، التي تشمل -إضافة إلى حل الجمعية المعنية- مصادرة أصولها، بما في ذلك المرافق الأخرى مثل المؤسسات التعليمية».

ووفقا للمشروع، من المقرر أن يتأثر تنظيم الإخوان في ألمانيا وفروعه، وهو ما يتطلب أيضا اتخاذ تدابير تنفيذية ملموسة، خاصة المنظمات التابعة له، وانبثقت عن تنظيم الإخوان العديد من المنظمات الأخرى المتشددة.

القرار الثاني والحظر

لم يكن حزب البديل لأجل ألمانيا بمنأى عن تلك القرارات؛ إذ قدم مشروع قرار، وحمل عنوان «حظر مجموعة شهيرة في ألمانيا منبثقة من التنظيم الإرهابي هناك، وستناقشه أيضا لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني بالوقت الحالي، وفي نص المشروع تدعو المجموعة البرلمانية لحزب البديل لأجل ألمانيا الحكومة الألمانية إلى حظر ذلك المركز الشهير، لانتهاكها النظام الدستوري، ويطالب المشروع الحكومة أيضا بإبلاغ البرلمان نتائج التحقيقات ضد المجموعة، والتدابير المتخذة ضدها، ودراسة مدى إمكانية حظر منظمات أخرى تنتمي إلى حركة «حزب التحرير»، ويفيد المشروع بأن تلك المجموعة الشهيرة بألمانيا والتابعة للإخوان بأنها منظمة متطرفة ومتشددة وأنشطتها موجهة ضد النظام الأساسي الحر والديمقراطي.

مشروع الثالث للإرهابية

ذلك المشروع تقدم به الاتحاد المسيحي «يمين وسط»، الأكبر شعبية في البلاد حاليا، وقال «لقد تم تهميش الأصوات الناقدة التي تحذر منذ سنوات من انتشار التطرف في ألمانيا بشكل منهجي».

وتابع؛ «بدلاً من استمرار عمل فريق الخبراء المعني بتلك الجماعات المتطرفة في وزارة الداخلية الاتحادية، سمحت وزيرة الداخلية نانسي فيسر بسياسة المصالح أحادية الجانب التي تنتهجها والتي بلغت ذروتها، والذي تم فيه رفض جميع الانتقادات الموجهة للتطورات الحالية في المشهد الإسلاموي، ويضيف مشروع القرار؛ أن  ألمانيا تقصّر كثيرًا في مجال مكافحة الدعم المالي للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، ويواصل قائلا؛ وعلى الرغم من إعلان وزيرة الداخلية في فبراير2024 أنها ستقدم مشروع قانون لملاحقة ومنع التدفقات المالية للمتطرفين، الأمر الذي سيسهل كثيرًا مكافحة الجماعات المتطرفة التي تنتسب إلى الإسلام، بالإضافة إلى التطرف اليميني، إلا أنه لم يقدم مشروع قانون حتى الآن».

ويدعو المشروع إلى حظر الجمعيات والمنظمات التي ترغب في بث التطرف والفكر المتشدد في ألمانيا بشكل منهجي ومنع أنشطتها، وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الاتحادية أن تضع على الفور خطة عمل مشتركة بين الوزارات وتتخذ التدابير المناسبة في أسرع وقت ممكن «لمواجهة تطرف الأطفال والشباب والمراهقين في المجال الرقمي على وجه الخصوص».

طلبات إحاطة

وكانت الكتل السياسية المختلفة في «البوندستاج» تقدمت منذ فترة قريبة، بـ12 طلب إحاطة حول ظاهرة جماعات المتطرفة فكريا، وفي القلب منها الإخوان، فيما ردت الحكومة الألمانية بنحو 5 مذكرات رسمية توضح للنواب أنشطة وتحركات تنظيم الإخوان في الداخل، وما يدور في فلكها من تنظيمات أخرى تابعة لها.

ويضرب الوضع الجديد في الداخل الألماني كل ما أسسه التنظيم الدولي في ألمانيا منذ تواجده هناك في خمسينيات القرن الماضي، وعلى مدار 7 عقود من خلال تأسيس ما يسمى بـ»مركز ميونخ» الذي مارس عليه نشطاء الإخوان نفوذا كبيرا هناك.

فتنظيم الإخوان الإرهابي في ألمانيا يسبب معضلة كبيرة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وبدأت الجمعيات والمنظمات التابعة للتنظيم التسلل إلى النظام الديمقراطي لخلق مجتمع مواز قائم على أيديولوجية الإخوان، بالإضافة إلى أن تنظيم الإخوان لا يزال يعول على المساجد والجمعيات التابعة له لاستقطاب وتجنيد شباب الجاليات المسلمة لتوسيع نفوذه وتحقيق مكاسب سياسية، ومن هناك جاء مشروع القرارات السابقة.

كما يمتلك تنظيم الإخوان الإرهابي شبكات واسعة من المؤسسات التعليمية والمساجد والجمعيات التي تستهدف النظام السياسي والاجتماعي؛ لتمرير أيديولوجيتها المتطرفة، وتعتمد استراتيجية “الإخوان” على “استراتيجية طويلة المدى” لاختراق المجتمع الألماني وخلق مجتمع مواز، ويعمل تنظيم الإخوان جنباً إلى جنب مع عدد من الفاعلين الإسلاميين الآخرين المنتسيبين للتيار السلفي في ألمانيا، ويحاول التقرب إلى صانعي القرار في ألمانيا لتمرير أجندتهم.

وبات من المرجح أن تشهد جماعة الإخوان الإرهابية تراجعًا كبيرًا في أنشطتها داخل ألمانيا، وكذلك في أوروبا في أعقاب السياسات الأمنية المشددة وبالتوازي مع انقسامات تنظيم الإخوان.

اقرأ أيضا : مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يحذر من تعاظم خطر ووحشية التنظيمات الإرهابية

;