طائرات هليكوبتر و600 رجل شرطة .. للقبض على المطلوب رقم واحد فى فرنسا

محمد عمرة المطلوب رقم واحد فى فرنسا
محمد عمرة المطلوب رقم واحد فى فرنسا

مي السيد

 بات محمد عمرة، الذى تمكن من الفرار بطريقة سينمائية، العدو رقم واحد فى فرنسا، حيث حشدت الداخلية الفرنسية المئات وأغلقت السلطات الحدود وأبلغت الإنتربول للبحث عنه دوليًا هو وشركاؤه، وهى القضية التى هزت المجتمع الفرنسى وأغضبت ضباط الشرطة، وفتحت الحديث عن نقص وسائل التأمين التى تعانى منها مراكز الاحتجاز.

يوم الثلاثاء الماضى عند الساعة 11 صباحا، تعرضت سيارة تابعة لإدارة سجن الحبس الاحتياطى «إفرو» الفرنسى لهجوم عند محطة تحصيل رسوم تدعى إنكارفيل، على يد كوماندوز إجرامى مكون من 4 أشخاص مدججين بالسلاح، وحرروا المتهم، وانتهى الهجوم بمقتل اثنين من ضباط السجن وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة، ولاذ الجناه بالفرار.

منذ ذلك الوقت، بات محمد عمرة تاجر المخدرات الذى تم تهريبه، المطلوب رقم واحد فى فرنسا، وأصدر بحقه مذكرة دولية تابعة للإنتربول، بجانب مذكرتى اعتقال صادرة عن المحاكم، وحذرت الشرطة جميع سلطات إنفاذ القانون الفرنسية بأنه شخص خطير ومسلح وعنيف.

التحقيقات الأولية

أعلن المدعى العام فى المدينة فتح تحقيق بتهم الهروب والقتل والشروع فى القتل على يد عصابة منظمة، والتى يعاقب عليها القانون الفرنسى، بحسب صحيفة لوبوا، بالسجن مدى الحياة، بجانب التآمر الإجرامى بهدف ارتكاب جريمة، حيث تولى التحقيق فى القضية المكتب المركزى لمكافحة الجريمة المنظمة والشرطة القضائية فى روان.

وفقا للتحقيقات الأولية، كان المتهم محمد عمرة فى طريقه من سجن إيفرو إلى محكمة روان القضائية، ولم يكن لدى موكب السجن حراسة من الشرطة أو الدرك، وتم تنفيذ الهجوم من قبل عدة مجرمين استخدموا سيارتين «بى إم دبليو وأودى»، حيث اصطدمت الأولى بسيارة السجن، وخرج منها الجناه وألقى أحدهم قنبلة حارقة، وبعد البحث عثرت السلطات على السيارة الثانية متفحمة على جانب طريق.

محمد العمرة

ويعتبر محمد العمرة الملقب بـ «لاموش»، من مواليد 94، وتم إدانته يوم 10 مايو الماضى بتهمة السطو، وبحسب المدعية العامة فى باريس لورا بيكواو، فقد وجهت لائحة اتهامات إليه تتضمن الاختطاف والاحتجاز المؤدى إلى الوفاة، وكشفت وسائل الإعلام أنه فى السنوات الأخيرة تم احتجاز عمرة داخل عدة سجون فى جميع أنحاء فرنسا من أهمها « ليه بومتيس» و»لا سانتى» فى باريس، ومؤخرا فى مركز الحبس الاحتياطى بإفرو، ورغم أنه لم يكن من المعتقلين البارزين، إلا أن محمد العمرة كان على رأس شبكة مخدرات.

من أجل العثور على كتيبة الإجرام ومحمد عمرة، أطلقت السلطات الفرنسية عملية بحث واسعة النطاق، وتم تعبئة 200 من رجال الدرك وطائرات هليكوبتر وسائقين دراجات نارية من المقاطعات المختلفة، وحشد أكثر من 350 محقق، وأكد الوزير جيرالد دارمانين، أنهم يتقدمون فى تحقيقاتهم، وتنظم عمليات مطاردة عبر الحدود بواسطة النشرة الحمراء للإنتربول بناء على طلب فرنسا، والتى تهدف إلى تحديد مكان الهارب فى حال تمكنه من مغادرة البلاد ويمكن للشرطة الأجنبية إلقاء القبض عليه إذا لزم الأمر.

ويرأس كل ذلك فريق المحققين من مكتب مكافحة الجريمة المنظمة، ومع تأخر القبض عليه، رجح الخبراء لصحيفة لامونتاج، عدة أمور حول تفاصيل هروبه وأماكن تواجده، منهم جاك داليست، المدعى العام السابق لأجاكسيو ومرسيليا، والذى أكد أن الخيار الأفضل بالنسبة له هو السفر إلى الخارج، وهو ما يتطلب مالا وأوراقا مزورة، وربما ارتداء الملابس الجديدة وطلب دعما آخر، وهى تعتبر مخاطرة بالوثوق فى العديد من الأشخاص، الذين يمكن تتبع أحد منهم.

هروب مكلف

ومن أهم العناصر التى يمكن أن تثقل كاهل المحققين، هو تمكن محمد عمرة من العثور على قاعدة محلية قريبة من مكان هروبه فى منطقة نورماندى التى نشأ فيها، والتى يمكن أن تسهل طريقه السريع إلى بلجيكا، ولكن كلما زاد عدد الأشخاص المشاركين فى الإعداد والتنفيذ للهروب زاد خطر تسريب مكانه، وهو ما يدفعه للحفاظ على مستوى عال من التكتم وإلا سيتم كشفه.

ورغم أن الهارب يمكن أن يكون أكثر احترافًا كما يقول الخبير، إلا أن هناك العديد من العقبات أثناء الهروب ستجعل القبض عليه لا مفر منه، حيث يعتبر الهروب مكلفا للغاية ويجب أن يعتمد على شبكة قوية، حيث يحتاج دوما إلى الأشخاص الموثوقين لتزويده بالإمدادات، وعاجلا أم عاجلا سيرتكب الجناة خطأ بشكل أو بآخر.

خلال الأيام القادمة من المنتظر أن يعمل المحققون على تعقب جميع الروابط الخاصة بمحمد عمرة، حيث استجوبت الشرطة العديد من أفراد عائلته، ومن المحتمل كما يقول الخبراء أن يكون قد تم التنصت عليهم، كما سيتم فحص جميع المصادر المادية التى تسمح بتحديد هوية الكتيبة المسلحة.

رحلة الجناة

وقامت السلطات من خلال استخدام  التقنيات الفنية والعلمية الحديثة بفحص كل شبر فى السيارة، بحثا عن أى دليل يساعد فى التعرف على الجناه، كما سيتم استخدام بيانات الحدود والمراقبة بالفيديو بالقرب من مكان القتلى ومستشفى هويتفيل وإيفر والتى عثر بجوارها على السيارة المتفحمة.

ومن أجل الوصول لخيوط قوية عملت الشرطة على بناء رحلة الجناة والهدف من الجريمة، ويتم وضع عدة سيناريوهات منها فرضية اختطاف محمد عمره بهدف ابتزازه، وبسبب التغطية الإعلامية يمكن أن يكون القبض عليهم بمثابة وقت، حيث يتلقى المحققون مكالمات عديدة من أشخاص مقتنعين برؤية محمد عمرة، ويجب عليهم، فى كل مرة، إجراء فحوصات تسمى فى المصطلحات «إزالة الشك».

وفي وقت مبكر من بعد ظهر يوم الخميس الماضى، اعتقد سائق شاحنة أنه تعرف على الهارب فى بلدة بالينفيلييه، فى إيسون، المتلاحمة للحدود الوطنية، وبحسب لوفيجارو، قامت السلطات بمداهمة المدينة من قبل عناصر الدرك، الذين تمركزوا على مداخل ومخارج المكان وفتشوا جميع المركبات، وحلقت طائرة هليكوبتر فوق المنطقة.

غضب الضباط

خلال حفل تأبين وتكريم المتوفين، أكد وزير العدل الفرنسى إريك دوبوند موريتى، أنه يتم بذل كل شيء للعثور على مرتكبى هذه الجريمة الدنيئة، مؤكدًا فى تصريحاته بأن المجرمين لا وزن لهم، وسيتم القبض عليهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بما يتناسب مع الجريمة التى ارتكبوها.

من جانبهم عبر عدد من ضباط مراكز الاحتجاز عن غضبهم من نقص الموظفين ووسائل الحماية الشرطية، مؤكدين أن ما حدث يمكن أن يحدث لهم جميعا فى أى مكان وفى أى وقت، مشيرين إلى أنهم يسافرون ما بين 5000 و6000 كيلومتر شهريا، حيث تأخذهم مهام نقل المتهمين أحيانا لمسافات طويلة، فى رحلات تستغرق عدة ساعات إلى ما وصفوه بالجانب الآخر من البلاد، مع وجود اثنين أو ثلاثة من الضباط على متن سيارة نقل المحتجزين.

ويرى الضباط أنهم فى داخل السجن وقبل أن يتمكن المجرمون من اقتحام السجن، عليهم مواجهة الكثير من الحواجز، وفى حالة وجود أى مشكلة، لديهم جهاز إرسال واستقبال مزود بجرس إنذار، بينما فى الخارج، لا يمكنهم التنبؤ بأى شيء، والإعتماد فقط على أنفسهم، وفى هذه الحالة، فإن أدنى توقف فى الطريق لتغيير السائقين أو لمجرد القيام بشيء طبيعى يشكل خطرًا واضحًا. 

أما بالنسبة  لوسائل الحماية التى يرتديها الضباط، فوصفوا أنها عتيقة تماما فى مواجهة التهديدات الجديدة، مشيرين إلى أنهم يمتلكون فقط مسدسات عيار 9 ملم ضد الكلاشينكوف، وستراتهم الواقية من الرصاص ليست مصممة لهذا النوع من الأسلحة، وهو ما يجعلهم لا يمتلكون أى وسيلة للرد.

اقرأ أيضا : في أمريكا .. «سياحة السرقة» جرائم منظمة تحصد ملايين الدولارات

;