الدكتور محمد الزهار يكتب: ما بين مؤيد ومشكك.. هذه رؤية تحليلية في قرار تعويم الجنيه أمام الدولار

الدكتور محمد الزهار
الدكتور محمد الزهار

أثار قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة 6% وتعويم الجنيه ردود فعل واسعة. ففي الساعات الأولى للقرار خسر الجنيه ثلث قيمته ليساوي الدولار الواحد 50 جنيها في أغلب البنوك المصرية.

وأعقب القرار إعلان الحكومة المصرية إبرامها اتفاقا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار بدلا من 3 مليارت دولار.

وكان التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه المصري أبرز شروط صندوق النقد لمنح القاهرة القرض.

واعتبر المرحبون بالخطوة، أن القرار سيسهم في تحجيم التقلبات السعرية الحادة، لمعظم السلع والخدمات، بعد معاناة السوق المحلية منذ العام الماضي، مما عرف بظاهرة الدولرة وتسعير السلع بالدولار غير الرسمي، وهو ما زاد كثيرا من التضخم ومستويات الأسعار.

إلا أن المتشككين في جدوى التعويم، يعربون عن مخاوفهم، من أن تكون الدولة قد لجأت للتعويم، في ظل عدم امتلاك المصرف المركزي للسيولة الدولارية الكافية، لمستلزمات الاستيراد، ويرون أن على البنك المركزي المصري، أن يسارع بتوفير الدولارات للمستوردين، لقطع الطريق على ظهور السوق الموازية مرة أخرى، ولجوء المستوردين إليها.

وبشكل عام فإن الشارع المصري، يبدو في حالة ترقب، بعد خطوة البنك المركزي بالتعويم، وبعد معاناة طويلة مع الزيادة المفرطة في الأسعار، التي سماها البعض بالجاحفة، ويحدو المصريين أمل قوي، في أن تأتي الخطوة بثمارها فيما يمس حياتهم اليومية، عبر خفض التضخم وعودة الأسعار إلى مستويات معقولة.

ولو دققنا النظر من الناحية الموضوعية لوجدنا أن تحرير سعر الصرف وفقاً لبيان البنك المركزي يعني توحيد سعر الصرف، وهذه خطوة صحيحة اقتصاديا، وضربة موجعة للسوق السوداء، جرى اتخاذها باحترافيه وفي توقيت مناسب بعد توفير سيولة دولارية بأكثر من طريقة منها صفقة رأس الحكمة، متوقعا أن تقضي على السوق السوداء للعملات الأجنبية وتحديداً الدولار في أسرع وقت، وأرى أنها ترجمة عملية لتصريحات فخامة الرئيس عبد الفتاح لسيسي عندما قال" الدولار هيبقى تاريخ".

ومن أبرز أهداف القرار ضبط الأسعار، وجذب الاستثمارات الأجنبية، فالمستثمر الأجنبي يفضل أن تكون استثماراته في الدول التي يوجد بها سعر موحد للصرف، ويبتعد عن الدول التي يوجد بها أكثر من سعر للصرف، كما يهدف أيضاً إلى خفض التضخم، الذي يعد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، ويستهدف توفير سيولة نقدية كبيرة من العملات الأجنبية للقضاء على تراكم الطلب على النقد الاجنبي ضمن خطة إصلاحات اقتصادية، ولحماية متطلبات التنمية المستدامة، فالدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على قوة الاقتصاد المصري وتحويل أي محنة إلى منحة، وتعمل بجدية على إزالة معوقات الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الصناعة للقضاء على أي تحديات.

كما أن البنك المركزي يتدخل في سعر الفائدة لغرض اقتصادي وهو سحب السيولة، وكي لا يٌمكن تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار مرة أخرى، وأن التشديد النقدى مهم جداً كإجراء اقتصادي لإحداث نوع من التوازن في سعر الصرف، وهذا ما حدث بإصار شهادات ال٣٠٪ لمدة ثلاث سنوات لامتصاص السيولة، فهذه الخطوة كان لابد من اتخاذها لأن تأخير تحرير سعر الصرف يؤدي إلى اتساع الفجوة التمويلية الدولارية، لكن الأمر كان يتطلب الانتهاء من الاتفاقيات الخاصة بالتمويلات الأجنبية والقروض وتوفير حصيلة دولارية.

يذكر أن البنك المركزي المصري، قرر صباح الأربعاء الماضي ، في اجتماع استثنائي رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس ما يعادل 6% لتصل إلى مستويات 27.25%، وبحسب بيان رسمي، فإن لجنة السياسة النقدية ترى أن قرار رفع أسعار العائد الأساسية سيساعد في تقييد الأوضاع النقدية على نحو يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم،وذكرت اللجنة أنه سيتم الإبقاء على تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود.