فواصل

شعب الجبارين

أسامة عجاج
أسامة عجاج

قولاً واحداً، أبداً لن تكون هناك نكبة ثانية تواجه الشعب الفلسطيني، وذلك رداً على السؤال الذى تم طرحه مؤخراً، مع مرور الذكرى الـ ٧٦ لمأساة نكبة ١٩٤٨، والتى تزامنت مع مرور عدة أشهر على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، حيث دفع الشعب الفلسطينى يومها ثمناً باهظاً، ويكفى أن عدد من تم تهجيرهم، عقب إعلان دولة إسرائيل٨٠٠ ألف فلسطيني، صحيح أن أرقام الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلى الأخير، وصل حسب آخر الإحصاءات لأكثر من ٣٥ ألف شهيد، واقتربت الإصابات إلى حوالى ٨٠ ألفاً.

صحيح أيضاً أن إعادة الإعمار يحتاج عشرات السنين ومليارات الدولارات، ولكننى أتذكر دائماً مع مرور كل يوم على الصمود الأسطورى للشعب الفلسطيني، وصف الزعيم الرمز ياسر عرفات، بأنه (شعب الجبارين)، أى قوماً ذوى قوة وبأس شديد، فهم فقط أصحاب الأرض الأصليون، الذين أفشلوا مخططات تهجيرهم القسري، وهو المشروع المطروح منذ حوالى قرن تقريباً حتى ما قبل قيام دولة إسرائيل، وعقد مؤتمر هرتزيليا، وتوصيات لجنة بيل الملكية فى عام ١٩٣٧، والذى تجسد بعد ذلك فى العديد من المشاريع، ومازالت، وستظل حبيسة الأدراج.

وهم الذين صمدوا، ونجحوا فى تغيير معادلة الصراع بين جماعة مقاومة، تمارس عملاً نضالياً فى مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، التى تحتل مرتبة متقدمة بين جيوش العالم، ويكفى مشاهد مقاتلى المقاومة من الحفاة، الذين يرتدون ملابس رياضية، فى مواجهة عناصر الجيش الإسرائيلي، وأحياناً من المسافة صفر، وهم أيضاً الذين زحفوا بالآلاف لمنازلهم المهدمة فى غزة، وشمالها، فى مشهد يؤكد صمودهم وتمسكهم بأرضهم.

عندما توقفت العمليات لأيام، تطبيقاً لاتفاق الهدنة الوحيدة فى نوفمبر الماضي، مع حرص الآلاف من الفلسطينيين العاملين فى الخارج على العودة عبر معبر رفح إلى القطاع، رغم كل المخاطر، وفى المقابل وخلال شهرين من عملية الطوفان، وحتى ديسمبر الماضي، وصلت أعداد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد حوالي٣٧٥ ألف شخص، كما نجحت المقاومة فى فرض القضية الفلسطينية فى مقدمة أجندة العالم، بعد أن كانت طى النسيان.

حيث صوتت١٣٤ دولة خلال هذا الشهر لصالح حصول فلسطين على عضوية الأمم المتحدة، والفلسطينيون هم الذين يقاومون إسرائيل بأغرب سلاح، (القنبلة الديمغرافية)، التى كثيراً ما أشار إليها أبو عمار، وحذر منها مفكرون استراتيجيون يهود، حيث تفوقوا فى مجال زيادة المواليد، وتمكنوا من مضاعفة أعداد السكان عشر مرات خلال الـ ٧٦ عاماً الماضية.

فزيادة الإنجاب يمثل ثقافة فلسطينية، باعتبارها فعلاً نضالياً، مع تدنى وتراجع نسبة المواليد لدى الإسرائيليين، وفقاً لآخر إحصائيات العام الماضي، طوفان الأقصى أنهى أى احتمال لنكبة جديدة، وفتح الطريق الطويل أمام قيام دولة فلسطين، وحرية شعبها.