أخر الأخبار

أخطر زعماء المافيا فى إيطاليا يعلن توبته ويتعاون مع الشرطة ضد الجريمة المنظمة

أخطر زعماء المافيا فى إيطاليا
أخطر زعماء المافيا فى إيطاليا

مى‭ ‬السيد

  فى سابقة نادرة، أعلن أحد أشهر زعماء المافيا فى مدينة نابولى معقل المنظمات الإجرامية عن توبته، وقرر التعاون مع السلطات الإيطالية ضد الجريمة المنظمة، وذلك بعد قضائه 26 عاما خلف أبواب السجون، وهى الخطوة التى رحب بها نظام العدالة فى البلاد، كونها خطوة كبيرة ضمن جهود مواجهة العصابات التى شنتها الحكومة.

شنت السلطات الإيطالية حملة جديدة ضد عصابات المافيا المنتشرة فى البلاد، حيث تنشط العديد من المنظمات الإجرامية الملقبة بالمافيا، وأصدر القضاء العديد من مذكرات الاعتقال ضد أبرز القيادات فى المنظمات الإجرامية، بتهم المشاركة فى جماعات المافيا وإنتاج وتجارة المخدرات وغسل الأموال والابتزاز والاحتيال.

إعادة تدوير الأموال

كان فرانسيسكو «ساندوكان» شيافونى، بحسب وسائل الإعلام الفرنسية، والذى أعلن توبته الرئيس السابق لأقوى جماعة إجرامية فى مافيا نابولى والتى تسمى لمافيا كاساليسى، ومقرها فى منطقة  كاسال دى برينسيبى، حيث تتخصص تلك العصابة الإجرامية فى تجارة المخدرات، وممارسة الفساد والتزوير داخل المزادات وقيامها بغسل رؤوس الأموال فى تجارات وهمية وأسهم شركات.

ورغم الضربات التى وجهتها السلطات لمافيا كاساليسي، إلا أنها تتبع خططًا إدارية بين هياكلها القديمة والجديدة، لكل منهم أدوار محددة جيدًا، والتى كان من شأنها ضمان قدرة المنظمة الإجرامية على استمرارها، وتشتهر بكونها تتحايل بشكل كبير على عمليات الحظر التى تعتمدها السلطات لأى منتجات مثل النفايات والورق.

وتعمل المنظمة على إصدار فواتير لعمليات وهمية ومزورة، من خلال الشركات التى تمتلكها وتقوم بتوليد تكاليف وهمية، تحصل من خلالها على أرباح ضخمة، وكشفت التحقيقات القضائية عن تنفيذ أعضاء المنظمة لحركات مالية شاذة تهدف إلى توجيه مبالغ مالية إلى حسابات مصرفية أو بريدية فى بلغاريا والمملكة المتحدة وبولندا وألمانيا وبلجيكا وليتوانيا، وهناك يتم سحبها نقدًا.

تلك العملية التى سميت بإعادة التدوير الضخمة للأموال جعلت على السلطات من الصعب تحديد الوجهة النهائية لها، إلا أن التحقيقات الفنية والمصرفية تأكدت من إعادة جزء كبير من رأس المال الذى يحتمل أن يكون مصدره غير مشروع، من خلال تحركات الأموال النقدية.

فى أوروبا

أما زعيم العصابة فرانشيسكو «ساندوكان، وفقا لصحيفة لوفيجارو الفرنسية، كان يعتبر واحدًا من أغنى وأقسى المجرمين فى أوروبا عندما تم القبض عليه فى عام 1998، وتم وضعه فى سجن شديد الحراسة، حيث شارك وعائلة كاساليسى فى تصفية حسابات وحشية بين المنظمات الإجرامية التى كانت تتقاتل من أجل السيطرة على منطقة «كاسال دى برينسيبى» فى الثمانينيات والتسعينيات وفى تهريب المخدرات.

وإثر محاكمة استثنائية سميت بمحاكمة»سبارتاكوس» لـ 36 فردًا من عشيرة كاساليسى، تم الحكم على فرانشيسكو بعدة أحكام بالسجن المؤبد بتهمة القتل، والتى كانت تعتبر ضربة قوية للمنظمة، التى عملت على توسيع سيطرتها تدريجيا على المنطقة بأكملها على حساب حرب خلفت 1000 قتيل فى 30 عاما.

ووفقا للتحقيقات حول القضية فإن قوة وأنشطة المنظمة الإجرامية كاساليسى، تتجاوز الحدود الإيطالية لتمتد إلى أوروبا الشرقية وتتعلق بتهريب المخدرات والأسلحة والدعارة والإبتزاز وكذلك تهريب المخدرات والنفايات السامة والأشغال العامة أو التوزيع على نطاق واسع، حيث تم سرد قسوة عائلة كاساليسى وسلطتهم الاقتصادية والسياسية فى كتاب اعتبر الأكثر مبيعا بعنوان «عمورة»، والذى تم تحويله فيما بعد إلى فيلم ومسلسل تلفزيونى.

ليس الأول

كان العديد من أفراد عائلة فرانشيسكو شيافونى، قد قرروا فى الماضى التعاون مع العدالة بأن يصبحوا تائبين، حيث بدأ ابن عمه، كارمين شيافونى، فى القيام بذلك فى التسعينيات، وكشف من بين أمور أخرى، كيف ألقت المافيا النفايات السامة فى الحقول والآبار والبحيرات فى المنطقة التى يشتبه فى أنها كانت في الأصل سببًا لزيادة حالات السرطان بين السكان المحليين.

وبدأ اثنان من أبناء المنظمة المسجونين، نيكولا ووالتر، التعاون مع النظام القضائى فى عامى 2018 و2021 على التوالى، وقد نقل فرانشيسكو شيافونى الملقب بـ «ساندوكان»  مؤخرًا من سجن فى شمال إيطاليا إلى سجن فى إيطاليا، وبحسب بعض وسائل الإعلام؛ فإن الشائعات المتعلقة بمرضه، والتى كانت تهدف إلى تفسير مغادرته إلى هذا السجن، لم تكن سوى خدعة لإخفاء عملية نقل مرتبطة بتعاونه مع النظام القضائى.

وتمارس المافيا الإيطالية العديد من العمليات الإجرامية فى البلاد، وهو الأمر الذى مكنهم من التسلل إلى الاقتصاد الإيطالى، والانتشار بين مديري الشركات ورؤساء البلديات وموظفى الخدمات وضباط رفيعى المستوى، سواء عن طريق الابتزاز أو التهديد أو الرشوة، وذلك من أجل تسهيل أعمالها فى تهريب المخدرات وتزوير المناقصات وحيازة الأسلحة.

وكانت أشهر قضية ضد المافيا الإيطالية، فى نوفمبر الماضى، والتى تعتبر أكبر ضربة ضد مافيا «ندرانجيتا»، والتى يقع مقرها فى كالابريا، وتنتشر فى 40 دولة، حيث حكم على أكثر من 200 شخص، بأحكام تصل إلى 30 عاما فى السجن، بعد محاكمة طويلة استمرت 3 سنوات، ومن بين 338 متهمًا أدين 207 وحكم عليهم، بينما تمت تبرئة 131.

150 طفلا

ومن أجل السيطرة على مستقبل المافيا ومنع توسعها، أعلنت إيطاليا توسعها فى برنامج منع الأطفال المعرضين للخطر من السير على خطى آبائهم من المافيا عن طريق إبعادهم عن عائلاتهم؛ ليشمل مناطق أخرى، ويهدف هذا البرنامج، إلى كسر الحلقة التى تنتقل فيها السلطة من جيل إلى جيل عبر روابط الدم.

ووصف المسؤولون خلال توقيع بروتوكول توسيع البرنامج، الذى نشأ فى البداية داخل شبه جزيرة كالابريا معقل أقوى منظمة إجرامية، إلى أنها لحظة تاريخية، حيث سيمتد إلى المعقلين الرئيسيين الآخرين للجريمة المنظمة فى البلاد وهما  صقلية، مقر كوزا نوسترا، وكامبانيا، وهى المنطقة التي عاصمتها نابولى، حيث تعمل كامورا.

ومنذ إطلاق البرنامج، تم وضع حوالى 150 طفلا لدى أسر أو مجتمعات حاضنة فى مواقع سرية فى جميع أنحاء إيطاليا، حيث يكتشفون الحياة خارج المافيا كيف تكون، ووصفت رئيسة لجنة مكافحة المافيا فى البرلمان الفرنسى، أن الأطفال داخل المافيا يتعلمون إطلاق النار فى سن الثامنة، وهناك حالات منهم تم إجبارهم على قتل أمهاتهم للدفاع عن شرف العائلة.

اقرأ  أيضا : ماكرون يقود حملة ضد عصابات المخدرات بفرنسا

;