عن قُرب

مصطفى عبده يكتب: رحلة إلى المستقبل

مصطفى عبده
مصطفى عبده

عقارب الساعة تشير إلى الرابعة، معلنةً عن قرب الوصول، تتهلل نسمات الفجر، وتظهر معها فى الأفق ملامح تحفة معمارية أبدع المصريون فى تشييدها، تحفة تجمع العمارة الإسلامية التاريخية ممزوجة بالعمارة الحديثة، فمركز مصر الثقافي الإسلامي، روح تدب في العاصمة الإدارية الجديدة، تؤكد أن المستقبل أصبح حاضرًا هنا.

مع اقتراب دقات السادسة، تتعالى تكبيرات صلاة العيد من  داخل المسجد الكبير الأكثر رحابة، بالخروج من مركز مصر الثقافي الإسلامي، تخطفك للوهلة الأولى المباني الشامخة  فى حي المال والأعمال، والحي الحكومي بعاصمة المستقبل، عمارة مصرية خالصة تستحضر روح الحضارة المصرية على مر تاريخها، من مصر الفرعونية إلى القبطية إلى الحديثة.

 يتبادر السؤال سريعًا، كيف وصلنا إلى المستقبل بهذه السرعة الخاطفة؟!

من داخل حفل إفطار أبناء الشهداء، تأتي الإجابة مرسومة على وجوه فرحة يملؤها الفخر والعزة بتضحيات أبنائها من رجال الجيش والشرطة، أبطال ذادوا بأرواحهم دفاعًا عن وطن عصىّ على الانكسار، فرحة رؤية أم لابنها الشهيد، فأرواح الشهداء تطل على مَن تحب حينما تريد، فرحة على وجوه أطفال تترقب وصول الأب والسند.. وتطغي الفرحة مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي.

حضور الرئيس السيسى للحفل ، لفتة أبوية يحرص عليها الرئيس كل عام ، تؤكد دائما أن تضحيات شهداء الوطن بأرواحهم الغالية ستبقى محفورة فى صفحات التاريخ وذاكرة الوطن ، وهو ماعكسه الحديث الأبوى للرئيس السيسى مع أسر وأبناء الشهداء ، موجها التحية لهم:  "نبقي مع الأسر أسر أهل مصر بفضل الله سبحانه وتعالي .. موجودين هنا بفضل تضحيات الشهداء أبنائكم وازواجكم وأمهاتكم ومش هننسي أبدا ده.. هنبقي دائما يعني.. كل سنة وانتم طيبين".

 تشع البهجة فى المكان مع بدء فقرات الحفل بأغنية "أهلًا بالعيد" للفنانة القديرة صفاء أبو السعود، التي أضفت فرحة على وجوه الحاضرين، ويتفاعل معها الأطفال مصريين وفلسطينيين، وترفرف أعلام مصر وفلسطين داخل الحفل.

 فلسطين دائمًا حاضرة في وجدان مصر قيادةً وشعبًا، والدعم المصرى للفلسطينيين لا يتوقف على كل المستويات، وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، فإدخال المساعدات المصرية لأشقائنا فى غزة، وبكل السبل مستمرلا يتوقف، والموقف الرافض وبشدة لتصفية القضية الفلسطينية لا يتزحزح، والجهود الحثيثة الرامية للوقف الفوري لإطلاق النار ممتدة.

 تتواصل الإجابات، وفي هذه المرة، تلخصها القصيدة، التي ألقتها والدة الشهيد - جندى-  محمود سمير عليوه، أحد شهداء القوات المسلحة، واستأثرت  بوجدان الحاضرين، وهي تقول بنبرة يملؤها الفخر:

"روحي سعيدة حاضرة معاكم وموجودة".. "في الأرض شايفة التكريم".. "لابني وأمي أغلى الغاليين من قادة ورجال أمن شرفاء عندهم عقيدة بالوطن والدين".." خير من كرم في التوقيت السليم".. "فى الأصل ابن مصر وقائدها جندى من جنود الله المخلصين".. "أوصف لك الجنة يا أمي".. "طيبة التربة لا يشم عطر هواها ولا يسكن تحت سماها إلا رجال في الحق شداد مؤمنين"، "بيدافعوا عن أرضهم وبيجيبوا حقهم من أيدي الغاصبين".. "هما دول اللى ذكرهم الله وأرضهم فى القرآن الكريم".. "خير جنود الأرض وادخلوا مصر آمنين".

مصر نجحت في تخطي صعاب جمة، بفضل قيادتها السياسية،  التي آمنت منذ البداية أن بناء الأوطان لن يكون مفروشًا بالورود، قيادة لم تترك أمرًا للصدفة، نجحت في دحر الإرهاب، وتواصل تنفيذ رؤيتها للتنمية الشاملة، وتُدرك طريقها للوصول لمستقبل أفضل.