بعد واقعة فتاة الشروق .. فحص السجل الأمنى والنفسى لمن يقدمون الخدمة العامة

حبيبة الشماع
حبيبة الشماع

شريف‭ ‬عبد‭ ‬الله

 بعد النهاية المأساوية التى تعرضت لها حبيبة الشماع الشهيرة بفتاة الشروق عقب سقوطها من داخل السيارة خوفًا من محاولة خطف وتحرش من قبل قائد السيارة، مثلما اشارت قبل وفاتها؛ لتكشف الأجهزة الامنية أن السائق لديه سجل اجرامى إلى جانب تعاطيه مخدر الحشيش، وهو ما أثبته تقرير الطب الشرعي وفقًا لتحليل عينتي الدم والبول الخاصين به، الأمر الذى يطرح معه علامات الاستفهام والتساؤلات بشأن معايير الأمان الخاصة باختيار التوظيف الذي يتم لإختيار بعض المهن من موظفى الخدمة العامة القريبة من التعامل مع الجمهور والتى تتطلب فحص السجل الامنى والنفسي وهو ما نجيب عنه فى التحقيق التالى.

واقعة سائق اوبر التى اثارت الرأى العام، وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، والتى كانت سببًا فى النهاية المأساوية لحبيبة الشماع فتاة الشروع التى توفيت داخل المستشفى بعد 21 يومًا من وقوع الحادث بمحاولة خطفها وأحالته النيابة العامة إلى محكمة الجنايات التي تتواصل محاكمته بداية من هذا الشهر لم تكن الاولى ولن تكون الأخيرة.

واقعة مماثلة؛ تلك المرة الضحية طالبة بإحدى الجامعات الخاصة استقلت سيارة لدى إحدى شركات التوصيل في طريقها من الجامعة إلى المنزل بشكل مفاجئ ارتابت الفتاة في تصرفات السائق وسرعان ما تأكدت شكوكها لدى محاولة قائد السيارة التحرش بها، فما كان منها إلا أنها أطلقت صرخات استغاثة ودافعت عن نفسها فاضطر السائق لإنزالها وغادرت الفتاة إلى منزلها. استعانت بزميلها الذي نصب فخًا للسائق وحصل بحيلة على رقم هاتفه من الشركة ليستدرجه إلى كمين وأحكم خطته واستدعى مزيدًا من الأصدقاء في انتظار السائق الذي فوجئ بهم يمسكون به، واصطحبوه إلى ديوان قسم شرطة أكتوبر بمديرية أمن الجيزة لينفي اتهامات الفتاة بالتحرش وتحرر محضر بالواقعة. وحجز السائق المشكو في حقه وعرضه على النيابة العامة التى تباشر التحقيق.

هذا الحادث الذى يصدر من سائق يتعامل مع الجمهور والإهمال في التوظيف بسبب عدم فحص سجل قيادة السائق بشكل صحيح ويتطلب حسن الاخلاق لم يكن الاخير فقد سبقه حالات مشابهة مثلا عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمشادة بين قائد قطار ومجموعة من الركاب داخل قطار منوف ويظهر الفيديو مشادة بين سيدة قامت بتصوير الفيديو ومعها عدد من الركاب مع قائد القطار ومساعديه، والقصة كما أوضح الفيديو أن الكمسري تعدى بالضرب على راكب أمام ابنته بعدما عجز الراكب عن دفع غرامة محطة إضافية، وقالت مصورة الفيديو إنها تعمل محامية وأن الركاب حاولوا حماية الراكب ودفع الغرامة بدلا منه رحمة بابنته التي ظلت تبكي إلا أنه رفض تحصيل الغرامة من الركاب وصمم على دفع المواطن لنفسه أو تحرير محضر ضده، واصدرت هيئة السكك الحديدية وقتها بيانًا حول واقعة قطار منوف تؤكد الهيئة؛ أنه تم إيقاف كمسري القطار عن العمل وتحويله للتحقيق الفوري وأن المخطئ سينال عقوبة مغلظة فلا تهاون في حق أي راكب خاصة أن لوائح السكة الحديد وتوجيهات وزير النقل ترتكز على حسن معاملة الركاب وأن يكون التعامل في كل المواقف وفقًا للقانون وفي إطار الاحترام التام للراكب.

تحرك برلمانى

مثل هذه النوعية من الحوادث دفعت إلى تحرك برلمانى ضد شركات الأجرة فى مصر؛ حيث تقدمت النائبة البرلمانية أمل سلامة بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس الوزراء بشأن تشديد الإجراءات والقواعد اللازمة لتشغيل السائقين في تطبيقات وسائل النقل الذكي العاملة في مصر، وأكدت النائبة أن وسائل النقل الذكي لم تعد آمنة بعد تكرار الاتهامات بالتحرش ومحاولة الاختطاف مشيرة إلى أن تلك الشركات تسمح بتشغيل من لديهم أحكام جنائية ويتعاطون المواد المخدرة.

القانون واختيار الموظف

التعيين في الوظائف التي تتطلب تعاملا مباشرا مع الجمهور لابد فيها من التدقيق في اختيار الشخص الذي سيمثل المؤسسة التي سيكون احد افرادها ولحسن التعامل مع الجمهور وترسيخ عامل الامان في التعامل مع هذا الموظف، وهو ما اكده ايمن محفوظ المحامي بالنقض وأوضح؛ أن هناك شروطا عديدة وضعها قانون الخدمة المدنية لشغل الوظائف الحكومية وغير الحكومية، منها الكفاءه البدنية والفنية لشغل الوظيفة، ولكن الاهم هو اللياقة الاخلاقية فاشترط القانون في الموظف الحكومي أن  يكون محمود السيرة حسن السمعة وألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره. 

واضاف محفوظ؛ أن السجل الامني وانعدام التاريخ الإجرامي للمتقدم للوظيفة وحسن السير هما شرط رئيسي لشغل الوظيفة. والرقابة اللاحقة على سلوك الموظف أمر تفرضه المادة 15 من قانون الخدمة المدنية؛ باشتراط أن يوضع المعين لأول مرة تحت الاختبار لمدة 6 أشهر من تاريخ تسلمه العمل تتقرر خلالها مدى صلاحيته للعمل فإذا ثبت عدم صلاحيته أُنهيت خدمته دون حاجة لأي إجراء آخر.

واستطرد أيمن محفوظ قائلا؛ وفي حالة أن ارتكب الموظف الحكومي أو غير الحكومي جريمة أو ضرر للغير تكون الجهة التي يعمل بها الموظف مسئولة عن افعال هذا الموظف لانها اساءت اختيار الموظف واهملت في دور الرقابة المستمرة على سلوك الموظف لديها او حتى لمجرد انتماء الموظف لجهة عمله فتكون مسئولة عن افعاله طبقا لما تنص عليه المادة 174 من التقنين المدني المصري؛ حيث يكون المتبوع مسئولًا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعًا منه حال تأدية وظيفته أو بسببها وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حرًا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه.

تعويض

وتابع محفوظ؛ بأننا هنا نجد أن المشرع بنى  حكم المادة 174 من القانون المدني على ما يجب أن يتحمله المتبوع نتيجة سوء اختياره لتابعه؛ حيث عهد اليه بالعمل لديه ثم تقصيره في مراقبته وتوجيهه عند قيامه بأعمال وظيفته التي أوكلها اليه وهنا يكفي تحقق الرقابة من الناحية الإدارية حتى لو كانت موزعة بين اكثر من شخص على موظف واحد يؤدي عملا مشتركًا وهو ما اكدته المادة  175 مدني؛ للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولا عن تعويض الضرر عن أعمال تابعة غير المشروعة. وذلك وفق المبدا العام المنصوص عليه في المادة 163 مدني بأن كل خطأ سبب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض؛ فإن جهة العمل تكون مسئولة عن أخطاء موظفيها بناء على علاقة التابع والمتبوع في القانون المدني.

وأضاف محفوظ؛ أي ضرر للغير من الموظف يكون ملتزم بالتضامن مع جهة عمله في تعويض الضرر الناتج طالما أن هذا الضرر كان بسبب وأثناء عمل الموظف بجهة عمله ويستوي أن يكون الموظف يعمل في وظيفة حكومية أو في وظيفة قطاع خاص.

اختبارات نفسية

الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسي يرى؛ أن هناك معطيات مطلوبة للوظيفة منها سرعة البديهة او سرعة اتخاذ القرار وصاحب العمل هو الذى يحدد العوامل المطلوبة لنوعية الوظيفة مثلا سائق اوبر لابد أن يكون شخص محترم لا يتعاطى المخدرات عنده هدوء واتزان فى معاملة الركاب كل هذه العوامل توضع فى صورة اسئلة يجيب عنها المرشح لشغل الوظيفة وبالتالى هذا الاختبار الذى يتم لشغل الوظيفة هو اختبار يكشف عن وجود شخص لائق وشخص غير لائق لهذه الوظيفة وبالتالى هذا الاختبار طبقا للمعايير المطلوبة سواء سائق أو وزير او غفير او كاتب سجل مدنى أو غيره من الوظائف ويتم عمل الاختبار وعمل تقييم ويعرض على صاحب القرار فى التعيين.

وأضاف فرويز؛ البعض يضع هذا الاختبار النفسي عنصرا اساسيا للوظيفة لتولى الوظيفة وآخرون لا يأخذون به، وعن وجود الاختبارات النفسية فى مصر لشغل الوظيفة أكد انها موجودة من 26 عامًا، وتعاملت مع كثير من الموظفين واختبرتهم نفسيا مثل سائقى الاتوبيسات، والمرور وأيضا شركات غرب وشرق الدلتا، ومنذ شهرين احدى شركات البترول طلبت إجراء اختبارات لموظفيها لرفع المستوى النفسي والمعنوى، واوضح فرويز أن هناك شركات تشترط الفحص النفسى قبل استلام الوظيفة ولابد من تطبيقها على كل الوظائف أو غيرها لابد من خضوع الجميع للاختبار النفسي، الموظف أو عامل فى مطعم او سائق سيارة او لاعب كرة لان الناحية النفسية مهمة فى كل مناحى الحياة للنجاح وتنعكس على سلوكياته فى محيط العمل.

اقرأ  أيضا : المشدد 15 سنة لـ «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع


 

;