«جبل الحريم» بالغردقة: أسطورة تجسد قوة المرأة وشموخ الطبيعة

جبل الحريم بالغردقة
جبل الحريم بالغردقة

في قلب الغردقة، وسط رمال الصحراء المصرية وتحت سماء البحر الأحمر الصافية، يقف جبل الحريم كشاهد على التاريخ والأساطير القديمة، هذا الجبل الذي جذب انتباه الكثيرين ليس فقط بمناظره الطبيعية الخلابة.
ليس مجرد تكوين جيولوجي، بل هو مكان يحمل في طياته حكايات وقصص قديمة تثير الفضول وتُلهب الخيال. كيف حصل هذا الجبل على اسمه؟ وما هي الأسرار التي يحملها بين طياته؟ 

اقرأ أيضًا| زيادة الإقبال على شواطئ الغردقة مع بداية الإجازات وارتفاع درجات الحرارة

الغردقة مدينة سياحية شهيرة عالميًا تضم العديد من المنتجعات السياحية مثل الجونة وسهل حشيش وسوما باي ومكادي باي، وتتمثل أحيائها الرئيسية في حي الدهار وحي السقالة وحي الأحياء.

ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى أن الغردقة تضم موقعًا يطلق عليه جبل الحريم يقع بالقرب من منطقة الدهار بمنتصف مدينة الغردقة ويحفها من كل جانب جبال عالية، وقد أطلق عليها هذا الإسم لأنها كانت مخصصة منذ الثمانينات من القن العشرين للنساء فقط حيث يقمن بارتياد المكان للاستحمام ولا يدخلها غير النساء فقط للاستمتاع بمياه البحر والجانب الآخر يشرف على البحر الأحمر.

ويضيف الدكتور ريحان إلى أنه رغم ارتباط الموقع بذاكرة مكان وزمان تمثل جزء من هوية المنطقة وشخصيتها كان من الممكن استثمارها وتوظيفها فى هذا الإطار إلى أن القري السياحية استحوزت على المكان الذى يضم حاليًا عدة قري سياحية كبري وفيلات لرجال الأعمال، وبالطبع امتنع النساء للذهاب للاستحمام في هذا الشاطئ لامتلاك اصحاب القري السياحية للمنطقة بالكامل وبقي الاسم مرتبط بالنساء لهذا اليوم باسم جبل الحريم وجميع المكاتبات الحكومية حتي الآن يستخدم اسم  جبل الحريم، وفى عام 2020 اشتهرت المنطقة بعد العثور علي دولفين نافق من نوع الأنف الزجاجي على الشاطئ.

وينوه الدكتور ريحان إلى أن السينما قررت أخيرًا الاستفادة من ذاكرة المكان المرتبط بهوية وشخصية ثقاقية متميزة لتسجلها عملًا سينمائيًا يتم تصويره فى الموقع يحمل طابع المكان وهويته ويروج للمواقع السياحية .

وهى فكرة مبدعة للمنتج إيهاب منير لإنتاج أول فيلم نسائي بدون أي رجل اسمه « جبل الحريم » من إخراج حسام سلامة فى قصة جديدة على السينما المصرية يجسّدها سيدات فقط وهم سوسن بدر، وفاء عامر، نهال عنبر، أميرة العايدي، نانسي صلاح، نسرين أمين.

ويوضح الدكتور ريحان أن الغردقة هي العاصمة الإدارية لمحافظة البحر الأحمر، وتشغل مساحة 40 كم من الشريط الساحلي للشاطئ الغربي للبحر الأحمر، يحدها شمالًا مدينة رأس غارب وجنوبًا مدينة سفاجا وشرقًا ساحل البحر الأحمر وغربًا جبال البحر الأحمر، وتقع بها جزر الجفتون وأم قمر ومجاويش وأبو رمادة وأبو منقار والفنادير وشدوان.

نشأت مدينة الغردقة عام 1905، وبها مجموعة من المنازل البدائية التي يسكنها البدو، الذين تمركزوا بصفة أساسية في منطقة السقالة للعمل بصيد الأسماك واللؤلؤ، مما أكسب المدينة طابع بدوي مستمر معها حتى الآن. وفي عهد الملك فاروق تم تشييد استراحة استجمامية تحولت بعد التأميم في عهد الرئيس جمال عبد الناصر إلى مبنى نادي القوات المسلحة للرياضات المائية والذي يعد مزارًا سياحيًا حتى الآن.

واكتشف البترول في تلك المنطقة عام 1913 وبدأ الإنتاج الفعلي له وتصديره عام 1921، وفي عام 1972 حاولت القوات الإسرائيلية احتلال جزيرة شدوان إلا أن رجال القوات المسلحة المصرية تصدوا لها، واستطاعوا هزيمتهم وطردهم من الجزيرة خلال ساعات فيما يعرف بمعركة شدوان وهو التاريخ الذي تحتفل فيه محافظة البحر الأحمر بعيدها القومي.

جبل الحريم بالغردقة: أسطورة التاريخ وسحر الطبيعة

يقع جبل الحريم في المنطقة الساحلية من الغردقة، ويتميز بتضاريسه الوعرة وصخوره المتنوعة. يُعد الجبل مكانًا مثاليًا لمحبي المغامرة والتسلق، حيث يوفر مناظر طبيعية خلابة تطل على البحر الأحمر والصحراء المحيطة.

أسطورة النساء والهروب: القصة الخفية وراء تسمية جبل الحريم بالغردقة

تروي إحدى الأساطير القديمة أن جبل الحريم كان ملاذًا للنساء الهاربات من الظلم أو الظروف الصعبة. تقول القصة أن مجموعة من النساء من قرى مجاورة لجأن إلى هذا الجبل هربًا من الغزاة الذين كانوا يهددون حياتهن وكرامتهن. في قلب الجبل، وجدت النساء ملاذًا آمنًا بعيدًا عن أعين الغزاة وبطشهم.

حسب الروايات، كانت النساء تعشن في كهوف صغيرة على سفوح الجبل، متعاونات مع بعضهن البعض للبقاء على قيد الحياة، الجبل كان يُعرف بين الناس كمكان للحماية والأمان، وأصبح رمزًا للحرية والشجاعة التي تجسدت في هؤلاء النساء.

 رواية العشق والخيال

هناك رواية أخرى تربط اسم جبل الحريم بقصة عشق مأساوية. تقول هذه القصة أن شابة جميلة من قرية قريبة كانت تهرب إلى الجبل للقاء حبيبها السري، الذي كان جنديًا في جيش الغزاة، كانا يلتقيان في الخفاء في أحد الكهوف بعيدًا عن أعين الناس. لكن مصيرهما كان مأساويًا، حيث اكتُشف أمرهما، واضطرا إلى الفرار إلى أعماق الجبل، ولم يسمع عنهما أحد بعد ذلك. هذه القصة، رغم طابعها الرومانسي المأساوي، أضافت بعدًا دراميًا لأسطورة الجبل.

 الجبل في العصر الحديث

في يومنا هذا، أصبح جبل الحريم مقصدًا شهيرًا للسياح والمغامرين. يمكن للزوار استكشاف الكهوف القديمة والتمتع بمناظر خلابة للبحر الأحمر والصحراء. كما تُنظم جولات سياحية تُرشد الزوار عبر قصص وأساطير الجبل، مما يضفي على الرحلة طابعًا ثقافيًا وتاريخيًا مميزًا.

حماية التراث الطبيعي والثقافي

تُبذل جهود كبيرة للحفاظ على جبل الحريم كجزء من التراث الطبيعي والثقافي للغردقة. تسعى المجتمعات المحلية والمنظمات البيئية إلى حماية المنطقة من التلوث والتدمير، وتعزيز الوعي بأهمية الجبل التاريخية والبيئية.

جبل الحريم ليس مجرد تكوين طبيعي، بل هو موطن لقصص وأساطير تحمل في طياتها قيم الشجاعة والحرية والحب. زيارة هذا الجبل تمنح الزوار فرصة لاكتشاف تاريخ عريق وتجربة مغامرات لا تُنسى. يظل جبل الحريم رمزًا للأسرار والأساطير، شاهداً على قوة الإنسان وروحه الحرة في مواجهة التحديات.