بعد ضغوط مكثفة على رأسها تهديد مصر بالانسحاب..

عودة الروح لمفاوضات الهدنة.. والقاهرة تؤكد التزامها بجهود التوصل لاتفاق

صورة موضوعية
صورة موضوعية

يسود العالم تفاؤل حذر حول إعادة احياء مفاوضات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى وذلك بعدما وافق مجلس الحرب فى الحكومة الإسرائيلية على استئناف المفاوضات مع «حماس»، وصادق على مبادئ توجيهية معدلة لفريق التفاوض الإسرائيلى.

ووفقاً لموقع «والا» الإسرائيلي فإن اجتماعاً رفيع المستوى لمجلس الحرب شهد نقاشات حادة حول مقترح استئناف التفاوض، شدد فيه الوزراء بينى جانتس ويوآف جالانت وجادى آيزنكوت على ضرورة استئناف التفاوض والسماح للمفاوضين بالعمل بصلاحيات كاملة من أجل التوصل لاتفاق. فيما شدد هرتسى هاليفي، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحاجة الملحة للتوصل لصفقة للإفراج عن الأسرى.

ووفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والطاقم المفاوض دعوا للتوصل إلى صفقة تبادل حتى لو كان الثمن بحث المقترح الذى وافقت عليه حماس.

ويأتى هذا التطور بعد سلسلة من الأحداث التى مثّلت ضغطا داخلياً وخارجياً على حكومة الاحتلال، قد يكون آخرها ما ذكرته قناة القاهرة الإخبارية عن لقاء مرتقب لوليام بيرنز، مدير المخابرات المركزية الأمريكية مع مدير الموساد خلال الأيام المقبلة لدفع المحادثات.

فى الوقت نفسه قال مصدر مقرب من وفد المفاوضات الإسرائيلى إن القرار جاء تحت ضغط التغيرات الدراماتيكية التى تشهدها الساحة الإسرائيلية والصدمة التى أحدثها قرار المدعى العام فى لاهاى بخصوص إصدار أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين، فضلاً عن موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية. 

هذا بخلاف الضغوط الداخلية الكبيرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين والتى ازدادت بشكل كبير بعد نشر «منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين» مقطع فيديو يظهر عملية أسر عدد من المجندات الإسرائيليات من قاعدة «ناحل عوز» العسكرية، خلال هجوم 7 أكتوبر، فى محاولة لكسب تعاطف الرأى العام وحشده ضد حكومة نتنياهو لدفعها لإبرام صفقة تبادل مع الحركة الفلسطينية.. وفى أعقاب نشر الفيديو، تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين أمام مقر وزارة الدفاع فى تل أبيب، مطالبين بالعمل على الإفراج عن الأسرى والمحتجزين فى قطاع غزة، وسط دعوات لإسقاط حكومة نتنياهو.. واتسعت الاحتجاجات لتشمل إغلاق طرق وإشعال نيران.. فى الوقت نفسه أشار موقع «واى نت» الاسرائيلى إلى التأثير المصرى على قرار استئناف المفاوضات، حيث قال إن القرار جاء بعد تهديد مصر، بالانسحاب من المفاوضات بشكل نهائى بعد تقرير شبكة «سى إن إن» الأمريكية، الذى شكك فى نزاهة الوساطة المصرية.

والحقيقة ان هناك توافقا بين كافة الأطراف المعنية والدولية على أهمية الدور المصري فى استئناف المفاوضات حتى الوصول إلى اتفاق، حيث أكد المحلل الفلسطينى، عبدالمُهدى مطاوع ألا أحد يمتلك تأثيرا كتأثير المفاوض المصري وان دور مصر مهم لأنها تحد غزة من جانب معبر رفح، وبالتالى هى جزء أساسى من أى ترتيبات مستقبلية، ولا يمكن تجاوزها، كما أنها عامل أساسى فى استقرار المنطقة.» 

وعلى الجانب الاسرائيلى، قال المحلل الإسرائيلى، إيلى نيسان أن إسرائيل «لن تتنازل عن الوساطة المصرية، وانها تفضلها عن اى وساطة أخرى، لأن هناك علاقات استراتيجية بين البلدين»، كما أشار المحلل الإسرائيلى، أمير أورن، أيضًا إلى أنه «لا بديل» للدور المصرى فى الوساطة، موضحا: «من يمكنه القيام بهذا الدور؟».

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، دانيال هاجارى، قد قال فى حوار مع قناة «الحرة»، إن مصر «دولة مهمة بالنسبة لإسرائيل»، وتقوم بوساطة مفيدة فى مفاوضات الرهائن».. من جانبها قالت إذاعة مونت كارلو ان حكومة نتنياهو لا يمكنها أن تخوض المفاوضات دون الدور والوساطة المصرية. وهذا يعنى أن عليها استبعاد الأفكار التى ما زالت تتردد حول تهجير سكان غزة إلى سيناء، والتوقف عن إلقاء مسئولية فشل التفاوض على أكتاف الآخرين.. وكان موقع «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكى أشار فى تقرير مطول له حول الحرب إلى ما وصفه بالأدوار المهمة التى لعبتها مصر دائمًا فى تأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس كلما اشتعلت بينهم المعارك، وفى الوقت المناسب سيكون لمصر دور أكبر لتلعبه إلى جانب فتح الممرات الإنسانية وارسال المساعدات.

اما مركز «سوفان الأمريكى» فقال ان قرب مصر من قطاع غزة وعلاقتها التاريخية به، فضلاً عن علاقاتها مع إسرائيل، يجعل من القاهرة محوراً أساسيا للتوصل إلى حل جوهرى فى الصراع الحالى. هذا ما أكدته أيضا صحيفة « ذا اندبندنت « التى أشارت للدور السياسى التى لعبته مصر فى الأزمة من خلال تقديمها لخارطة طريق لإنهاء الحرب فى غزة.

يأتى ذلك فى الوقت الذى أكدت فيه القاهرة «أنها لا تزال ملتزمة بالمساعدة فى التفاوض» وذلك بعد تهديدها بالانسحاب منها، وسط توتر متعلق بتعثر أحدث جولة محادثات، والتوغل العسكرى الإسرائيلى فى مدينة رفح، واستيلاء إسرائيل على الجانب الفلسطينى من معبر رفح.