روان سامي تكتب: أصوات رمضان عند المصريين

روان سامي
روان سامي

تهل علينا أيام شهر رمضان الكريم لنستعيد معها ذكرياتنا، وتنتشر نفحاته العطرة في كل مكان، وينتظره المصريون ليشعروا بالبهجة والسعادة، ويعود إليهم النشاط والطاقة من جديد. 

ونجد أن المصريين يتأثرون بالكثير من الأصوات العذبة والعظيمة التي يرتبط بها شهر رمضان، فمن منا لا يُحب أن يستمع إلى قرآن وآذان المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت، وابتهالات الشيخ النقشبندي الساحرة التي تأخذنا معها إلى عالم آخر، وتبث في قلوبنا الراحة والشجن. 

فالشيخ محمد رفعت بالرغم من فقده لبصره وهو في الثانية من عمره ألا أن الله أنار قلبه وبصيرته بنور الإيمان وحفظه للقرآن الكريم لتظل تلاوته  تشدو وتنتشر على مدار السنوات، وينجذب إليها كل من يسمعها، بل ويُرفع الأذان بصوته فتنشرح الصدور ونسمعه بمحبة وشغف. 

فكانت بدايته مع افتتاح الإذاعة المصرية عام ١٩٣٤م، و منذ هذا التاريخ، وأصبح صيته عالياً فأحبه الغني والفقير، وأحبه الملك فاروق وطلبه لتلاوة القرآن في عزاء والده الملك فؤاد، وأيضاً كان على علاقة طيبة مع أهل الفن ومنهم محمد عبد الوهاب ونجيب الريحاني الذين أُعجبوا كثيراً بصوته العذب، فهو ذات حنجرة ذهبية، فلم يسمعه أحد إلا وأحبه، وقد أنجذبت الإذاعات الأجنبية لصوته وبدأت في بث تسجيلاته للقرآن الكريم إلى العرب المسلمين المتواجدين في الدول المختلفة، وبالرغم من مرور أكثر من ستين عام على رحيله إلا أن روحه وصوته مازالوا يحيطون بنا. 


وننتقل في حديثنا إلى علامة أخرى يتميز بها شهر رمضان وهو صوت النقشبندي وابتهالاته العظيمة ومنها مرحباً رمضان، ومولاي أني ببابك اللتان تبثان الراحة النفسية داخل الروح والوجدان، وتنقلنا إلى حالة روحية عظيمة، ومازالت الإذاعة المصرية تبث صوته العذب والقوي عبر عشرات السنوات حتى نستمتع به، وكأننا نحلق في السماء بعيداً عن كل شئ، وننتقل إلى الأجواء الرمضانية التي تتميز بها مصر. 

وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات إلا أن هناك أشياء كثيرة مازالت تمثل ذكريات، وتربط المصريين بشهر رمضان كل عام دون إنقطاع، فتعلو أغنية رمضان جانا، وتلحق بها أغاني أخرى ومنها هاتوا الفوانيس يا ولاد، افرحوا يا بنات، مرحب شهر الصوم، والله بعودة يا رمضان، وغيرها من الأغاني الحديثة التي تملأ كل مكان، لنستعيد معهم البهجة والفرحة والاستعداد للشهر الفضيل، وتعلو الإبتسامة وجوهنا، ونعود كالأطفال ونستمع إليهم بشغف وحب لتلك الأغنيات، ومؤخراً نرى ارتفاع مُعدلات الاستماع لأغاني رمضان المتنوعة على موقع اليوتيوب، وهذا ما يدل على أهمية سماعها لدى المصريين. 

وخلال الآونة الاخيرة أصبح هناك ظاهرة أخرى وهي الإعلانات التليفزيونية التي ترتبط بشهر رمضان، وتتسم بالكلمات المبهجة والتي أحبها المصريين وارتبطوا بها وليس هذا وفقط بل يبحثون عنها أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي وبالاخص على اليوتيوب للإستماع إليها، وترديدها طوال الشهر. 


ومن هنا نجد أن مصر غنية بالأصوات والحناجر الذهبية التي أنعم الله بها علينا لكي تشدو وتمدح وتتحدث بكل ما هو جميل ورائع ويبث في النفس السعادة والفرحة، فهي أصوات ترسخت وتأصلت داخل نفوسنا. 


والآن ونحن على أعتاب الشهر الكريم عليكم أن تُعظموا شعائر الله مع الاستعداد الجيد  لثلاثين يوماً من الطاعة والعبادة والمودة والمحبة والراحة النفسية، فجهزوا عدتكم ودعاءكم وجددوا النية وتقربوا إلى الله بصالح الأعمال، واتركوا كل ألم وتعب وضغط وحزن، وحاولوا استعادة طاقتكم مرة أخرى، وعليكم البدء من جديد، مع حلول شهر رمضان المبارك.

روان سامي- باحثة بمعهد البحوث والدراسات العربية