«جان هنري دونانت».. رحلة الإنسانية والتضحية نحو إنقاذ الأرواح

جان هنري
جان هنري

يُحتفل باليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في 8 من مايو من كل عام، هذا اليوم يكرم عمل وجهود الصليب الأحمر والهلال الأحمر العالميين في تقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين والمتضررين في جميع أنحاء العالم، وهو احتفال سنوي بمبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهو تاريخ ميلاد هنري دونانت، الذي ولد في 8 مايو 1828، مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحاصل على جائزة نوبل للسلام الأولى.

"جان هنري دونانت"، الشخصية الرائدة والرمز الأساسي وراء تأسيس الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كان رجلاً برؤية إنسانية عميقة ورغبة قوية في مساعدة الآخرين، وكيف أثرت جهوده على مسار العمل الإنساني في العالم.

في البداية أسس جان هنري دونانت الصليب الأحمر عام 1863 بعد أن شاهد معاناة الجرحى في معركة سولفيرينو، وكيف نمت المنظمة لتصبح واحدة من أبرز الهيئات الإنسانية في العالم، وكان دوره في تطوير القانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية التي تحمي المدنيين والجرحى في حالات النزاعات المسلحة، واستمر تأثير جان هنري دونانت على العمل الإنساني حول العالم حتى بعد وفاته، باعتباره رمزاً للإنسانية والتضحية، يظل جان هنري دونانت مصدر إلهام للعديد من الناس حول العالم. ويستمر تأثيره في تحفيز الجهود الإنسانية ودفعها للأمام في سبيل مساعدة الآخرين وتحقيق التضامن العالمي.

◄ تاريخ هنري : 

وُلد في جنيف في الثامن من مايو عام 1828 من عائلة بروتستانتية كالفينية اتسمت بالتدين والنزوع إلى الإحسان، وحصل على فرصة للتدريب في أحد بنوك جنيف دون إكماله مرحلة التعليم الثانوي. وفي عام 1853، سافر إلى الجزائر للاضطلاع بمسؤولية المستعمرة السويسرية في " سطيف " .

وشرع في تشييد طاحونة قمح، ولكنه لم يستطع الحصول على امتياز الأرض الذي كان أساسيـًا لعملها. وبعد أن سافر إلى تونس عاد إلى جنيف، حيث قرر التحدث إلى نابليون الثالث من أجل الحصول على الوثيقة التي كان يحتاجها لعمله.

وكان الإمبراطور آنذاك يقود قوات التحالف الفرنسي-السرديني التي كانت تقاتل النمساويين شمالي إيطاليا، وهي المنطقة التي قرر " هنري دونان " أن يبحث فيها عن الإمبراطور، وكان هذا هو سبب حضوره نهاية معركة " سولفرينو " في " لومبارديا " .

وبعد أن عاد إلى جنيف، كتب " تذكار سولفرينو " ، وهو ما قاد في نهاية المطاف إلى تأسيس " اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى " التي أصبحت فيما بعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكان " دونان " عضوًا بها وعمل أمينًا لها. وحينئذٍ ذاع صيته واستقبله رؤساء البلدان الأوروبية وملوكها وأمراؤها. بيد أن شؤونه المالية كانت تمضي بتعثرٍ وأُعلن إفلاسه عام 1867، وبعد أن تحطم تمامـًا كان مدينـًا بنحو مليون فرنك سويسري.

◄ اقرأ أيضًا | الهلال الأحمر الفلسطيني: الأوضاع في غزة أصبحت أكثر تعقيدا بعد إيقاف دخول المساعدات

◄ استقالة "دونان" من اللجنة  

ونتيجة للفضيحة التي تسبب فيها هذا الإفلاس في جنيف، استقال " دونان " من منصبه بوصفه أمينا للجنة الدولية. وفي الثامن من سبتمبر 1867 قررت اللجنة قبول استقالته ليس فقط بوصفه أمينًا بل أيضـًا بوصفه عضوًا. ورحل " دونان " متجهـًا إلى باريس، حيث آل به الحال إلى النوم على المقاعد العامة. ولكن في الوقت ذاته استدعته الإمبراطورة " أوجيني " إلى " قصر تويلري " من أجل استشارته في توسيع نطاق اتفاقية جنيف لتشمل الحروب البحرية. وأختير " دونان " عضوًا فخريـًا لجمعيات الصليب الأحمر الوطنية; النمساوية والهولندية والسويدية والبروسية والإسبانية.

وإبّان الحرب الفرنسية ـ البروسية في عام 1870، قام بزيارة ومواساة الجرحى، الذين أُحضروا إلى باريس، وطرح مسألة ارتداء شارة حتى يكون في الإمكان تحديد هوية الموتى.

وعندما حل السلام من جديد، سافر " دونان " إلى لندن، حيث سعى جاهدًا إلى تنظيم مؤتمر دبلوماسي عن مشكلة أسرى الحرب; وشجعه القيصر، ولكن إنجلترا كانت مناوئة لهذه الخطة.

وفي النهاية، وفي عام 1887، انتهى به الأمر في قرية " هايدن " السويسرية، التي تطل على " بحيرة كونستانس " ، حيث سقط في براثن المرض. ووجد ملاذه في نُزل للفقراء بالمنطقة، وكان هذا هو المكان الذي اكتشفه فيه عام 1895 أحد الصحفيين، ويدعى " جورج بومبيرجي " ، الذي كتب عنه مقالاً أعادت الصحافة نشره، في غضون أيامٍ قليلة، في جميع أرجاء أوروبا. ووصلت إلى " دونان " رسائل تعاطف من جميع أنحاء العالم، وبين عشية وضحاها حظي مرةً أخرى بالشهرة والتكريم. وفي عام 1901 حصل على جائزة نوبل للسلام.

تُوفي " هنري دونان " في الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1910; ويُحتفل في يوم ميلاده، الموافق الثامن من ماي، من كل عام باليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر.