«تحت وطأة الحصار والقصف الإسرائيلي».. النازحون يعيشون كوابيسهم في مخيمات الإيواء بغزة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


في لحظة تتوقف فيها جولات القصف الإسرائيلي في شوارع قطاع غزة، يبدأ المشهد العتيق من مسيرة النازحين من جديد تحت وطأة الخوف والهلع، وهم يفرون هاربين من شبح القصف المحتمل الذي قد يطالهم في أي لحظة، يغادرون منازلهم وأحيائهم، وهم يحملون معهم آمالهم وهواجسهم، ليخوضوا رحلة البحث عن ملجأ آمن في هذا القطاع المحاصر.

لتتحول شوارعهم إلى ممرات هروب ترسم مشاهد الصراع والألم التي تفجع أرواحهم، ليواجهوا الواقع المرير في رحلتهم للبحث عن مكان يأويهم بين مخيم وآخر بعيدًا عن شبح الحرب والدمار الذي يتربص بهم في كل زاوية.

ولكن، حتى في مخيمات الإيواء، تلاحقهم كوابيسهم، حيث لم تعد تلك المخيمات ملجأ آمنًا بسبب العدوان المتواصل للاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف مراكز الإيواء للنازحين من مخيمات ومدارس وغيرهم في ظل الصراع الدائر بالمنطقة.


مخيم جباليا يشهد «موجة نزوح» جديدة

وتشهد مناطق شرق جباليا، وحتى وسطها وغرب مخيم جباليا، موجة جديدة من النزوح، حيث يبحث السكان عن أماكن آمنة للاحتماء من القصف الإسرائيلي الغاشم.

وفي هذا الوقت العصيب، يجد النازحون صعوبة في إيجاد مأوى آمن يستطيعون التوجه إليه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبينما كانت مراكز الإيواء والمخيمات السابقة ملاذًا آمنًا للسكان الفلسطينيين بعد تدمير منازلهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل خلال الأشهر الماضية من الحرب، باتت هذه المخيمات الآن غير آمنة بعد تعرضها لقصف قوات الاحتلال، مما زاد من معاناة النازحين في قطاع غزة المنكوب.

وفي حين تصاعدت أعمدة الدخان عقب القصف الإسرائيلي من مراكز الإيواء التي كانت مأوى للكثير من النازحين، اضطرهم ذلك للهروب للنجاة بحياتهم من مخيم إلى مخيم آخر. 


«نزحنا للمرة السادسة».. شهادات النازحين في غزة  

وفي ذات السياق، قالت نازحة من مخيم جباليا عبر قناة "العربية" الإخبارية: "إننا خرجنا سريعًا من ديارنا بعد توقف أصوات القصف الإسرائيلي بالمنطقة، لننجو بحياتنا ولم نأخذ معنا أي شيء." 

فيما لجأت بعض الأسر إلى إحدى مدارس جباليا، لكن القصف الإسرائيلي وصل أيضًا إلى المدرسة تلك وغيرها، ومن نجا من القصف انتقل في نزوح جديد إلى مخيم الشاطئ، متشبثين بالأشياء القليلة التي بقيت لديهم ووضعوا أغراضهم القليلة على العربات التي تجرها الدواب.

كما قال أحد النازحين في منطقة جباليا: "إن هذه تقريبًا المرة السادسة التي ننزح فيها من منطقة بيت حانون إلى جباليا ثم إلى مراكز الإيواء الأخرى، والآن نحن لا نعلم ماذا نفعل أو إلى أين نذهب، حتى المناطق التي ننزح إليها لا يوجد بها أي مقومات للحياة".


«من رفح إلى المواصي وخان يونس».. نزوح بعد نزوح

ولم يترك الاحتلال الإسرائيلي منطقة سالمة دون أن يترك بصمته المدمرة في عدة مدن بقطاع غزة، حتى قام بتحديد أجزاء من جنوب القطاع بمدينة رفح لإخلائها وأصدر أوامر للنازحين والسكان في شرق رفح الفلسطينية، بالانتقال إلى ما عرفه العدوان الإسرائيلي بـ "المنطقة الإنسانية الموسعة" نحو المواصي وخان يونس في قطاع غزة.

وبعد دعوات الإخلاء الإسرائيلية وتهديدات جيش الاحتلال بتصعيد العمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وصف النازحون بالمنطقة الوضع بأنه "كارثي". 

وعلى إثر ذلك، بدأ الكثيرون من النازحين الغزيين في ترك منازلهم وخيامهم في مدينة رفح التي تقع جنوب قطاع غزة، ولمَّموا أغراضهم وتوجهوا نحو مدينة المواصي وخان يونس في الجنوب، كما وصف سكان المواصي أن مدينتهم ليست أكثر من مجرد مخيم مؤقت تحت ظروف مزرية.


من شمال القطاع إلى جنوبه.. صراع البقاء «واحد»

كما أصبحت العائلات في جنوب قطاع غزة، يعيشون لحظاتهم وأيامهم بين القلق والخوف الدائم كباقي حال سكان شمال القطاع الذي يقصفه الاحتلال والذي جاؤوا منه، حيث وجد الفلسطينيون أنفسهم يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية بما في ذلك الطعام والمأوى والمياه والعلاج، خاصة مع وجود مرضى ونساء حوامل وشيوخ كبار وأطفال صغار.

وأسفل سقف قماشي معلق بين جدران وأعمدة اسمنتية، أي الخيم، يتجمع آلاف العائلات في جنوب غزة، يحملون معهم تجاربهم ومأساتهم، فالرجال والنساء والأطفال يشتركون في تجربة العيش في هذه الظروف القاسية على حد سواء، ويأملون أن تنتهي الحرب الإسرائيلية قريبًا، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية ويتركوا وراءهم هذا الكابوس.

وروت امرأة نازحة أخرى لجنوب غزة: أنه "حتى المياه للاستحمام لا تتوفر بسهولة، أصبحنا نشعر وكأننا أجساد بلا روح، والأمل في عودة إلى حياة طبيعية…

اقرا ايضا:

وزيرة الدفاع الإسبانية: حرب إسرائيل على غزة «إبادة جماعية حقيقية»