فى أمريكا .. ٢٣ مليار دولار أرباح بيزنس الإتجار فى أرواح المراهقين المدمنين

خريطة توضح ضحايا حوادث دور اصلاح المراهقين
خريطة توضح ضحايا حوادث دور اصلاح المراهقين

دينا‭ ‬جلال‭ ‬

  مشهد أمريكي حالم يعد بتوفير الحلول الآمنة للأزمات الشائعة التي تمر بها الأسر الأمريكية مع المراهقين، وعود مستمرة عبر إعلانات ملحة تمنح الحلول لكل مشكلات المراهقة بدءًا من اضطرابات الاكل وإدمان الألعاب الإلكترونية والانحرافات السلوكية؛ ليعتقد الآباء أن الامور ستصبح تحت السيطرة بتحقيق وعود يعتبرونها الملاذ الآمن لإصلاح أبنائهم بمقابل مادي يتخطى ميزانية الأسر المتوسطة.

تحولت قضية علاج وتأهيل المراهقين إلى صناعة وتجارة شديدة الربح في الولايات الأمريكية؛ حيث تصل أرباحها إلى 23 مليار دولار سنويا، ويتراوح عدد الاطفال من 120 إلى 200 الف طفل يبلغ ذويهم  عنهم وتسليمهم إلى دور الرعاية لتأهيلهم وتعديل سلوكهم ولكن تنكشف مساوئ تلك الدور بشكل واضح في الآونة الاخيرة ما بين اتهامات بتعذيب المراهقين وسوء معاملتهم ليصل الامر إلى مقتل عدد من الحالات مؤخرًا في سلسلة من الحوادث المنفصلة.

وعود وهمية

              احد‭ ‬الدور‭ ‬من‭ ‬الداخل

يبدأ الامر بإعلانات حول دور تأهيل المراهقين أو معسكرات تدريب خاصة تتسم بأيام مليئة بأنشطة رائعة تعيد للمراهقين أسلوب الحياة المتوازن مثل اليوجا والمشي لمسافات طويلة وجلسات مع أطباء نفسيين مدربين لعلاج حالات الإدمان والاكتئاب واضطرابات الأكل وتدني احترام الذات واغلب المشكلات السلوكية والإجهاد والصدمات والقلق واليأس، وبالفعل تنتشر مئات الدور الاجتماعية التي تختص بمهمة علاج المراهقين من امراض العصر إلا أن الموظفين السابقين انفسهم يعترفون أن تلك الوعود المتزنة تتحول إلى نظام وحشي محمل بالحرمان والعقاب يهدف إلى «تحطيمهم» وهو ما اكده ايضا الاطفال الناجون من تلك الدور التي يطلق عليها مؤخرًا «صناعة المراهقين المضطربين» التي تقدر بمليارات الدولارات حيث ترسم المواقع الإلكترونية اعلانات لامعة تدعو للعودة إلى الطبيعة عبر علاج مكثف تظهر نتائجه بالتدريج؛ حيث تستغرق فترة العلاج حوالي 90 يومًا تصل تكلفتها إلى حوالى 60 ألف دولار.

حوادث صادمة

يظهر الوجه الحقيقي لتلك الدور عبر فضيحة مدوية حطمت تلك الدعاية بعد وفاة أكثر من اثنى عشر طفلاً وتعرض الأطفال الناجون إلى صدمات نفسية من كم هائل من الانتهاكات تبدأ باستدعاء رجال دور الرعاية ليقيدوا الاطفال وجرهم من منازلهم لإيداعهم في تلك الدور بعنف ووحشية، وهو ما حدث مؤخرًا لطفل عمره 12 عامًا، تم اقتياده من قبل رجلين في 2 فبراير من منزله في نيويورك إلى مصحة تريلز كارولينا، التي تعد الآباء بتقديم «برامج صحة عقلية موثوقة» لأطفالهم، وانتهى الامر بوفاة الطفل بعد أيام؛ لتتحول الواقعة إلى أحدث دليل يفضح تلك التجارة بادعاء طرق العلاج المزيفة، وفي صباح اليوم التالي لوفاة الطفل ابلغ مسئولو الدار الشرطة لتسارع إلى موقع الحادث، فوجدوا الطفل مجردًا من اغلب ملابسه وجسده متيبس اثر الموت وإهمال حالته، وفقًا لمذكرة التفتيش الخاصة بالشرطة؛ حيث تعاملت الشرطة مع الوفاة على أنها مشبوهة، قال نائب مقاطعة ترانسيلفانيا، أندرو باترسون، إن الضباط عثروا على كدمات حول عين الصبي ورغوة في فمه مما قد يشير إلى تناوله نوع من السموم بجانب تعذيبه، أمرت إدارة الصحة والخدمات الإنسانية في ولاية كارولينا الشمالية جميع الأطفال بالخروج من المخيم وفرضت حظرًا على قبول اطفال جدد في أعقاب حالة الوفاة الأخيرة، وأمرت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية جميع الأطفال بالخروج من الدار مع استمرار التحقيق الجنائي.

                الضحية‭ ‬إيان‭ ‬أوجست

لم تكن تلك الواقعة الاولى عند فتح ملف دور رعاية المراهقين، فاستعاد الجميع على الفور قصة صبي آخر لقى مصرعه في تلك المخيمات وهو أليك لانسينج، 17 عامًا، وعثر عليه ميتًا في مجرى مائي قريب من المعسكر بعد اختفائه لمدة أسبوعين، ولم يكن أليك الحالة الثانية فقط في هذا الملف؛ حيث تكشف التقارير وفاة المراهق إيان أوجست، 14 عامًا، توفى بسبب ارتفاع الحرارة في مركز تأهيل بولاية يوتا أثناء نزهة في الصحراء في درجة حرارة 95 درجة، وبسبب تلك الواقعة تمت إدانة مالك المعسكر تشارلز لونج بالقتل غير العمد وحُكم عليه بالسجن ست سنوات فقط، وفي واقعة سابقة ايضا توفى دانييل هويرتا، 17 عامًا في فلوريدا حين صدمه أحد الموظفين بشاحنة أثناء مطاردته بسبب محاولة هروبه من المعسكر.

شهادة الناجين

القائمة طويلة من الضحايا، بجانب حالات الوفاة التي تصل إلى مالا يقل عن اثنى عشر طفلاً لقوا حتفهم منذ عام 2000 في دور الرعاية والمخيمات البرية الشهيرة لتأهيل المراهقين، فهناك الضحايا أو المراهقون الناجون من تلك الدور ومنهم المراهقة كيرا فرانكوفسكي،14 عاما، من ولاية يوتا، روت تجربتها لصحيفة «يو اس ايه توداى» لتؤكد أن والديها ابلغا عنها لإيداعها في دار تأهيل المراهقين، وفوجئت بشخصين غريبين يطرقان باب غرفتها في منتصف الليل ويقودانها إلى مركز التأهيل بعد تقييدها بعد تسجيلها في برامج المراهقين المضطربين وتشير إلى أن تفاصيل حياتها هى وزملائها كانت اشبه بالجحيم قائلة: كنا في أكثر حالاتنا ضعفًا وسوءًا، نحاول فقط البقاء على قيد الحياة؛ حيث نفترش الارض على البلاستيك في الطقس الشتوي المتجمد في يناير من اجل النوم في مخيمات برية، ونسير مسافة 10 كيلومترات مع ما يقرب من 50 كيلو على ظهورنا، ويسمحون لنا بحمام بارد كل اسبوعين فقط، كانوا يحاولون تحطيمنا حتى يتمكنوا من إعادة بنائنا، هذا ما يقولونه دائما، لا يخبروننا حتى بالوقت الذي قد تغادر فيه».

                 الناجية‭ ‬ميج‭ ‬ابليجيت

 حالة اخرى عرضتها مجلة نيوزويك وهي قصة كايلا موزكيز وميج ابليجيت، 17 عاما، اكدت انها استيقظت في منتصف الليل لتجد هاتفها اختفى ورجل وامرأة يقتادنها نحو سيارة، اعتقدت انه يتم خطفها إلى أن ادركت أن والديها ابلغا عنها بسبب تغيبها عن المدرسة والتدخين وأرسلاها من منزلها في نيويورك إلى معسكر برية في مونتانا وخضعت للمراقبة لمنعها من الانتحار وعانت من قسوة وسوء معاملة حتى خرجت ولا تزال تعاني من نوبات الهلع والفزع وصعوبة التعامل مع الآخرين، كما اشارت التقارير الى اقدم تلك الدور وهى مؤسسة تشالنجر في صحراء يوتا وأنشأها ضابط القوات الخاصة السابق ستيف كارتيسانو في الثمانينيات وفرض على الآباء مبلغ 16 ألف دولار لترويض أبنائهم المراهقين المضطربين من خلال ربطهم بالأشجار، وحرمانهم من حصصهم الغذائية وإجبارهم على حمل أكياس ضخمة اثناء الجرى في الصحراء.

اقرأ  أيضا : الداخلية تستهدف مصحات علاج الإدمان غير المرخصة

;