35 عامًا على استرداد طابا وطرد وإذلال الصهاينة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تمر اليوم 19 مارس الذكرى 35 على رفع علم مصر والاحتفال باسترداد طابا وعودتها للسيادة المصرية

◄ بكاء الجبناء

ويبقى مشهد بكاء الإسرائيليين خلال خروجهم من طابا ورفع العلم المصري عقب سنوات من انتصار أكتوبر من أهم المشاهد المحفورة في وجدان وعقول من شاهدهم من المصريين والعرب والمسلمين ، وفيها مشاهد تصور انهيار الإسرائيلين علي أرض سيناء المصرية. 

◄ رحلة استرداد طابا

في 29 سبتمبر 1988، تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر مؤكداً أن طابا مصرية، وفي 19 مارس 1989 كان الاحتفال التاريخي برفع علم مصر معلناً السيادة على طابا وإثبات حق مصر في أرضها.

طابا هي مدينة مصرية تتبع محافظة جنوب سيناء وتقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى. يبلغ تعداد سكان المدينة 3000 نسمة، وتبلغ مساحتها 508.8 فدان تقريباً، وتبعد عن مدينة شرم الشيخ نحو 240 كم شمالاً. تمثل المدينة قيمة تاريخية واستراتيجية كبيرة لموقعها المتميز الذي يشرف على حدود 4 دول هي مصر، السعودية، الأردن، فلسطين، حيث تبعد عن ميناء إيلات الإسرائيلي نحو 7 كم شرقاً، وتقع في مواجهة الحدود السعودية في اتجاه مباشر لقاعدة تبوك العسكرية، وتعد آخر النقاط العمرانية المصرية على خليج العقبة في مقابلة الميناء البحري الوحيد للأردن وهو ميناء العقبة.

◄ اقرأ أيضًا | المعركة الدبلوماسية.. واستعادة طابا

◄ "معركة العصر" 

هكذا وصف المؤرخ المصري الراحل يونان لبيب رزق المعركة المثيرة التي خاضتها مصر لاسترداد منطقة طابا في شبه جزيرة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم أن هذه المنطقة الواقعة على رأس خليج العقبة لا تتجاوز مساحتها كيلومترا مربعا واحدا، فقد اقتحمت أبواب التاريخ وشغلت مكانا بارزا في سجل الصراع المصري الإسرائيلي، وكانت موضع صراع قانوني ودبلوماسي استمر عدة سنوات وانتهى بالتحكيم الدولي لصالح القاهرة.
  
وأظهرت المعركة -التي انتهت في 19 مارس 1989 برفع العلم المصري على أرض طابا- أهمية الوثائق التاريخية والقانونية والجغرافية، وأن كلمة كتبت هنا أو صورة التقطت هناك أو خريطة أرفقت في كتاب أو حتى ختم بريدي، يمكن أن يمثل دليلا قويا لإعادة الحقوق لأصحابها.

◄ مماطلة المعتدي:

وتعود قصة الأزمة إلى أواخر عام 1981 ومع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء والمقرر له في 25 أبريل 1982 وفق اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين عام 1979 أو ما تعرف إعلاميا باسم كامب ديفيد، بدأت تظهر المماطلات الإسرائيلية المعتادة، وظهر واضحا أن الاحتلال يسعى لالتهام بعض المناطق المصرية ومنها منطقة طابا.. ولكن ما ضاع حق ورائه مطالب .

◄ مرحلة الحكم

قبل صدور الحكم رسخ لدى الهيئة انطباع حقيقي عن أوضاع نقاط الحدود بقوة الدفاع ووجهة النظر المصرية، وضعف حجة وجهة النظر الإسرائيلية.

وفي 29 سبتمبر عام 1988 أصدرت هيئة التحكيم التي عُقدت في جنيف بالإجماع حكمها التاريخي لصالح مصر، وقضت أن طابا مصرية، وبعد صدور الحكم اختلقت إسرائيل أزمة جديدة في التنفيذ، وأعلنت أن مصر حصلت على حكم لمصلحتها، ولكن التنفيذ لن يتم إلا برضا إسرائيل، وبناء على شروطها، ولكن الدولة المصرية بشعبها وجيشها رفضت كل العروض والمناورات الإسرائيلية.

وتم حسم الموقف عن طريق اتفاق روما التنفيذي في 29 نوفمبر 1988 بحضور الولايات المتحدة، حيث انتهى بحل المسائل المعلقة والاتفاق على حلها نهائيا من خلال ثلاث اتفاقيات، كالتالي:

أولا: اتفاقية تختص بالنشاط السياحي، وذلك بتعويض إسرائيل بمبلغ 37 مليون دولار وبأسعار ذلك الوقت تدفعه مصر مقابل تسليمها المنشآت السياحية في فندق "سونستا طابا" والقرى السياحية، وذلك على غرار ما حدث في كل من: دهب ونويبع وشرم الشيخ من قبل .

ثانيا: كان الاتفاق الثاني يختص بتحديد موعد الانسحاب الإسرائيلي النهائي من طابا وتوصيل خط الحدود إلى شاطئ الخليج ( النقطة 91) وتحدد 15 مارس 1989.

ثالثا: الاتفاق الثالث فقد كان يتعلق بنظام مرور الإسرائيليين إلي ومن طابا إلي جنوب سيناء، فقد اتفقت الأطراف علي السماح للسياح الإسرائيليين بالدخول لطابا وفي حالة دخول السيارات يتعين أن يلصق علي السيارة كارت خاص، كذلك يسمح بالدخول والخروج من طابا إلي إيلات في زيارات متعددة خلال 14 يوما، وأن يحمل كل سائح جواز السفر الخاص به وأن يقوم بملأ بطاقة بيانات تختم بمعرفة السلطات المصرية في طابا وتكون صالحة لمدة 14 يوما.

◄ أهمية الوثائق و الأختام :

"ليس بالقانون وحده يتم كسب القضايا الحدودية"، نصيحة مهمة قدمها المحامون في الفريق المصري إلى زملائهم من الخبراء في اجتماعهم الأول، مؤكدين أن نجاحهم مرهون بما يقدمه هؤلاء الخبراء من أدلة مادية.

وفي ظل هذه الحقيقة عكف الفريق المصري على تعقب كل وثيقة تتصل بالقضية والبحث عن أي معلومة أو كلمة تثبت حق مصر في أرضها وتفند الادعاءات الإسرائيلية، وهو ما يصفه المؤرخ يونان لبيب رزق في كتابه "طابا قضية العصر" بأنه أطول ماراثون وثائقي في تاريخ القضايا الحدودية.

وتنوعت الأدلة التي قدمها الفريق المصري للمحكمة وشملت الوثائقَ التاريخية -التي احتلت مكان الصدارة- والخرائط والمجسمات الطبيعية والإحداثيات الشبكية وكتابات المعاصرين والزيارات الميدانية إلى مناطق الخلاف وبقايا أعمدة الحدود، فضلا عن شهادات الشهود.

ويشير رزق إلى أن الفريق المصري استعان بنحو 29 خريطة في مذكرته الأولى المقدمة في مايو عام 1987، لإثبات نقاطها الحدودية وتبعية طابا للسيادة المصرية، مقابل 6 خرائط فقط قدمتها إسرائيل لدعم حقها المزعوم.

وشملت الخرائط التي قدمتها القاهرة خرائط مصرية (6 خرائط) وبريطانية (4 خرائط) وفلسطينية (4 خرائط) وإسرائيلية (10 خرائط دفعة واحدة)، بجانب مجموعة متنوعة من الخرائط كان من بينها خريطة لعصبة الأمم، وخريطة للخارجية الأميركية، وخرائط أخرى من الأمم المتحدة.