أمريكا المركز الأول فى القتلة المتسلسلين l يخططون لجرائمهم فى سرية تامة ويتفننون فى إخفاء جثث ضحاياهم

صورة تعبرية
صورة تعبرية

دينا‭ ‬جلال

 تمتلئ ملفات الجريمة على مستوى العالم بأسماء وصور وأرقام هائلة لسفاحين وقتلة محترفين، تجمعهم سمات مشتركة؛ تندرج تحت جرائمهم قائمة مخيفة وصادمة من الضحايا، يمتلكون مبررات وهمية أو اسبابًا نفسية من الماضي يجدونها دافعًا خفيًا لارتكاب جرائمهم، يخططون لعملياتهم في سرية تامة ويتبعون نمطًا واحدًا لاستهداف الضحايا ممن تجمعهم في الغالب صفات محددة، كما ينفذون جرائمهم بتفاصيل متشابهة في أغلب الوقت ويعمد أغلبهم إلى إخفاء جثث ضحاياهم لأنها الدليل الاول للوصول إليهم.

الألغاز والاسرار تحاط بحياة القتلة المحترفين حتى يصبح الوصول اليهم وتحديد هويتهم أمرًا صعبًا للغاية، وبعد التوصل إلى هويتهم تجد السلطات الأمنية امام تحدي اكثر صعوبة وهو تحديد العدد الحقيقي للضحايا وهويتهم، فالقاتل نفسه هو من يمتلك المعلومات الحقيقية عن عدد ضحاياه والتفاصيل الأخيرة في حياتهم، وحتى يومنا هذا لا تزال هوية القاتل المتسلسل الأكثر رعبا في إنجلترا، لغزًا لم تتوصل إليه السلطات الأمنية فهو فقط معروف بلقب «جاك السفاح» الذي يشار اليه بمسئوليته عن جرائم القتل الوحشية لخمس نساء اختارهن من فتيات الليل وتتضمن جرائمه تفاصيل صادمة من تشويه الضحايا وإخفاء جثثهن، وحتى الآن مازالت بريطانيا تعتبره التحدي الاكبر لكشف هويته بالرغم من مرور 136 عاما حيث أجرت الشرطة تحقيقات عديدة وتابعت تاريخ عدد من المشتبه بهم دون جدوى.

قتل 100 ضحية فى 19 ولاية أمريكية.. الملاكم الشهير حصل على لقب السفاح الأول فى أمريكا

صنفته الولايات المتحدة الأمريكية بالمتهم الأبشع فى تاريخ السفاحين بالعالم، وحصل على لقب السفاح الاول فى الولايات المتحدة الامريكية؛ حين كشفت هوية «صموئيل ليتل « الملاكم الشهير الذي تحول إلى قاتل متسلسل تم القبض عليه فى البداية بتهمة قتل 3 سيدات، ولكن اثناء التحقيقات اعترف فى التحقيقات بأنه وراء قتل ما يقرب من مائة سيدة في 19 ولاية امريكية وحاول بصعوبة استدعاء ذاكرته لوصف تفاصيل كل جريمة.

وقع صموئيل في قبضة الشرطة بالمصادفة، ألقى القبض عليه فى قضية مخدرات فى عام 2012 بعد العثور عليه فى ملجأ للمشردين فى ولاية كنتاكي وتم تسليمه إلى سلطات ولاية كاليفورنيا، وبمجرد خضوعه لتحليلات الحمض النووي تبين علاقته بارتكاب ثلاث جرائم قتل خنق فيها ضحاياه ليتلقى حكمًا بالسجن مدى الحياة، ومن هنا توالت المفاجآت، تحولت اعترافاته الصادمة الى طريق لحل لغز ما يقرب من مائة جريمة قتل واختفاء، كما حملت اعترافاته طوق نجاة لكل مجرم أدين بشكل خاطئ لغلق ملف قضية قتل باتهام متهم بريء.

 خرجت اعترافات المتهم الأمريكي صموئيل ليتل ووصل عدد ساعات التحقيق معه إلى 700 ساعة، وانهمرت الانتقادات على مكتب التحقيقات الفيدرالي واتهمت المسئولين بالإهمال الجسيم والفشل فى العثور على جاني يرتكب جرائمه على مدار ثلاثين عاما، وعمل المحققون على قضيته على مدار خمس سنوات للتوصل إلى هوية نصف ضحاياه فقط،  فاضطروا للجوء اليه لمساعدتهم فى تحديد الضحايا، اعترف صموئيل بارتكاب ما يزيد عن 93 جريمة قتل على مدار ثلاثين عاما مؤكدًا انه نجح فى الافلات بجرائمه حيث لم يكن محل شك فكان مثل ثعبان يفتك بضحاياه على فترات متباعدة، ويعتمد على خنق ضحاياه دون إسالة دماء ويخفي جثثهن فأغلبهن لا يظهر لهن أثر بعد قتلهن، واصبح التحدى لدى اجهزة الشرطة هو تحديد هوية الضحايا وفتح ملفاتهن القديمة بسبب كثرة اعدادهن وإخفاء جثثهن، خاصة بعد أن فاجأهم الجاني برغبته فى مساعدة الأجهزة الجنائية بعد شعوره بالندم فى آخر سنوات عمره وخوفه من وجود ابرياء فى السجون بعد تورطهم فى جرائم القتل التى ارتكبها مؤكدًا؛ أنه بالفعل يحفظ ملامح ضحاياه عن ظهر قلب بالاضافة الى قدرته على رسم ملامح اغلبهن لتصبح لوحاته الخيط الرئيسي الذى يقود الشرطة نحو تحديد هوية الضحايا، ونجحت اوصاف ورسوم صموئيل فى العثور على 50 ضحية خلال خمس سنوات ومازالت الشرطة تحاول نشر باقي رسومه لعلها تقودهم إلى تحديد هوية باقى الضحايا، وأعلنت السلطات في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، فى عام 2020  وفاة القاتل المتسلسل فى المستشفى وعمره 80 عاما.

حدد صموئيل اولى ضحاياه وهى ماري آن التى التقاها فى ميامي بفلوريدا فى عام 1971 فى ملهى ليلي والتقيا اياما متتالية ثم استدرجها بسيارته الفارهة وخنقها وأخفى جسدها في نهر ليطمئن من اختفائها تماما، وضحية اخرى تعرف عليها ونسى اسمها إلا أنه تذكر مواصفاتها وأكد ذهابها برفقته إلى احد الفنادق بلاس فيجاس وخنقها وتركها فى غرفة الفندق بمفردها، وضحية اخرى استدرجها فى لقائهما الاخير نحو طريق صحراوي ليخنقها ثم اخفى جثتها فى حقل ذرة وتمت اغلب جرائمه بنفس الطريق، واعترفت المحققة الجنائية فى مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستي بالازولو بعدم اهتمام المحققين فى السابق بالضحايا اللاتي اختفين بسبب صموئيل وترك ملفاتهن مفتوحة حيث تم تحديد اسباب وفاة عدد منهن بكونها حوادث ناتجة عن جرعات مخدرة زائدة او وفاة بالمصادفة دون تحقيقات جادة.

سفاح الولاية الذهبى.. قاتل قادته بصمته الوراثية للعدالة

محاكمته تحولت إلى مواجهات صادمة بين الجانى وأهالى عشرات الضحايا

 منذ سنوات قليلة شهدت ولاية كاليفورنيا واحدة من اشهر القضايا لمحاكمة قاتل تعدى السبعين من عمره، اطلقت عليه لقب سفاح كاليفورنيا او قاتل الولاية الذهبي، جوزيف جيمس دي أنجيلو - 74 عاما، وهو ضابط شرطة ظل يطارد الابرياء ويتعقبهم للاعتداء عليهم وقتلهم، اصبح جوزيف جيمس  أول شخص يعتقل في أمريكا كتطبيق لعلم الأنساب الوراثي؛ حيث قدمت الشرطة بيانات الحمض النووي للجاني بعد جمعها من مسارح الجريمة إلى قاعدة بيانات البصمة الوراثية «دي.ان.ايه» وتوصلوا إلى المتهم عبر بصمات اقاربه الوراثية وهو الامر الذي وصفته السلطات الأمريكية بثورة في الطب الشرعي.

حاصرت الادلة السفاح جوزيف وخاض سلسلة مطولة من الجلسات العلنية المثيرة حيث ضمت مواجهات بين المتهم واهالى الضحايا، واضطر جوزيف للاعتراف بارتكاب 13 جريمة قتل و51 جريمة اغتصاب وأكثر من 120 عملية سطو في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي وتحديدا  منذ عام 1974 إلى 1986، وتوالت اعترافات جوزيف مقابل تخفيف عقوبة إعدامه للسجن مدى الحياة، واعترفت الشرطة بمسئوليته عن ترويع المواطنين وصدمتهم في كافة انحاء كاليفورنيا  دون القبض عليه لنحو 40 عاما لتتحول إلى واحدة من اهم قضايا الرأى العام الأمريكي لتعكس فساد وإجرام ضابط شرطة وكذلك فشل السلطات في الكشف عن هويته وتتبعه عبر التحقيقات وبالرغم من نجاح تقنية البصمة الوراثية في التوصل إلى هوية السفاح الذهبي إلا أن السلطات الامريكية واجهت صعوبات في اختراق المزيد من البيانات الطبية بسبب قوانين الخصوصية ليصبح تطبيق حل جرائم القتل بتلك الطريقة أمرا شديد الصعوبة.

قاتل يوركشاير .. اصــطحب أسرار جرائمه وضحاياه إلى قبره

 ننتقل إلى حياة سفاح آخر وهو بيتر ساتكليف او سفاح يوركشاير، احد اشهر القتلة المتسلسلين فى بريطانيا ويصل الرقم الحقيقي لضحايا «ساتكليف» إلى 30 ضحية إلا أنه تمت ادانته بارتكاب 13 جريمة قتل وسبع حوادث شروع في القتل في عام 1981، وتوفى «ساتكليف» منذ سنوات قليلة اثناء سجنه وعمره 74 عاما، ليوصف بالقاتل الذي اصطحب اسراره إلى قبره، وتوفى قبل أن تكتمل اعترافاته بالكشف عن اماكن دفن ضحاياه.

عمل ساتكليف كسائق شاحنة وكان يتنقل بكثافة، واعترف اثناء التحقيقات بجرائمه التي تبدأ بمطاردة ضحاياه بالمطرقة أو الهامر واستخدم الاربطة والسكاكين لتعذيبهم وكان يسحب الجثث إلى مناطق هادئة بعيدة عن الانظار؛ حيث امتدت جرائمه لمدن وأنحاء عديدة ببريطانيا، وتشير السجلات الامنية إلى اولى جرائمه؛ حيث قتل ضحيته الاول فريد كرافن 66 عامًا، في  يوركشاير، وتكمن صعوبة الكشف عن جرائمه في افتقاد التحقيقات لعناصر التكنولوجيا مثل بصمات الحمض النووي وكاميرات المراقبة واجهزة الكمبيوتر، وتسبب هذا الكم الهائل من الجرائم الغامضة التي لم تنكشف لسفاح بريطانيا إلى طلب المحققين السابقين من الحكومة البريطانية بإصدار أوامر لإجراء تحقيقات جديدة في جرائم القتلة المتسلسلين وتولي الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة هذا الامر؛ حيث تمتلك القدرة على تخطي الحدود الدولية والإقليمية للتحقيق في اى حادث.

سفاح لندن .. اعترف بقتل ضحيتين وأخفى باقى جثث ضحاياه باحتراف

 نبدأ جولتنا في ملفات السفاحين والقتلة المحترفين في بريطانيا وهم الاكثر غموضا؛ حيث يتضح من عمليات البحث انهم يحتفظون بأسرارهم حتى بعد الكشف عنهم وهو ما تؤكده قصة السفاح البريطاني كريستوفر هاليويل، 58 سنة، أشهر سفاح في بريطانيا الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بعد قتل ضحيتيه «بيكي جودن إدواردز» 20 سنة في عام  2003، و»سيان أوكالاجان» 22 سنة في عام 2011، وكشفت التحقيقات؛ أن الضحيتين لقيتا نفس سيناريو النهاية حيث تم اختطفتا أثناء مغادرتهما أحد النوادي الليلية في مدينة سويندون بفارق ثمان سنوات بين الجريمتين.

اعتاد هاليويل ملاحقة النساء ومطاردتهن في موجة من جرائم القتل البشعة استمرت 20 عامًا، ولا تقتصر جرائم هالويل على تلك الجريمتين فقط وانما يشتبه المحققون في ارتكابه 27 جريمة قتل وهناك 6 ضحايا مفقودات تماما، وهو ما اكده الضابط «ستيف فولشر» المسئول عن قضية هالويل وقاده الى العدالة، واشار فولشر إلى وجود أدلة مؤكدة تشير إلى ارتكاب هاليويل العديد من الجرائم دون التوصل لها، وهو ما اكده ضابط الشرطة السابق كريس كلارك الذي كشف تفاصيل جرائم القاتل المتسلسل  هاليويل، وبالرغم من سجنه إلا أن هناك العديد من العائلات التي تتمنى الحصول على إجابات حول ما حدث للأم أو الابنة أو الأخت والقريبة التي فقدوها في نفس توقيت ارتكاب جرائمه دون العثور عليهم، وهناك ضحايا مختفيات لم يعثر على جثثهن لدفنهن بشكل لائق، وازدادت الامور تعقيدًا حيث نجح هاليويل في عقد صفقة مع الشرطة البريطانية حين قادهم إلى قبر ضحيته «بيكي» مقابل ألا يخضع لتحقيقات اخرى في أى قضايا، والملفت أيضا أن الشرطة تجاهلت ارتباك هاليويل وقت الكشف عن مكان دفن ضحيته «بيكي» على عمق متر ونصف، وتلعثم في نطق اسمها ليؤكد قيامه بدفن العديد في النساء في اعماق الارض واختلط عليه الامر.

أسلوب حياة هالويل ساعده في إتمام جرائمه حيث عمل كسائق تاكسي يقود سيارته ليلًا وينقل ضحاياه بعد انتهاء سهراتهن، سيارته الاجرة هى رخصته لارتكاب حوادث الخطف والقتل بالإضافة إلى عشقه للقوارب الصغيرة التي تمنحه حرية السفر والتنقل بحرية، وتعد وسيلة نقل إضافية للابتعاد عن مسارح الجريمة حيث يصعب على الشرطة تتبعه وهو ما يؤكد قيام الجاني برمي أجساد النساء بعد تشويهها في القنوات المائية، وكذلك يجيد القاتل علم الطب الشرعي فوصف نفسه بمكتبة صغيرة في هذا المجال، وحين قتل ضحيته سيان في عام 2011 نجح في الاحتفاظ بقطعة من ملابسها وحاول التخلص من آثار جلدها أو أى شيء قد يربطه بموتها أما ضحيته بيكي ففصل رأسها ويديها وقدميها وكان من المستحيل أن يتم اكتشاف مكان دفنها لولا اعترافاته، وفي تأكيد على تنوع وكثرة جرائم هاليويل هو كشف الشرطة مكان سري احتفظ فيه بـ60 قطعة من الملابس والاكسسوارات النسائية، ولم تحدد الشرطة سوى قطعتين فقط تخص ضحيتيه المعروفتين بناءً على شهادة اهاليهما وباقي القطع ظلت مجهولة.  

السفاح الروسى .. قتل 82 امرأة

 تمتلك السجلات الجنائية في روسيا احد اشهر سفاحي العالم وهو ميخائيل بوبكوف، السفاح الروسي الشهير الذي قتل 82 امرأة، ويصفه معارفه واقاربه بنموذج مثالي كأب وزوج صالح، وتكشف السلطات الروسية تنفيذ جرائمه على مدار عقدين من الزمان، في سلسلة من اسوأ جرائم القتل في روسيا جعلته على رأس قائمة أشهر سفاحي العالم، تلقى بوبكوف، 53 عامًا، اتهامات رسمية بارتكاب 60 جريمة بعد إدانته في السابق بارتكاب 22 جريمة وتشير التقارير الصحفية إلى ارتكابه 83 جريمة ليتلقى احكامًا بالسجن مدى الحياة.

تكشف التقارير أن السفاح ميخائيل بوبكوف رجل شرطة سابق، برر ارتكاب جرائمه بدافع «تنظيف» المدينة من النساء عديمي الاخلاق والشرف كما اتهم زوجته بالخيانة ليبرر جرائمه، ارتكب بوبكوف اغلب جرائمه في مدينة انجارسك في سيبيريا، واشار الادعاء العام الروسي؛ أن السفاح قتل ما يصل إلى 82 ضحية في المجمل وكذلك اعتدى على اغلبهن قبل قتلهن وتقطيعهن بالسكاكين أو الفأس والمعدات الحديدية، ونفذ جرائمه في الفترة بين عام 1992 وحتى عام 2010، وجميع الضحايا تتراوح أعمارهن بين 17 إلى 38 عامًا.

كشفت التحقيقات عن اعترافات السفاح بوبكوف المثيرة؛ حيث وصف السفاح للمحققين الجنائيين كيف أنه جمع بين اسلوبى حياة مزدوج ونجح في الفصل التام بينهما حيث استمرت حياته العائلية المثالية واستمرت خدمته بالشرطة على اكمل وجه لتتزامن مع حياته ومغامراته الاجرامية كقاتل متعطش للدماء يستخدم كافة الأدوات لقتل ضحاياه من النساء وإخفاء جرائمه عن الجميع، استخدم بوبكوف سيارة الشرطة حيث اعتاد اصطحاب ضحاياه إلى مناطق نائية ليعتدي عليهن ثم قتلهن دون الاشتباه به وكذلك اعترف باستخدام الاسلحة التي يتم مصادرتها من المجرمين لضمان عدم الوصول اليه.

اقرأ أيضا : فى قضية سفاح التجمع .. صحفي الحوادث يكشف كنت جارًا له

;