المشاركون في المؤتمر الأول لجائزة الملتقى الكويتية: القصة عادت إلى الواجهة

‏أصدقاء جائزة الملتقى في احتفالها بالدورة السادسة برعاية جامعة الشرق الاوسط الأمريكية في الكويت.
‏أصدقاء جائزة الملتقى في احتفالها بالدورة السادسة برعاية جامعة الشرق الاوسط الأمريكية في الكويت.

أجمع المشاركون فى المؤتمر الأول لجائزة الملتقى للقصة القصيرة»، على أنها وُلدتْ كبيرة، حيث انطلقت فى الكويت عام 2015، بتخطيط ومبادرة من الأديب الكويتى طالب الرفاعى، وسرعان ما أخذت مكانتها الرفيعة بين كتَّاب فن القصة، وعلى امتداد أقطار الوطن العربى والعالم، وصار يُنظر إليها بوصفها الجائزة الأهم لذلك النوع الأدبى، وأنها مساهمة دولة الكويت، وجامعة الـشرق الأوسط الأمريكية الأوضح على ساحة الجوائز العربية، وأن الكويت أصبحت بيت القصة العربية، وأن الكاتب طالب الرفاعى، بهذا المعنى، هو عرَّاب القصة القصيرة العربية.

الجائزة أعادت الألق لفن القصة، وشجَّعت الكثير من الناشرين العرب على معاودة الاهتمام بنشر مجاميع قصصية للمشاركة فيها، خاصة وأنها تمنح كلاً من الناشر والكاتب حق الترشح للجائزة، حيث يحصل الفائز على مبلغ عشرين ألف دولار، إضافة لدرع وشهادة، بينما يحصل كتَّاب القائمة القصيرة على خمسة آلاف دولار ودرع وشهادة.

اقرأ أيضاً | «ما زال» بين الاستمرار والسكون

مؤسس ورئيس المجلس الاستشارى للجائزة الأديب طالب الرفاعى، فى كلمة صغيرة له حول الدورة السادسة للجائزة، قدم الشكر لجامعة الشرق الأوسط الأمريكية بالكويت، وعلى رأسها فهد العثمان، رئيس مجلس أمنائها، على رعاية الجائزة، مؤكداً أنها منذ لحظة انطلاقها شكَّلت مشروعاً إبداعياً ثقافياً لا يكتفى بتوزيع جائزة عابرة بل يسعى ومعه كتَّاب ونقَّاد القصة إلى تأسيس مشروع ثقافى عربى يتمحور حول ذلك الفن الرفيع، كما أعرب عن سعادته الكبيرة بفوز مستحق للكاتب سمير الفيل، وبالتالى «حصول مصر الغالية على مكانها الأجمل بين الفائزين بجائزة الملتقى».

تجربة شخصية
من جهتها تحدثت الكاتبة السورية الأردنية الدكتورة شهلا العجيلى لـ«أخبار الأدب» عن تجربتها فى رئاسة الجائزة للدورة السادسة، مؤكدة أنها لم تكن مهمة سهلة على الإطلاق، فالعمل على مائة وثمانٍ وتسعين مجموعة قصصية متنوعة الاتجاهات الفنية، فيها أسماء لكتاب كبار لهم تجربة طويلة فى عالم الكتابة القصصية، وآخرون شباب جدد متحمسون للاستفادة من معطيات عالم ما بعد الحداثة، احتاج للتفكير فى معايير وآلية عمل دقيقة.

وأضافت: «عملتْ لجنة التحكيم، وكلها من الأسماء الأكاديمية ذات الثقل المعرفى على تكريس جهدها، وقراءاتها، لتصنيف الأعمال، لنخرج إلى القائمتين الطويلة فالقصيرة، ومن ثم نعلن المجموعة الفائزة، وكما رأيتم كانت أصداء النتائج مبهرة». وتابعت: «أخذ منى العمل شخصياً سنة كاملة، وكان لا بد من المحافظة على حضور الجائزة بوصفها أرفع جائزة عربية للقصة القصيرة، وعلى صورتها النزيهة والمطمئنة لكل من كاتب القصة ومتلقيها، وتطويرها، وتفعيل صداها العالمى، وهى مسؤولية كبيرة. بالنسبة لى بوصفى ترأست لجنة التحكيم، أجد أن تجربتى فى كونى كاتبة قصة - وقد رُشِّحت فى الدورة الثانية عن مجموعتى «سرير بنت الملك» وحصلت عليها - منحتنى إمكانية رؤية الحيثيات من وجهة نظر المرشَّحين وناشريهم، كما أنَّ كونى أكاديميِّة، ولى تجربة طويلة فى تدريس السرد، بما فيه القصَّة القصيرة، مكَّننى من توظيف القاعدة المعرفيّة النقديَّة، والرؤية المؤطرة علميَّاً لفن الكتابة، وكذلك أعضاء اللجنة كافة: د. شعيب حليفى، د. فهد الحسين، د. سعداء دعاس، د. ميشيل هارتمان».

وأنهت تصريحاتها قائلة: «قدَّمت لى قراءة المجموعات، وقراءة القوائم مراراً، تعريفاً جديداً لمفهوم العلاقة بين الكاتب ونصِّه، وتصوُّراً لشغف هذا الكاتب بفنِّ القصَّة تحديداً، والحرص على المغامرة فيه أو الاستمرار فى التجربة لدى بعض الكتَّاب، وتنويعات وتقنيات جديدة تُضاف إلى معجم الأدوات الخاص بالكتابة، وبشكل عام أستطيع أن أقدّم الآن خريطة نقدية لتحولات القصة العربيَّة».

الأرفف العلوية
من جهتها قالت الكاتبة الكويتية باسمة العنزى فى تصريحات خاصة للجريدة إنها حريصة منذ انطلاق الجائزة على دعمها وحضور فعالياتها وأنشطتها المتنوعة، مبدية سعادتها بأن تكون عضو لجنة تحكيم فى الدورة الرابعة عام 2019. تعلق: «كانت تجربة ثرية أن تتعرف قاصة وقارئة شغوفة مثلى على إنتاج العالم العربى المتنوع من مشرقه إلى مغربه فى مجال القصة».

وتضيف: «حاولت الجائزة نفض الغبار عن القصة وتسليط الضوء عليها بعد أن توارت كثيراً عن أنظار دور النشر والقرَّاء وباتت كتبها فى الأرفف الخلفية من كل مكتبة، وكلها محاولات جادة تقف خلفها جهة ثقافية غير رسمية (الملتقى الثقافى) ومؤسسها الأديب طالب الرفاعى، بالإضافة إلى مؤسسة تعليمية لامعة تمولها وترعاها (جامعة الشرق الأوسط الأمريكية فى الكويت)، ورغم ذلك ما زلنا نتفقَّد حضور الفعاليات فنجد الغالبية من ضيوف الجائزة وبعض المهتمين من الوسط الثقافى مع غياب واضح للمثقف والأديب والأكاديمى الكويتى. المقاعد الخالية تبعث على الشعور بالأسى وكأنها قصة قصيرة عن وضع القصة ذاتها فى عالمنا العربى».

وتابعت: «سنوياً فى معرض الكتاب فى الكويت أحرص على تتبع نتاج الواصلين للقائمة القصيرة وفى أغلب الأحيان لا أوفَّق فى الحصول على كتبهم المرشحة للفوز. دور النشر العربية تشارك بالروايات وتنسى فى الصناديق تلك القصص التى عبرت المسافات لنتعرف نحن القرَّاء على كتَّابها ربما للمرة الأولى. الصفحات الثقافية والمنصات الثقافية أيضاً لا تحتفى ولا تحاول تعريف القارئ بآخر المجموعات القصصية التى تستحق التوقف عندها. رغم ذلك وبوجود الداعمين والمؤمنين بهذا الفن سيأتى يوم تصعد فيه المجموعات القصصية إلى الأرفف العلوية وتجد ما تستحقه من احتفاء وانتشار».

الفائز يتحدث
وحرصت «أخبار الأدب» أيضاً على محاورة بعض الأدباء المصريين المشاركين، ومنهم الكاتب الفائز بالجائزة سمير الفيل. قال إنه تخلى عن الشعر بعد أن بدأ به مشواره مع الكتابة، واتجه إلى القصة، وأنجز من خلالها 25 مجموعة. أتاح له فن القصة أن يتتبَّع ما وصفه بـ«إيقاع الشارع» وأن يجتهد ليفهم تحولات المجتمع، وأن يقدم صورة واقعية لمدينته التى يحترف أبناؤها العمل فى الأثاث «دمياط»، حيث ظهرت ورش الموبيليا فى «مكابدات الطفولة والصبا»، و«صندل أحمر»، وشده غموض البحر فكتب «هواء بحرى» حيث تدور غالبية قصصها فى مدينة «رأس البر»، كما كتب عدة مجموعات فى أدب الحرب على رأسها «شمال.. يمين» التى رصدت أسرار الجنود فى المخابئ، علق قائلاً: «اهتممت فى كل قصصى بالبشر ولم يجذبنى الحجر»، وأضاف بلهجة أسى: «فى السنوات الخمس الأخيرة صارعت الزمن قبل أن يطوينى الموت فتناولت التحولات العميقة فى الواقع المصرى، ومنها ظواهر كالعنف والبلطجة داخل الأحياء الشعبية وقمع المرأة وهو ما ظهر فى «جبل النرجس» و«حمام يطير». أما «دُمى حزينة» التى حصلت على جائزة الملتقى فيحاول أبطالها الخلاص من قبضة القهر». وأكد فى نهاية تصريحاته أنه يجب أن يستفيد من كتابات جيل الشباب، وأن يتلمَّس منها أفقاً جديداً للتجريب. موجهاً الشكر للكاتب طالب الرفاعى «الذى ضمن للجائزة أسباب النجاح وعلى رأسها عدم التدخل فى عمل لجان التحكيم». 

حدث مهم
الكاتب منتصر القفاش قال إن الجائزة حدث مهم ويكتسب حضوراً وتميزاً سنة بعد أخرى، وهى جائزة تساعد على زيادة اهتمام دور النشر بإصدار المجموعات القصصية، كما أن إقامة أول مؤتمر للقصة مع إعلان الجائزة فى دورتها السادسة شىء يضيف لها الكثير، فمؤتمر مخصص للقصة يساعد على مناقشة عديد من القضايا المهمة التى ترتبط بها، كقضايا النشر ودور المحرر الأدبى وعلاقتها بالصحافة، وقد أعجبتنى الجدية الشديدة التى اتسمت بها المناقشات وحرص الجميع على المشاركة بمداخلات وتعقيبات بشكل أثرى المؤتمر، ومن الجيد إعلان الأديب طالب الرفاعى طباعة كتيِّب بأوراق المؤتمر حتى تعم الفائدة على نطاق واسع.

أما الكاتب الصحفى سيد محمود فقال: «كانت هناك رغبة منذ تأسيس الجائزة وإعداد لائحتها - من خلال لجنة خاصة - فى تحقيق مبدأين، الأول هو إنصاف القصة بعد أن لاحظنا أن كل الجوائز موجهة للرواية، والثانى يتعلق بإظهار قدر من الشفافية حيث يتم إعلان أسماء لجنة التحكيم مع فتح باب التقدم، وبالتالى يكون لدى المتقدم إدراك بأن كل شىء يدور فى النور، كما أن الجائزة تحرص على عدم وجود محاصصة، وتحدث نوعاً من التوازن، بوجود خبرات أكاديمية وخبرات كتابية»، وأضاف: «الملاحظ أن الجائزة فى كل مرة تراهن على أسماء جديدة غير معروفة، لكن هذه الدورة اختارت أديباً لديه خبرة وقضى عمراً طويلاً فى الكتابة لأكثر من نصف قرن هو سمير الفيل».