محاكمة تجار الموت.. تلاعبوا بمخلفات المستشفيات بغرض إعادة تدويرها

مخلفات المستشفيات
مخلفات المستشفيات

الشرقية‭ - ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق

  قد لا يتخيل البعض أن ما يخرج من المستشفيات ملوثًا بدماء ورائحة وآثار المرضى قد يكون محل طمع، بل أن الغالبية العظمى قد يذهب خيالها إلى أن المجرمين مكانهم بعيد عن مثل هذه الأشياء الخطيرة والمميتة فلا يربطهم بها رابط؛ بيد أن ما جرى وشهدت عليه المساحة الشاسعة الموجودة في نهاية قرية بُردين التابعة لنطاق مركز شرطة الزقازيق في محافظة الشرقية أمرًا فاق حدود الوصف وكسر جمود الخيال والتخيل؛ بعدما اتفق عُصبة من المسؤولين على الاستثمار في مخلفات المستشفيات من سرنجات ودرانق دم ملوثة بدماء المرضى ومخلفات طبية خطرة لعدد ليس بالقليل من المستشفيات في مدينة الزقازيق، ولكن كانت الأجهزة الأمنية بالمرصاد لهم، وأمام جهات التحقيق حاصرتهم الاتهامات، وكانت نهايتهم مع أحكام القضاء العادلة.

ما حدث تخطى حدود الجريمة لما يُمثله من خطر داهم يُهدد بإهلاك الحرث والنسل؛ فالمتعارف عليه أن القانون والإنسانية جمعاء والمختصين بين بنى البشر انتهوا إلى أن الأماكن الطبية على قدر دورها في إزالة المرض وأسباب علاته بصورةٍ أو بأخرى؛ فهي تُخرج مخلفات تُصنف بأنها عالية الخطورة حتى في التعامل معها، وهو ما أوجد خلال السنوات الأخيرة مصطلح «النفايات الطبية الخطرة»، إلا أن الطامعين وأهل الشر لا يمنعهم مانعًا عن غايتهم الدنيئة في التكسب من الإتجار في كل شيء حتى المرض ونفاياته الخطرة.

تقرير وبلاغ

عصر الثلاثاء 8 مارس قبل الماضي، ترأس الدكتور هشام شوقي مسعود، وكيل وزارة الصحة في محافظة الشرقية، حملة موسعة للمرور على مكان مخُصص لتجميع النفايات الطبية الخطرة في نطاق مركز ومدينة الزقازيق، وبالتحديد داخل قرية بُردين التابعة لنطاق مركز شرطة الزقازيق؛ وذلك عقب ورود تقارير تفيد بأن المكان وأرض الخلاء المعروفة هناك قد تحولت إلى ما يُشبه مصنع لإعادة تدوير مخلفات المستشفيات.

الحملة وقتها تمت بالتنسيق مع اللواء محمد والي، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الشرقية، ونبيل فاروق رئيس مركز ومدينة الزقازيق، بالاشتراك مع الدكتور مجدي الحصري، رئيس فرع جهاز شؤون البيئة بمحافظتي الشرقية والإسماعيلية، والعقيد محمود مرسي مأمور مركز شرطة الزقازيق، ومدير إدارة العلاج الحر، ومسؤولة وحدة التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة في مديرية الشؤون الصحية بالشرقية، بمشاركة رئيس الوحدة المحلية في كلٍ من العصلوجي وبُردين.

أسفرت الحملة عن ضبط كميات هائلة من النفايات الطبية الخطرة داخل مخزن كبير لتدوير القمامة في قرية بُردين؛ إذ تبين أنه بعد مداهمة المكان تمكن أكثر من 20 عاملا بالفرار من المكان، فيما اتخذت الجهات المختصة المشاركة في الحملة كافة الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة للحفاظ على صحة المواطنين؛ حيث تم استدعاء أفراد الشرطة وإجراء الحصر المبدئي للنفايات الطبية الخطرة، التي قُدرت وقتذاك بأكثر من 150 طن نفايات طبية خطرة، بجانب 100 طن نفايات صلبة.

رجال الشرطة تمكنوا من إلقاء القبض على أحد المتواجدين في المكان وقت الحملة، والذي ادعى أنه صاحب المكان «محل الواقعة» ليتم تسليمه إلى مركز الشرطة واستكمال باقي الإجراءات القانونية، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 8160 جنح مركز شرطة الزقازيق لسنة 2022.

التخلص منها

بعد نحو 72 ساعة من الحملة، وبالتحديد عصر الجمعة 11 مارس 2022، أعلن الدكتور هشام شوقي مسعود، وكيل وزارة الصحة في محافظة الشرقية، إشرافه بنفسه على لجنة فرز وتصنيف الكميات المضبوطة من النفايات الطبية الخطرة في مخزن بُردين، من خلال عمل اللجنة المُشكلة من مديرية الشؤون الصحية بالشرقية وجهاز شؤون البيئة والوحدة المحلية في بُردين، بالتنسيق مع مركز شرطة الزقازيق، وذلك تنفيذًا لقرار النيابة العامة واستكمالًا للتحقيقات التي أُجريت لفحص وفرز وتصنيف الكميات المضبوطة من النفايات الطبية الخطرة الكائنة في مخزن لتدوير القمامة في قرية بُردين التابعة لمركز الزقازيق.

أعمال لجنة الفرز بينت أن الكميات الهائلة والأصناف العديدة من النفايات الطبية الخطرة التي جرى ضبطها تنوعت ما بين: «أكياس دم - أكياس بلازما - فلاتر للكُلى - سرنجات - محاليل مُستعملة - جاونات طبية - جاونات خاصة بالعمليات - جار لتجميع سوائل الجسم - قطن - شاش - درانق ملوثة بالدم - أدوية ومستلزمات وزجاجات طبية مستعملة - نفايات خاصة بأقسام العزل ومرضى فيروس كورونا COVID 19»، فيما تبين وجود آثار حريق في جزء كبير من النفايات الطبية والصلبة التي تم ضبطها، قبل أن تأمر النيابة العامة بالتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة المضبوطة.

سنة واحدة وسبعة أشهر وخمسة عشر يومًا فصلت بين أعمال الفرز والتصنيف مرورًا بسير التحقيقات وصولًا إلى تنفيذ قرار النيابة العام يوم الثلاثاء 26 أكتوبر من العام المنصرم بالتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة التي جرى ضبطها في مخزن التدوير بقرية بُردين.

الدكتور هشام شوقي مسعود، وكيل وزارة الصحة في محافظة الشرقية، حرص بنفسه على التواجد ومتابعة أعمال اللجنة المُكلفة من قِبل النيابة العامة للتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة التي تم ضبطها داخل مخزن كبير لتدوير القمامة في قرية بُردين.

أعمال التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة المضبوطة شهدت سير العمل وحركة سيارات ونقل آمن للنفايات الطبية الخطرة، وكذلك نقل النفايات العادية الصلبة بالمخزن، وذلك في حضور أعضاء اللجنة المُشكلة من مدير إدارة العلاج الحر في مديرية الشؤون الصحية بالشرقية ومديرة وحدة التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة، وإدارة مكافحة العدوى، وإدارة الصيدلة، ومدير وحدة التدخل السريع بالمحافظة، وممثلي فرع جهاز شؤون البيئة ومركز شرطة الزقازيق، وفرع هيئة الإسعاف، ورئيس الوحدة المحلية في بُردين، وذلك بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد مؤجر الأرض والمخالفين، فيما استمر عمل اللجنة نحو خمسة أيام حتى الانتهاء من أعمال التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة المضبوطة.

العقاب

القضية ضمت قائمة المتهمين فيها كل من: «عادل خ ط» فني تشغيل محرقة مستشفيات جامعة الزقازيق، و«صلاح م م خ» مسؤول نفايات خطرة بمستشفى التيسير، و«أم هاشم ال م ص» مسؤولة نفايات خطرة بمستشفى المدينة، و«حسام ع أ م» مسؤول نفايات خطرة بمستشفى الجاويش، و«نافع م ع ن» مسؤول نفايات خطرة بمركز المهد لطب الأطفال، و«مصطفى إ ك» مسؤول البيئة بجامعة الزقازيق، و«محمد ج م خ»، و«سعيد إ ف ب» مسؤول نفايات خطرة بالشركة العربية لأعمال النقل والتوزيع، و«محمد أ ش س م»، حيث قررت النيابة العامة إحالة المتهمين التسعة إلى المحاكمة الجنائية في محكمة جنايات الزقازيق؛ على خلفية اتهامهم بالاشتراك في حيازة وجلب وإعادة تدوير كميات كبيرة من النفايات الطبية الخطرة التي جرى ضبطها داخل مخزن لتدوير القمامة ملك أحد المتهمين (المتهم التاسع) في قرية بُردين التابعة لنطاق مركز شرطة الزقازيق.

تداولت محكمة جنايات الزقازيق جلسات القضية التي حملت رقم 8160 جنايات مركز شرطة الزقازيق لسنة 2022، قبل أن تُسدل الستار وتقضي بأحكامها بحق المتهمين منذ أيام قليلية مضت.

المحكمة برئاسة المستشار شريف محمد سراج الدين، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين محمد سامي بده، ومايكل نعيم ميخائيل، وسكرتارية حسن عبد المجيد وأحمد نصر، قضتبالمؤبد على المتهم"م أ ش س" صاحب قطعه الأرض، وعلى المتهم"س ا ف" بالمؤبد أيضا وهو مورد النفايات لمخزن الضبط، وعلى المتهم "ع خ ط" بالمؤبد والعزل من وظيفته حيث كان موظفا بمستشفيات جامعة الزقازيق، وبالحبس 3 سنوات وغرامة 200 الف جنيه على المتهم "ص م م" مسؤل النفايات بأحد المستشفيات الخاصة، وبالحبس 3 سنوات وغرامة 200 الف جنيه على المتهم "م ص"مسؤول النفايات بأحد المستشفيات، وعلى المتهم "ح ع ا" مسؤول النفايات بأحد المستشفيات بالحبس 3سنوات وغرامة 200 الف جنيه، وعلى المتهم "ن م ع"مسؤول النفايات بأحد مراكز طب الأطفال بالحبس 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، وبراءة المتهمين السادس والسابع.

اقرأ  أيضا : وزيرة البيئة: منظومة إلكترونية للمخلفات الطبية لمنع انتشار الأوبئة

;