فاطمة الكسباني : هذه خلاصة تجربة 44 عامًا فى ماسبيرو l حوار

الإعلامية فاطمة الكسباني
الإعلامية فاطمة الكسباني

رضوى‭ ‬خليل‭ ‬

أحد أبرز المذيعات في زمن “ماسبيرو” الجميل.. جاءت من الإسكندرية لكي تحقق حلمها في منتصف السبعينات، وبدأت المشوار وحققت نجاحا كبيرا وأصبحت أول من قدمت حلقات عن الجريمة في التليفزيون المصري من خلال برنامج “النجدة 122”، وأول سيدة تدخل العريش بعد تحريرها من الاحتلال، أنها فاطمة الكسباني، الإعلامية القديرة التي تعد من علامات التليفزيون المصري بعد مشوار دام 44 عاما.. “أخبار النجوم” ألتقت بها وتحدثنا عن هذا المشوار الطويل في حوار مليئ بالأسرار والتفاصيل التي نعرفها لأول مرة.

 في البداية.. كيف تقضين يومك؟ 

معظم أوقاتي أقضيها بإعادة كتابة السهرات التي كنت أقدمها منذ سنوات على التليفزيون، حيث وجدت بعض “إسكريبتات” للحلقات مكتوبة بخط اليد لعبد العاطىي حامد وسامية صادق، والسهرة كانت مدتها ساعتين على الهواء، ومكتوب لها 15 معلومة، كل واحدة منها في صفحة، وأنا وقت إعادة كتابتهم اكتشفت أنني مازالت احفظ كل المكتوب والمعلومات الموجودة رغم مرور سنين طويلة على تقديمها، بالإضافة لانشغالي بالاجتماعات الخيرية مع بعض الصديقات، وغالبية الوقت أقضيه مع أحفادي وفي مشاهدة الـ”توك شو” لمعرفة ما يدور من حولي. 

 من مذيع الـ”توك شو” الذي يجذبك على الشاشة؟ 

اشاهد الـ”توك شو” لتغذية عقلي فقط، ولا يوجد برنامج بعينه يجذبني، لذلك اخذ ساعتين في اليوم أقوم فيها بجولة سريعة على القنوات لكي أحصل على المعلومة المفيدة، ومن القنوات التي أمر عليها “BBC”، التي أشاهدها لكي أضحك على الأكاذيب الواضحة والصريحة، ولو اختارت مذيع يجذبني سيكون الإعلامي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، لأنه من مدرسة الحديث بلسان ولغة الشارع، وأنا أنتمي واحترم هذه المدرسة. 

 لو سألتك عن نوعية الأعمال التي تفضلين مشاهدتها؟ 

أحب مشاهدة الأعمال عبر المنصات الإلكترونية، وافضل مشاهدة الأعمال التي تقدم عن المرأة، وكل قديم، خاصة أعمال 

لو تحدثنا عن مشوارك.. هل أفادتك دراسة التجارة في مشوارك الإعلامي؟

 لم تفدني بأي شيء، وكنت أتمنى دراسة آداب قسم لغة إنجليزية، لكن والدي أصر على دراسة التجارة بحكم أن عائلتنا كانوا من رؤساء البنوك، وعلى الرغم من أنني لا أحب الروتين، وأحب الإبداع والتفكير، وعندما كنت في المرحلة الثانوية كنت أريد أن أعمل شيء يخدم الناس، وأعمل شيء له قيمة، وفي مرحلة الجامعة كنت أشاهد التليفزيون، تبلورت لدي فكرة العمل كمذيعة لخدمة المواطنين. 

 كيف بدأ عملك في المجال الإعلامي؟

شاهدت إعلان في الصحف بطلب التليفزيون المصري لمذيعات، وكان ميعاد امتحان التليفزيون بعد امتحان بكالوريوس التجارة بأسبوعين، ولم تكن نتيجة الامتحان قد ظهرت بعد، فقلت لأبي أنني أريد المشاركة في امتحان القبول في التليفزيون المصري، ووافق، فأنا كنت ابنته الكبيرة ويريد أن يرضيني، كما أن الإسكندرية مجتمع مثقف، ووالدي لم يكن يمانع أن أذهب من الإسكندرية للقاهرة للمشاركة في الامتحان، وبالفعل شاركت ونجحت رغم صعوبة الامتحان. 

 44 عاما مشوارك في التليفزيون.. ما أهم المحطات؟ 

برنامج “نجدة 122”، لأنه لم يكن له مثيل في هذه الفترة، وكان بالتعاون مع وزارة الداخلية، وقدمته في بداية مشواري الإعلامي، وحينها لم يكن هناك برنامج يقدم عالم الجريمة، ثم برنامج “روبرتاج”، حيث كنا نجري جولات في المحافظات، وهذا البرنامج كان يصور بالكامل في الشارع، وبداية عملي الإعلامي كان تغطية ميدانية في الشارع، حتى بدأت أقدم برنامج “سهرة السبت”، وظللت أقدمه لمدة 5 سنوات، وكانت السهرة الوحيدة في القناة الثانية، لأنه في نفس الوقت كان يذاع في القناة الأولى “نادي السينما”، ثم قدمت يوم الأحد “اليوم المفتوح” مع سهام صبري، وبرنامج “ليالي عربية” عن الفن في البلدان العربية. 

 لماذا لا يوجد برنامج جريمة مثل “النجدة 122” الآن؟ 

بعد برنامج “النجدة 122” ظهرت برامج كثيرة عن الجريمة في القناة “التالتة” والفضائيات، لكن حاليا أعتقد تنفيذه صعب، لأن الوقت اختلف وأصبحت الجريمة اليوم أبشع، و”يقشعر له الأبدان”، بالإضافة إن “النجدة 122” كان تحت إشراف وزارة الداخلية مباشرة، والتي ساندتنا كثيرا لخروج الحلقات بشكل متميز. 

 ما ذكرياتك مع هذا البرنامج؟ 

“النجدة 122” صعب جدا، وكلما تذكرت تصوير حلقاته أقول لنفسي “أنا إزاي كنت بالجرأة دي”، وأتذكر في إحدى الحلقات كنا نصور القبض على “نشالة”، وبعد القبض عليها، وقبل أن تدخل سيارة الشرطة أجريت معها حوار، وسألتها بعد خروجك من السجن ماذا ستفعلين، فقالت: “أول حاجة هعملها هسرق شقتك”!، وفي حلقة أخرى كنا نصور جريمة قيام متهم بقتل 4 سيدات في نصف ساعة، وكنت في مكتب اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية حينها، ودخل المتهم لبدء اللقاء، وطلبت منه أن يشرح كيف نفذ جريمته في هذه المدة القصيرة، فوجدته يلف حبل فوق رقبتي، وحينها “وقعت” بسبب الموقف، بجانب حلقة اقتحام منطقة “الباطنية” بالقاهرة القديمة، وحلقة “عزبة القرود”، وغيرها من الحلقات الصعبة. 

 من صاحب فكرة البرنامج؟ 

الصحفي عبد العاطي حامد.. زوجي ومعد كل برامجي وشريك النجاح في مشواري المهني، وجاءته الفكرة حينما كان موجود خارج البلاد وشاهد فيلم عن الجريمة، ومن هنا جاءته فكرة تنفيذ أول برنامج عن الجريمة في مصر. 

 هل وفاته أثرت على مشوارك المهني بعد ذلك؟ 

بالتأكيد تأثرت جدا برحيله، لأنه كان الزوج والصديق والمدير في العمل، لكن قررت عدم الإستسلام للحزن والفراق، وشعرت إن واجبي نحوه أن أكمل المشوار الذي بدأناه سويا، فبدأت اكتب لنفسي، وأكون المعدة في سهرة “عنوان مصر الثقافة والحضارة”، وتذاع كل يوم سبت، وكنت أكتب الحلقة بنفسي، وأقدمها أنا يوم سبت وعزة الإتربي يوم سبت التالي، باختيار من الإعلامية سهير الإتربي، وكنا نجري حوار مع المسئول عن قطاع الثقافة أو مراكز الشباب، وفي نفس الوقت نعرض عليه السلبيات في قطاعه ليجيب عليها، وهذا البرنامج كان له سلبيات وإيجابيات، من السلبيات أنه تسبب في إيقافي عن تقديم البرامج لفترة، أما الإيجابيات فأنه يتم اختياري لرئيسة القناة الأولى.

 توليت رئاسة القناة الأولى لكن في وقت “الإخوان”.. كيف تصفيين تلك الفترة؟

“كنت بخبط في الصخر”، كنت السيدة الوحيدة، وباقي المنصاب كلها من الرجال، وكنت في وادي وهم في وادي آخر.. اجلس على الكرسي، وقلبي مشاعري مع بلدي، لكن الاستسلام كان أمر مستحيل، وبالفعل نفذت وقتها برنامج “أنا المصري” في 4 أيام فقط، واخترت مذيعين لتقديمه، منهم أمنية مكرم وأميرة عبدالعظيم وعلاء بسيوني، وبعد كل حلقة كان هاتفي يرن ويقال لي: “إيه اللي اتعرض ده؟”. 

ما تقييمك لحال التليفزيون المصري حاليا؟ 

يحتاج للكثير.. لكن لا أنكر إن لكل وقت ظروفه، خاصة إن عدد المذيعين في الماضي كان أقل بكثير، أتذكر أنني وسوزان حسن ونادية حليم كنا فقط المذيعات المتواجدات، لذلك ما يحتاجه التليفزيون حاليا إدراك قيمته أولا، وأنا منذ 44 عاما ادخل المبنى في الصباح الباكر واخرج منه في المساء، وفي عصرنا كان “الإسكريبت” يكتب بدقة، وخطة البرامج واضحة وصريحة في أهدافها، والاختيار والانتقاء بين الأفضل يكون كل فترة كنوع من التقييم، حيث كان هناك دورية تغيير خريطة البرامج، وغيرها من الأمور الهامة التي يجب على التليفزيون إعادة النظر فيها حاليا. 

 كان لك دور كبير أيضا في بث قناة “ماسبيرو زمان”.. ماذا تقولين عنها؟ 

“ماسبيرو زمان” بالنسبة لي هي التليفزيون المصري، لكن يجب أيضا أن يعاد النظر في الخريطة المخصصة له. 

 لو بإمكانك اختيار برنامج من برامجك لاعادة تقديمه حاليا.. ماذا سيكون؟ 

“أقلام وأفلام”، أتمنى استكمال تقديمه.  

 ما سر نجاحك طوال مسيرتك الإعلامية؟ 

“الشارع”، أنا أؤمن بأن الشارع يصقل موهبة المذيعة، وأنا نجحت به، بالإضافة إلى التطوير من الذات والمعرفة والثقافة العامة والاجتهاد في العمل. 

 هل لديك هوايات؟ 

أحب الكتابة والحديث وفتح نقاش مفتوح مع أحفادي، لأنني أتعلم منهم كما يتعلمون مني، وأحب أيضا المشي في الصباح الباكر يوميا، للتخلص من الطاقة السلبية. 

 ما أكثر شيء تخشين منه في الحياة؟ 

المرض، لأنه يضعف الإنسان، ومن يملك الستر والصحة كأنه امتلك الدنيا بأكملها. 

 ما الذي يفرحك؟

أن يكون أبنائي وأحفادي في صحة وسلامة، وناجحين وكل أحلامهم تتحقق. 

 حديثنا أكثر عن أسرتك؟

أسرتي تتكون من علياء، الابنة الكبرى، وأبنائها “فاطمة، خديجة، نادية، محمد”، وعمرو الابن الأصغر وأبنائه “إسماعيل، نيللي، نادين”، ولا أصف لكي مدى سعادتي بالجلوس معهما، أو الإطلاع على أحلامهما وثقافتهما وطريقة تفكيرهما.

 هل ندمت على رفضك للعمل في السينما؟ 

تبتسم وتقول: “كنت أصور أحد حلقات برنامج (النجدة 122) وفجأة توقفت سيارة بجانبي وقال سائقها: (أنا متأكد من نجاحك في السينما لو اتجهت إليها في فترة قصيرة ستصبحين واحدة من أشهر نجوم الشاشة في بلادنا)، وبعد لحظات اكتشفت أن من يتحدث لي هو المخرج السينمائي حسن الإمام، لكن وقتها كنت في بداية مشواري الإعلامي، وكنت حريصة على التركيز فيه، ولم أندم لأنني نجحت إعلاميا، ويكفيني أنني راضية عن كل ما قدمته. 

 كنت أول مذيعة تدخل العريش بعد عودة سيناء.. ما كواليس الموقف؟

كنت مع فريق وزارة الداخلية الذي ذهب لتسلم العريش من القوات الإسرائيلية ضمن برنامج “مجلة الشرطة”، وكنت أول مصرية تدخل العريش، ولا أنسى هذا اليوم في حياتي، وقبلت سيدات العريش يدي، وهن يبكين لأنهن لأول مرة يشاهدن مصرية تدخل سيناء.

 أخيرا.. ماذا عن علاقتك بعبد الحليم حافظ؟ 

قدمت آخر حفلة له “قارئة الفنجان”، وحضرنا للحفلة لمدة شهر مع المخرج أحمد عزت، وهذا يؤكد أنك كي تنجح لابد أن تتعب، وتذاكر جيدا، فالعمل الإعلامي جزء منه حظ وجزء جهد وتعب، وظللت لمدة شهر أتردد على منزل عبد الحليم حافظ في الزمالك للتحضير للحفلة وتقديمها، وكنا نجلس في أي ركن ونشاهد البروفات، وعبد الحليم حافظ كان يراجع معي النص الذي سأقوله في افتتاح الحفل، وهو دقيق للغاية ومنظم، وكان حريص على التشكيل في تقديمي للحفل، وحرص أن يخرج الحفل بشكل ناجح.

اقرأ أيضا : حكايات| ماسبيرو.. من أشهر علماء المصريات وساهم في تأسيس المتحف المصري

;