أخطر منظمة إجرامية فى هولندا.. القضاء يصدر حكمًا بالسجن مدى الحياة ضد بارون المخدرات «رضوان تاغى»

زعيم العصابة متخفياً لدى وصوله للمحاكمة
زعيم العصابة متخفياً لدى وصوله للمحاكمة

مى‭ ‬السيد‭ ‬

أصدرت المحكمة العليا فى هولندا، حكمًا بالسجن مدى الحياة على رضوان تاغى العقل المدبر لعصابة المخدرات الملقبة بـ «موكرو مافيا» الأكثر رعبًا فى هولندا، بعد إدانته بسلسلة جرائم قتل ارتكبت بين عامى 2015 و2017، وذلك فى محاكمة واسعة النطاق، وهى المنظمة التى وصفتها النيابة الهولندية في مرافعتها بأنها آلة قتل حادة فى البلاد.

ويعتبر رضوان تاغى، 46 عاما، مغربى المولد، إلا أنه نشأ وتربى فى هولندا فى سن الثالثة، وبعد مسار دراسى متعثر، انضم فى شبابه إلى منظمات الجريمة، ومنها إلى زعامة الشبكة، التى تعود جذورها جزئيًا إلى دول البنلوكس (هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ)، والتى يطلق عليها عادة «موكرو مافيا»، بسبب الأصول المغربية للعديد من أعضائها، وأطلق تاغى ورفاقه على منظمتهم الإجرامية اسم «ملائكة الموت»، بعد سيطرتهم على جزء مهم من تجارة المخدرات من هولندا إلى أوروبا.

وبحسب صحيفة «جورنال لو مونتريال» الفرنسى، تعتبر تلك المنظمة واحدة من أكبر موزعى الكوكايين فى هولندا، حيث كان رضوان يسيطر فى وقت ما على ثلث تجارة الكوكايين الأوروبية، التى تعرضت لضربة كبيرة عام 2022 عندما نسقت الشرطة الأوروبية «يوروبول» عملية قبض واسعة، وكان فى يوم من الأيام المطلوب الأول فى هولندا، وتم القبض عليه فى دبى وتسليمه للمحاكمة فى عام 2019.

واعترضت السلطات الهولندية كوكايين بقيمة تبلغ 3.5 مليار يورو (3.8 مليار دولار)، وجميع الشحنات كانت في ميناء روتردام، المحور الأوروبى الكبير للشحن، حيث اعترف المسؤولون صراحة بأن كميات كبيرة من الكوكايين كانت تصل بشكل مستمر إلى البلاد دون أن يكتشفها أحد، فى تجارة ازدهرت خلال السنوات الأخيرة.

ولم يدل أى من المشتبه بهم بأى تصريح خلال المحاكمة التى تباطأت بسبب العديد من التقلبات والمنعطفات، ثم ألقى القبض على محامية تاغى، إينيز ويسكى، فى أبريل 2023 للاشتباه فى مساعدة موكلها على التواصل مع العالم الخارجى، كما استقال المحامون الجدد بحجة عدم منحهم الوقت الكافى للاستعداد، مما دفع زعيم العصابة للدفاع عن نفسه.

أحكام رادعة

وصدر الحكم بعد حوالى ست سنوات من بدء المحاكمة غير المسبوقة فى هولندا، التى جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، وتم تعبئة الجيش لتأمين المنطقة المحيطة بالمحكمة خلال جلسات الإستماع، وتوجه المدعون والقضاة، الذين لم يتم تحديد هويتهم، إلى هناك فى سيارات مصفحة، وقام ضباط إنفاذ القانون المدججون بالسلاح بدوريات فى المحكمة، المعروفة باسم «ذا بانكر»، فى ضواحى أمستردام.

ويتعلق حكم المحكمة على زعيم العصابة الهولندية بالجرائم المرتكبة بين عامى 2015 و2017، والتى استهدفت فى المقام الأول أفرادًا تشتبه العصابة فى أنهم أصبحوا مخبرين للشرطة، كما حُكم على ستة عشر مشتبها بهم آخرين بأحكام تتراوح بين السجن المؤبد وسنة وتسعة أشهر، وكان الرجال السبعة عشر يحاكمون بستة جرائم قتل وأربع محاولات قتل.

وخلال المحاكمة، هزت ثلاث جرائم مرتبطة بالقضية المجتمع الهولندى، وهى مقتل مراسل الجريمة الشهير بيتر آر. دى فريش، عام 2021، ثم المحامى ديرك فيرسوم فى عام 2019، ثم شقيق نبيل، وهو المشتبه به الذى تحول إلى شاهد لصالح السلطات فى عام 2018، حيث  تخضع عمليات الاغتيال الثلاثة لإجراءات قانونية منفصلة.

سيادة القانون

وبحسب النيابة الهولندية؛ فإن ملف القضية كان يتألف من 800 صفحة تتضمن الأدلة التى قدمها نبيل، والتى وصفها القاضى بأن الرسائل الموجودة فى الملف تكشف عن أن هناك عالمًا لا قيمة فيه لـ حياة الإنسان، لافتًا إلى أن زعيم العصابة قرر من تلقاء نفسه من سيقتل ومن سيعيش دون أن يستثنى أحدا، مشيرًا إلى أنه حتى بعد وضعه فى سجن شديد الحراسة، استمر فى قيادة عصابته من الداخل من خلال نقل رسائل إلى شركائه فى الخارج.

وعقب إعلانه للحكم بالسجن مدى الحياة على رضوان، أكد القاضى أن رضوان كان زعيما بلا منازع لمنظمة قاتلة ولجأ إلى العنف الشديد لتخويف معارضيه والسكان، لافتًا إلى أن المشتبه بهم كانوا مجبرين على الانتظار لفترة طويلة حتى صدور الحكم، نظرًا لكون القضية قضية رأى عام كبيرة، مطالبًا الهولنديين بالفخر بسيادة القانون.

وتعتبر وفقا لوسائل الإعلام الفرنسية، شهادة المتهم نبيل التى جاءت فى مئات الصفحات، هى الشهادة التى شكلت دليلا رئيسيًا و كنزًا ضخمًا لإدانة المتهمين، والتى كان من بينها العديد من الرسائل النصية المشفرة التى تم إرسالها بين أعضاء العصابة خلال الفترات الماضية، ومقابل تعاونه تم تخفيض الحكم على «نبيل» لمساهمته فى القتل من 20 إلى 10 سنوات.

أصول الجماعات الإجرامية

وتعتبر تلك الجماعات الإجرامية متفرقة، وتتكون فى الغالب من بلجيكيين وهولنديين من أصول مغربية بالإضافة إلى جماعات من جزر الأنتيل الهولندية، وأقليات من أصل سورينامى أو كاريبى، حيث دأبت المافيا على النشاط منذ أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات على الصعيد الدولى وتحديدا فى أمستردام بهولندا وبلجيكا.

وتتمتع المافيا بعلاقات تاريخية مع الكارتلات الكولومبية والمكسيكية، حيث تستورد منها المخدرات بانتظام سواء الكوكايين أو العقاقير المصنعة فى المختبرات، والتى يتم تصديرها عبر موانئ الجزيرة الخضراء فى إسبانيا والبرتغال وروتردام فى هولندا وأنتويرب فى بلجيكا، بمساعدة بعض أفراد الشرطة والجمارك والسياسيين الفاسدين،  حيث تتولى الجماعات توزيعها إلى بقية القارة الأوروبية، وبالتالى فهى تعد واحدة من أكثر المنظمات الإجرامية المهيمنة على سوق تجارة المخدرات فى أوروبا.

تهديد 

وكان قد عبر نائب المدير التنفيذى ليوروبول، الجنرال الفرنسى جان فيليب ليكوف، لصحيفة لو تيليجرام عن قلق وكالة التعاون الشرطى الأوروبية بشأن حجم أعمال العنف والتهديدات من «مافيا موكرو»، لافتا إلى حجم أعمال العنف والتهديدات التى تمارسها هذه المافيا المغربية الهولندية بنشر الخوف فى أوروبا، وخاصة فى هولندا؛ حيث تهدد بمهاجمة أعلى السلطات فى الدولة.

ووفقا للضباط فقد رسخت تلك مكانتها كأقوى قوة فى تهريب المخدرات فى شمال أوروبا، وهو الأمر الذى اعتبره بالمخيف، خاصة فى هولندا، حيث وقعت مؤخرا عدة حوادث عنف غير مسبوقة، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه المافيا ترسل تهديدات خطيرة تؤثر على السلامة الجسدية للأميرة أماليا، وريثة عرش مملكة هولندا ورئيس الوزراء مارك روته.

وما جعل هذه المنظمة مشهورة، بحسب وسائل الإعلام الفرنسية بشكل مروع لدى الرأى العام الهولندى هو الإغتيال المأساوى للصحفى الإستقصائى الشهير بيتر دى فريس فى يوليو 2021، وكان الأخير قد كشف هوية أعضاء مهمين فى هذه المنظمة، وقد تم الكشف فى عام 2014 عن وجود هذه المافيا بعد نشر الهولندى مارين شريفر رواية بعنوان «موكرو مافيا»، أوضح فيها نشأة هذا التنظيم من قبل عصابة من المغاربة الذين سرقوا محلات المجوهرات فى أمستردام.

اقرأ  أيضا : فى أمريكا.. مجرمو الشوارع يهددون الأبرياء فى كل الولايات والمدن

;