فى الصميم

أول اعتراف أمريكى.. بجرائم جيش إسرائيل!

جلال عارف
جلال عارف

أخيراً.. أعلن وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» أنه اتخذ قراراتٍ بشأن الاتهامات بأن القوات الإسرائيلية انتهكت القوانين الأمريكية الخاصة باستخدام السلاح الأمريكى فى ممارسات ضد حقوق الإنسان.. وجاء ذلك بعد أن بدأت تحاصره التسريبات الإعلامية الموثوقة بأنه يحتفظ فى درج مكتبه منذ فترة طويلة بنتائج التحقيقات التى أجرتها الخارجية الأمريكية وأثبتت الجرائم التى قام بها جنود الاحتلال فى الأراضى الفلسطينية.


والحديث هنا عن جرائم وقعت قبل عامين وقبل أحداث 7 أكتوبر بفترة طويلة .. ومسرح الأحداث كان فى الضفة الغربية، والحساسية الأمريكية تزداد لأن بعض هذه الجرائم كان ضحاياها فلسطينيين يحملون الجنسية الأمريكية. والمتهم الرئيسى فيها هى كتيبة «نيتساح يهودا» التى تضم مجندين من المستوطنين المتطرفين، وهى الكتيبة التى فرضت أمريكا عليها مؤخراً عقوباتٍ رمزية تمنع الكتيبة وأعضاءها من تلقى أى نوع من السلاح أو التدريب العسكرى الأمريكى!
ورغم رمزية العقوبات، وتوقيت الإعلان عنها وسط «مهرجان» الهدايا الأمريكية لإسرائيل، وصفقات السلاح الجديدة والمساعدات الهائلة.. رغم كل ذلك فقد كان رد الفعل الإسرائيلى عنيفاً من كل القيادات وعلى رأسهم نتنياهو الذى تعهد بالوقوف ضد هذه العقوبات التى وصفها بأنها «قمة السخافة والتردى الأخلاقى»!! وهو هنا لا يسعى فقط لإرضاء أنصاره من المتطرفين اليهود، لكنه - بالتأكيد - يخشى عواقب فتح هذا الباب الذى كان مسدوداً لسنواتٍ طويلة. ويعرف أن ما يبدأ مع كتيبة صغيرة وجنود متطرفين لن يتوقف عند ذلك. وأن جرائم جيش الاحتلال لا تُحصى ولا تُعد، وأن ما يُعاقب عليه المتطرفون من كتيبة «نيتساح يهودا» لا يُقارن مطلقاً بما تم ارتكابه بعد ذلك فى حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل منذ 200 يوم. وهو وباقى القيادات الإسرائيلية يخشون من عواقب أن يشعر جنود جيش الاحتلال أن القانون سيطالهم وأن جرائمهم لم تعد خارج المحاسبة!!


ويبقى الأخطر بالنسبة لمن يقودون حرب الإبادة على شعب فلسطين وهو أن «العقوبات الرمزية» لن تظل كذلك، وأنها لم تأتِ إلا بضغوط داخلية وخارجية تطلب «العقوبات الشاملة» وترفض استمرار مد إسرائيل بالسلاح والمساعدات لتقتل المزيد من الفلسطينيين، وترتكب المزيد من الجرائم، وتواصل حرب الإبادة حتى وهى تُحاكم بسببها أمام محكمة العدل الدولية وينتظر قادتها - بكل الخوف - أن تلاحقهم المحكمة الجنائية الدولية وتطاردهم كمجرمى حرب.
خطوة متواضعة وعقوبات رمزية، لكنها تقول إنه حتى الحليف الأكبر لم يعد قادراً على تحمل جرائم إسرائيل!!