تقرير خطير: 30 مليار يورو سنويًا ينفقها الأوروبيون فى سوق المخدرات

الأوروبيون والمخدرات
الأوروبيون والمخدرات

مى‭ ‬السيد

 كشف تقرير جديد عن «تحليل أسواق المخدرات فى الاتحاد الأوروبى 2024» عن الروابط بين تجارة المخدرات غير المشروعة ومجالات الجريمة الأخرى فى الاتحاد الأوروبى، مثل الإتجار بالأسلحة النارية؛ حيث تتطلب شبكات الإتجار بالمخدرات مجموعة من الأدوات والقدرات لتسهيل أنشطتها، ويلعب المكتب الأوروبى لمكافحة المخدرات والجريمة، واليوروبول دورًا مركزيًا، ويدعمان الدول الأعضاء ويتعاونان مع بلدان ثالثة لتعزيز استعداد أوروبا واستجابتها لتدفقات المخدرات غير المشروعة.

ويفرض العنف الشديد المرتبط بالمخدرات، بحسب التقرير، ضغوطًا على المجتمعات المحلية والمجتمع المدنى، كما يعمل الفساد على تسهيل الإتجار بالمخدرات وتقويض سيادة القانون، كما قدم التقرير ملخصًا استراتيجيًا وعالى المستوى لسوق الأدوية فى الاتحاد الأوروبى، استنادًا إلى فهم قوى لمشهد المخدرات الحالى والتهديدات الناشئة، كما قدم لمحة عامة عن التطورات الرئيسية المتعلقة بالمخدرات ويحدد الإجراءات اللازمة لمواجهة التهديدات الحالية وزيادة الاستعداد.

سوق متعدد الأوجه

وتقدر قيمة سوق المخدرات بالتجزئة فى الاتحاد الأوروبى بأكثر من 30 مليار يورو سنويا، مما يجعلها مصدرًا رئيسيًا للدخل للجريمة المنظمة، وتحتل أوروبا موقعًا مركزيًا فى مجال توريد المخدرات والإتجار بها، كما يتضح من الإنتاج الضخم للقنب والمخدرات الاصطناعية داخل الاتحاد الأوروبى والكميات الضخمة من الكوكايين التى تصل من أمريكا اللاتينية.

ويتقاطع سوق المخدرات فى الاتحاد الأوروبى أيضا مع مجالات الجريمة الأخرى، مثل الإتجار بالأسلحة النارية وغسل الأموال، وتشهد بعض الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى حاليا مستويات غير مسبوقة من العنف المرتبط بسوق المخدرات، بما فى ذلك القتل والتعذيب والاختطاف والترهيب، ويحدث هذا غالبا بين الشبكات الإجرامية، على الرغم من أن الأبرياء هم أيضا ضحايا، مما يزيد من الشعور بانعدام الأمن العام.

ويشكل الفساد أيضا تهديدًا رئيسيًا فى الاتحاد الأوروبى، حيث تعتمد عليه الشبكات الإجرامية عبر جميع مستويات سوق المخدرات لتسهيل أنشطتها وتخفيف المخاطر، مما يعتبر مدمرًا لنسيج المجتمع، ويقوض الحكم والأمن وسيادة القانون، وكشف التقرير عن وجود قلق إضافى يتمثل فى حقيقة أن الشبكات الإجرامية العاملة فى سوق المخدرات فى الاتحاد الأوروبى تتمتع بقدرة عالية على التكيف والابتكار والقدرة على الصمود فى مواجهة الأزمات العالمية وعدم الاستقرار والتغيرات السياسية والاقتصادية الهامة. ومن أهم أمثلة على الصدمات التى لم تثن تجار المخدرات عن استمرار ترويج المخدرات، مثلا جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا، بجانب صعود طالبان إلى السلطة فى أفغانستان، حيث تكيفت تلك المنظمات مع كل الأمور الجديدة وغيرت طرق التهريب وتنوعت أساليبه.

معالجة التهديدات

ويسلط التقرير الجديد الضوء على مجالات العمل الرئيسية على مستوى الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء للاستجابة للتهديدات الحالية لسوق المخدرات غير المشروعة. وتشمل هذه التدابير تحسين رصد وتحليل العنف المرتبط بسوق المخدرات، وزيادة إعطاء الأولوية للأنشطة التنفيذية التى تفكك الشبكات الإجرامية، وتعزيز التعاون الدولى، وزيادة الموارد البشرية والمالية المخصصة للاستجابة التشغيلية واللستراتيجية وتعزيز استجابات السياسات والصحة العامة والسلامة، من بين أمور أخرى.

وقالت يلفا جوهانسون - مفوض الشؤون الداخلية فى اليوروبول- إن المخدرات تضر بصحتنا ومجتمعنا وتسبب الإدمان والجرعة الزائدة تؤدي الى الموت، والشبكات الإجرامية المنظمة التى تتاجر بالمخدرات تقوض المجتمع بالفساد والعنف، لافتة إلى أن أحد التهديدات الحاسمة لسوق المخدرات اليوم هى استغلال البنية التحتية اللوجستية الرئيسية، وخاصة الموانئ البحرية، واستجابة لذلك، أطلق الاتحاد الأوروبى تحالف الموانئ الأوروبية لحماية الموانئ من تهريب المخدرات والتسلل الإجرامى وتعزيز قدرتها على الصمود، وهذا مجرد مثال واحد على الإجراءات المتخذة بموجب خارطة طريق الاتحاد الأوروبى لمكافحة الإتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.

أما  كاثرين دى بول - المدير التنفيذى لليوروبول- فأكدت أن الشبكات الإجرامية تصيب جوهر  مجتمعاتنا، وتنسج نسيج ديمقراطيتنا واقتصادنا، فهى تؤدى إلى تآكل الثقة، وتغذى العنف، وتخلق دورات من الإدمان والفقر مشددة على أن هناك حاجة إلى استجابة يقظة وموحدة لحماية مواطنينا ومجتمعنا من التأثير المنتشر فى كل مكان لهذا العدو غير المرئى، لافتة إلى أنه باستخدام يوروبول، تستطيع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى تجميع الموارد، وتبادل المعلومات الاستخبارية الجنائية، وتنسيق الإجراءات لمعالجة التوزيع غير القانونى للمخدرات.

كما أكد ألكسيس جوسديل - مدير المركز الأوروبى لرصد المخدرات والإدمان- أن العنف والفساد، الذى شهدناه لفترة طويلة فى الدول الأكثر تقليدية فى إنتاج المخدرات، أصبح الآن يُرى على نحو متزايد داخل الاتحاد الأوروبى. يمكن أن يحدث العنف على جميع مستويات السوق. فهو منتج ثانوى وميسر لتجارة المخدرات ــ وهى التجارة التى يتم تأمينها غالبا من خلال الخوف والقوة. وقد يكون العنف المرتبط بالمخدرات مدفوعا بالجريمة المنظمة، والصراعات الشخصية للمتعاطين، والقضايا الاجتماعية والاقتصادية الأوسع. نحن الآن فى مرحلة حرجة. نحن بحاجة إلى نهج أوروبى شامل لمعالجة هذه المشكلة من خلال تعزيز مجتمعاتنا، وبناء القدرة على الصمود، ومنع تجنيد الشباب فى الجريمة، وتزويدهم ببدائل طويلة المدى.

اقرأ  أيضا : توقيف تاجر كبير للمخدرات في كولومبيا

;